| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

الأثنين 7/2/ 2011

 

الشبيبة العراقية تستعيد عافيتها ودورها النضالي

كاظم حبيب

بدأ الجليد بالذوبان... بشائر الربيع تبدو قادمة تحمل معها رياح التغيير لشعب العراق المعذب... بدأت الشبيبة العراقية المتحررة ذات النزعة الديمقراطية تتحرك من جديد, تستعيد عافيتها الفكرية والسياسية تدريجاً بعد أن غطاها شيء من غبار الزمن وعذابات السنين والموت والحرمان والفقر الفكري والانقطاع عن العالم الخارجي, ومن ثم الدعوات المثيرة للكآبة والحزن والبكاء لقوى سياسية لا تريد ان ترى البسمة والفرحة والنشوة على وجوه شبيبة العراق من البنات والأولاد. الشبيبة العراقية التي عرفناها تستعيد دورها النضالي وتدرك ما تريد وتتصدر مظاهرات أحياء كثيرة من بغداد والبصرة والانبار والديوانية والحمزة والموصل والسليمانية وكربلاء وبابل تحمل الخبز والفوانيس ومطالبة بالعمل والخبز والنور, مظاهرات يتصدرها الموظفون والمستخدمون وعمال يطالبون بأجورهم ورواتبهم غير المدفوعة, يطالبون بتحسين ظروف حياتهم ومعيشتهم. طلبة يحتجون على الظروف الصعبة في المدارس الثانوية أو غياب مستلزمات التعليم في الجامعات العراقية أو الأقسام الداخلية النتنة, عاطلون عن العمل وهم في عز الشباب, خريجون لا يجدون مجالاً للعمل .. وكفاءات لا تحتل مواقعها لأن الفساد الإداري والمحسوبية والمنسوبية والفساد المالي قرب الموالون وأبعد الأفضل منهم.

لقد حرك الشباب التونسي الذي قاد عملية التغيير في تونس وطرد من البلاد المستبد بأمره زين العابدين بن علي شر طردة واستقبلته السعودية التي يمكن أن يلجأ إليها محمد حسني مبارك لتكون مخبأ لكل الحرامية وسراق موارد وحقوق وحريات شعوبهم, الشبيبة المصرية المقدامة التي مرّ عليها اليوم الرابع عشر وهي تتظاهر في ميدان التحرير, اجبرت حكومة نظيف على الاستقالة, وهي في طريقها إلى إجبار مبارك على التنحي من رئاسة الجمهورية وتشكيل مجلس مستقل يدير شؤون الدولة المصرية لمدة عام من أجل وضع الدستور وإجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب والشورى وإرساء الحياة السياسية على أسس دستورية وديمقراطية وإعادة بناء المجتمع المدني الديمقراطي. هذه الشبيبة المقدامة في البلدين حركت شبيبة العراق وذكرتها بنضالاتها السابقة في سبيل الحرية والحياة الكريمة والديمقراطية وفي سبيل بناء مستقبل أفضل للعراق على أنقاض نظام الدكتاتوري الأهوج صدام حسين ومن ثم على انقاض النظام المحاصصي الطائفي في العراق وإعادة الاعتبار لهوية المواطنة بدلاً من الهويات الفرعية القاتلة. الشباب العراقي من النساء والرجال يتحركون اليوم وسيسارعون الخطى ليمارسوا دورهم في الحياة العامة وفي عملية التغيير المنشودة في العراق, عملية البناء والتنمية وإقامة المجتمع المدني الديمقراطي.

لا بد للشبيبة العراقية من عملية تنسيق عبر المواقع الإلكترونية الحديثة, عبر الفيسبوك للتعرف على بعضهم والتداول بالشأن العراقي العام وتنظيم صفوفهم وبلورة مطالبهم, مطالب الشعب, في شعارات اقتصادية واجتماعية وبيئية تمس حياة الشعب اليومية, تمس طعامه وعيشه وأمنه اليومي وصحته, تشمل التحري عن العمل والخبز والنور أو الكهرباء الغائب طويلاً وكل يوم عنهم. الشبيبة القادرة على استخدام التقنيات الحديثة ستجد لغتها المشتركة وستلتقي لترفع رايات ومشاعل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية الغائبة عن المجتمع والفساد القاتل المهيمن على الدولة كلها.

ولكي يتجنب الشبيبة تعدد القيادات في حالة تنظيم المظاهرات والاحتجاجات والإضرابات في أنحاء العراق, كما يبدو اليوم في مصر, رغم أن الشبيبة المصرية استطاعت أخيراً, وبعد صدور بيانها الجديد, على توحيد القيادة لكي لا تسلب منها من جانب الأحزاب التقليدية المستعدة للمساومة في كل لحظة مع النظام المصري على حساب حركة الشباب الطليعية.

إن المظاهرات المنفردة المنطلقة في أنحاء كثيرة من العراق تستوجب التنسيق والتخلص من العفوية, إذ أن المشكلات متفاقمة والأحزاب الحاكمة تغوص يوماً بعد يوم في مستنقع الصراع في ما بينها على السلطة والمال والجاه, وهو الذي ترفضه الشبيبة العراقية المتطلعة لإقامة نظام ديمقراطي حر وعادل وبعيد عن الطائفية المقيتة والتمييز الديني والخيمة الفكرية الواحدة.

لقد التقى المسلم بالمسيحي في ميدان التحرير في القاهرة وأكدا من جديد تأخيهما التاريخي باعتبارهم أجزاء اصيلة من الشعب المصري مؤسس واحدة من اكبر وأغنى حضارات العالم ومن أكثرها رقياً خلال العصور الغابرة والمتطلع لبناء حياته الجديدة الحرة والديمقراطية والكريمة والمشاركة مع شعوب العالم في بناء حضارة الإنسان الحديث. وهكذا ستلتقي الشبيبة العراقية من مسلمين ومسيحيين وصابئة مندائيين وإيزديين, من عرب وكُرد وكُرد فيلية وتركما وكلدان وآشوريين وسريان ومن مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية غير الفاشية وغير الطائفية المتآخية لتعبر عن غضبها على السياسات التي تمارسها الحكومة العراقية برئاسة المالكي التي توجه نيرانها عبر شرطة الشغب إلى صدور المواطنين الأبرار كما حصل في البصرة والديوانية حيث استشهد العديد منهم. وقد نسى نوري المالكي "إن الدم ينزف دماً ..", كما قال الشاعر الجواهري الكبير!

إن الشبيبة العراقية التي لا تحمل السلاح ستجبر حكام العراق الحاليين على التخلي عن سياساتهم الراهنة أو ترك الحكم لمن يستطيع قيادة الشعب بدون تلك الإيديولوجيات الشمولية والقمعية التي تحملها قوى الإسلام السياسية أو القومية الشوفينية.

لنحيي طلائع الشباب الناهض, ولنحيي مسيرته في طليعة المظاهرات المتصاعدة والمتسعة في مدن العراق, لتتحول تدريجاً إلى كافة مدن العراق وخاصة بغداد معبرة بذلك عن طموحات الشعب وحاجاته وحياته الحرة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعيش بكرامة وأمن وسلام. ليتشكل منها نهراً جارفاً كل من يقف في الطريق معرقلاً تحول العراق صوب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل والتنمية والعدالة الاجتماعية والأمن والسلام.
 

 

7/2/2011

 

 

free web counter