| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

 

السبت 6/5/ 2006

 

 



أربيل ولقاء أسبوع المدى الثقافي العراق!

 

كاظم حبيب

كانت أربيل ولمدة أسبوع كامل حافلة بالنشاط والحيوية الثقافية. التقى فيها المئات من المثقفين العراقيين من الداخل والخارج, إضافة إلى مجموعة من الشخصيات الثقافية العربية من النساء والرجال قدموا من عواصم الدول العربية, ناقشوا معاً في جو ربيعي منعش وموضوعي عدداً كبيرا من الموضوعات التي كانت وما تزال وستبقى تشغل بال شعوب منطقة الشرق الأوسط, إنها القضايا الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ومشاكل الحياة اليومية للناس وقراءات شعرية وندوات واسعة وحفلات غنائية وموسيقية متميزة. كان لقاء جمهرة كبيرة من المثقفات والمثقفين العراقيين في مدينة أربيل, عاصمة كردستان العراق, بحد ذاته عملاً كبيراً, إذ كان اللقاء بين أصدقاء باعد بينهم النظام الاستبدادي وواصله الإرهاب الدموي الجاري على أرض الرافدين جميلاً ومؤثراً ونافعاً في آن. كما كانت اللقاءات مع المسؤولين في كل من أربيل والسليمانية مفيداً لمعرفة الكثير من اتجاهات التطور في السياسية العراقية وفي موقع كردستان العراق من هذه السياسة واتجاهات التطور.
ففي إحدى قاعات فندق شيراتون بأربيل التقى المثقفون السياسيون يتحاورون حول السياسة والثقافة ودور المثقفين في الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية ويشخصون المشكلات التي تواجه الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط, بسبب غياب الديمقراطية عن الحياة العامة وغياب المؤسسات الدستورية أو شكليتها, أو بسبب وجود بعض الدكتاتوريين المهيمنين على السلطة.
وفي قاعة أخرى كان حوار الاقتصاديين حول الديون الخارجية والتعويضات للدول التي تحملت خسائر بسبب حروب النظام الاستبدادي, وإشكالية غسيل الأموال وتحميل الاقتصاد العراقي المزيد من الخسائر أو الفساد المالي, حول الواقع الاقتصادي الراهن وعجز الحكومات المؤقتى المتعاقبة عن إنجاز مهمات توفير الخدمات للشعب بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام والعوائق التي تمنع الوصول إلى ذلك, إضافة إلى مناقشتهم لواقع وآفاق تطور التنمية الاقتصادية والبشرية في أجواء يفترض أن تسودها الشرعية الدستورية والقوانين الضابطة لحركة الاقتصاد الوطني في ظروف العولمة الموضوعية وما تستوجبه من ولوج فعلي فيها للاستفادة منها لصالح التطور والتقدم في العراق وتجنب السلبيات الحادة التي يمكن أن تلحق باقتصاد البلدان النامية بسبب التخلف الذي تعاني من اقتصاديات هذه البلدان والفجوة الكبيرة بينها وبين اقتصادات الدول المتقدمة صناعياً وعلمياً وتقنياً, أي تلك التي دخلت الثورة العلمية والتقينية, ثورة المعلومات (ألنفوميديا), من أوسع أبوابها من جهة, وتلك الدول التي ما تزال تقبع خلف جدران التخلف, ورغم ذلك تخشى الخروج إلى فضاء الحرية والتقدم من جهة أخرى.
وفي صالة كبيرة التقى الشعراء المحدثون يشنفون أسماع المشاهدين بقصائد شعرية رقيقة ومنعشة تنطلق من حنجرة فنان مبدع عديد المواهب والإمكانيات, من حنجرة أتعبها الزمن وأحداثه, حنجرة الصديق الفاضل محمد سعيد الصكار, أو من حنجرة شاعر مبدع آخر عديد المواهب يروي لنا عبر شعره حكايات بغداد الجميلة وشخصياتها وأجواء بغداد في الخمسينيات, أو نسمع كلمات مدير الندوة وهو يتحدث بلغة شعرية جميلة وروية صادقة عن شعر هؤلاء أنه الزميل المبدع السيد علي بدر.
وفي قاعات أخرى وأمسيات أخرى انطلقت أصوات المغنية الوحيدة والمغنين العراقيين المبدعين من أجيال مختلفة للتنشد أغاني الحب والجمال والحياة والسلام للعراق الجديد, أصواتاً عرفنا بعضها وبعضها جديد, أصوات أمل خضير وسعدون جابر وكريم منصور وعبد فلك وجعفر حسن وطالب غالي. وعلى تلك الأنغام والأصوات الشجية والمحركة للمشاعر انطلقت الشبيبة الكردية الجميلة المتفائلة بالحياة لترقص للحب والجمال اللحياة الجديدة في كردستان العراق, إنها مليئة بآمال التطور والتقدم لشعب عانى المرارة والحرمان والقهر والتعسف والموت على أيدي مستبدين مجرمين طوال عقوقد وعقود, عانى الفقر والخراب والحروب والمقابر الجماعية, ويعمل اليوم ليسترد عافيته وينظم حياته ويطور اقتصاده ويحسن ظروف عيشه.
لقد كان المهرجان رائعاً وكانت الأيام جميلة, أعادت لبعضنا من الشيوخ شبابه واججت مشاعر الشباب المشارك. والفضل في ذلك يعود للمضيفين, للمسؤولين في إقليم كردستان قيادة ومثقفين وشعباً, الذين بذلوا كل الجهد ليوفروا أفضل الظروف لنجاح لقاء أسبوع المدى الثقافي الذي يعقد لأول مرة على أرض كردستان العراق, والفضل يعود للرجل الذي صمم على عقد هذا اللقاء في أربيل بالرغم من كل الظروف المحيطة بالعراق ليجمع ويوحد صفوف مثقفي الداخل والخارج ويجدد التلاحم والتفاعل وتبادل الخبرة بينهم, إنه رئيس مجلس السلم والتضامن ورئيس مؤسسة المدى للثقافة والإعلام, للصديق فخري كريم, والفضل يعود للشبيبة المنظمة التي بذلت المستحيل لإنجاح هذا اللقاء, يعود للسيدتين الغادتين, غادة جوني وغادة العاملي, وللسادة هيثم وقاسم وعبد الزهرة ...الخ, إذ لولا هؤلاء وجهدهم الكبير والمضني لما نجح اللقاء. والفضل يعود أخيراً للمشاركات والمشاركين في هذا اللقاء الحافل بالكثير من الأعمال الإبداعية, بما في ذلك معارض الفن التشكيلي والفوتوغراف والمسرح والسينما والشعر الشعبي.
وأخيراً, لا شك في أن المنظمين والمشرفين على هذا اللقاء قد تبينوا الجوانب الإيجابية في أيامه السبعة وتلمسوا بعض النواقص التنظيمية التي عطلت مشاركة الكثير من المثقفات والمثقفين الكرد أو من القوميات الأخرى المتآخية في العراق وكردستان العراق والتي لها ثقافاتها الخاصة ودورها في الحياة الثقافية العراقية, خاصة وأن مثل هذه اللقاءات الثقافية المتميزة تسمح بتلاقح جدي وفعال بين الثقافات العراقية المتعددة, أو تزامنت مع مؤتمرات كردستانية أخرى خلقت التباسات غير مقصودة, أو عدم طبع الأبحاث والمداخلات وتوزيعها على المشاركين قبل بدء اللقاء. وأنا واثق تماماً بأن منظمي هذا اللقاء سيسعون إلى تلافي تلك النواقص وتكريس وتطوير الإيجابيات الكبيرة في اللقاءات القادمة.
شكراً وألف شكر لمنظمي وممولي هذا اللقاء, وشكراً لمن ساهم في إنجاحه.

أربيل/ كردستان العراق في أوائل أيار /مايس