موقع الناس     http://al-nnas.com/

التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ومهماته الفعلية؟

 

كاظم حبيب

الأربعاء 3/5/ 2006

تصلنا منذ فترة غير وجيزة رسائل كثيرة من أصدقاء كرام أيدوا مهمات "التجمع العربي لنصرة القضية" ووضعوا أسماؤهم ضمن المجموعات الراغبة في دعم قضية الشعب الكردي والساعية إلى العمل في إطار هذا التجمع, كما استفسر البعض الآخر مباشرة من أعضاء الأمانة العامة, ومنهم الأستاذ الفاضل زهير كاظم عبود, عن مسألتين, وهما:
1. لم لا يضع التجمع برنامجاً عملياً ملموسا لدعم القضية الكردية على صعيد المنطقة؟
2. وكيف هي علاقتنا بالقيادات الكردية, وهل يبدي المسؤولون الكرد في كردستان العراق اهتماماً بهذا التجمع, أم أنهم يعتقدون بأن مهمة التجمع قد انتهت بحصول كردستان العراق على الفيدرالية؟
وبصد المسألة الأولى كنت قد كتبت منذ فترة غير قصيرة رسالة جوابية عن سؤال وجهه الأستاذ الفاضل صلاح بدر الدين (وهو مثقف وسياسي كردي يعمل في قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا ويدير مؤسسة كاوة للثقافة والإعلام) حول مهمات التجمع حيث أشرت فيها إلى الغاية الرئيسية من تشكيله وأكدت, باسم الأمانة العامة, أن نشاط التجمع لا يقتصر على المهمات المباشرة التي تمس الوضع في كردستان العراق فحسب, بل يمتد إلى جميع أجزاء كردستان الأخرى, أي دعم النضال الذي يخوضه الشعب الكردي في كل من كردستان الشرقية الواقعة ضمن حدود الدولة الإيرانية وكردستان الغربية الواقعة ضمن حدود الدولة التركية, إضافة إلى دعم نضال الكرد في سوريا للحصول على حقوق المواطنة والحقوق الثقافية والأدارية, حتى أن الكثير منهم لم يمنح حتى الآن الجنسية السورية ...الخ.
من المعروف أن أعضاء التجمع موزعون على دول كثيرة في سائر أنحاء العالم. ففي التجمع مثلاً جمهرة كبيرة من الأعضاء والمؤازرين العرب الذين يعيشون في العراق أو في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا وكذلك في الدول العربية وفي دول منطقة الشرق الأوسط, وهم من الناس الديمقراطيين الذين تبنوا المسألة الكردية باعتبارها قضية عادلة من جهة, ومشروعية نضال الشعب الكردي في هذه الأجزاء من كردستان الموزعة على أربع دول, من أجل تحقيق الأماني والطموحات من جهة أخرى.
وفي مثل هذه الحالة ليس سهلاً وضع برنامج عملي للنشاط التضامني المباشر, إذ يتطلب ثلاثة مستلزمات, وهي:
1. كوادر شابة متفرغة للعمل في مكتب يعتبر مركزاً لهذا التجمع, كأن يكون في أربيل أو السليمانية أو السويد, على سبيل المثال لا الحصر.
2. أن يكون له موقع يعلى الإنترنيت يستطيع إيصال صوت التجمع إلى من يهمه أمر التضامن مع الشعب الكردي في أقاليمه المختلفة.
3. أن تتوفر له علاقة مناسبة مع المنظمات غير الحكومية العاملة في كردستان أو خارجه.
وكل هذه المستلزمات غير متوفرة حالياً. ومما يزيد الأمر صعوبة عدم وجود علاقة متواصلة وسليمة بين التجمع والمسؤولين في كردستان العراق أو المنظمات المهنية والمنظمات غير الحكومية لتأمين وضع برنامج عملي يمكن تنفيذ بنوده فعلاً. كما أن جميع أعضاء الأمانة العامة يعملون وينهضون بأعباء المهمة بصورة تطوعية ويفترض أن يستمروا على هذا الأساس باعتبارهم وجوه معروفة تريد خدمة القضية بالأساس لمشروعيتها وعدالتها من جهة, ولكنهم غير متفرغين لمثل هذه المهمة الكبيرة من جهة أخرى.
أدركنا بواقع ضعف الاهتمام بهذه المسألة, وكأن مهمة هذا التجمع قد انتهت, في حكين أننا نرى أنها قد بدأت الآن وتسوجب تكثيف النشاط وتعزيز دورها وخاصة في أوساط المجتمعات في الدول العربية ومع العرب في العراق من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية ومن مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية.
ندرك بأن القوى الكردية المناضلة في كل من كردستان إيران وكردستان تركيا تعيش في ظروف صعبة, وتقع على عاتقنا تقديم التأييد لهذا النضال عبر البيانات وتنظيم الاجتماعات والندوات أو نشر المعلومات حول ما يلاقيه هؤلاء المناضلون الكرد في هاتين الدولتين وفي سوريا أيضاً من اضطهاد وقمع وتغريب.
وندرك أيضاً أن ما تحقق في العراق يحتاج إلى تكريس وتعزيز من خلال النضال الدؤوب لنشر الوعي بالقضية الكردية في أوساط المجتمع العراقي وكسب المزيد من الأصوات التي تؤيد حق تقرير المصير للشعب الكردي, بما في ذلك الفيدرالية الكردستانية, وإعادة الثقة المتبادلة بين العرب والكرد وبقية القوميات في العراق, إذ أن هناك الكثير من الدلائل على غياب الثقة المتبادلة بين الناس الكرد والعرب. ففي ندوة كنت أحد المشاركين فيها مع الأخ الدكتور قيس العزاوي في فضائية كردستان تي في, أعلن أحد المشاهدين المتحدثين إلى أنه لا يثق بأن هناك عربي واحد يريد منح الكرد حقوقهم المشروعة وأنالعرب لا يريدون منح الشعب الكردي حق تقرير المصير أو تعزيز الفيدرالية, وأن ما يقومون به مجرد رياء كاذب. هذا الطرح مفهوم جداً من جانبي ومن جانب الدكتور قيس العزاوي ومن آخرين من العرب أيضاً, لأننا ندرك المآسي والكوارث التي تعرض لها هذا الشعب الكردي في إقليم كردستان العراق على ايدي النظام الدكتاتوري, إذ راح ضحيتها مئات الألوف من الناس الكرد الأبرياء بسبب مطالبتهم بحقوقهم المشروعة. وهذا الواقع يحتاج التجمع إلى عمل كبير ومكثف لكي يستطيع أن يكسب إلى جانبه المزيد من المساندين والمؤيدين والأعضاء لكي يغير هذا الشعور لدى جمهرة كبيرة من الكرد إزاء جميع العرب. إن مهمة الحفاظ على فيدرالية كردستان العراق وحق تقرير المصير وجعلها ضوءاً مشعاً على بقية أجزاء كردستان وعاملاً جاذباً لنضال سلمي وديمقراطي لتكريس الحقوق ما تزال قائمة وستزداد أهميتها لا حقاً بفعل الوضع الجاري والاستثنائي الذي تعيشه المنطقة.
أما بصدد المسألة الثانية فأن عملنا لا يستهدف كسب ود المسؤولين أو رضاهم أو التقرب إليهم, فهي ليست ضمن برنامج عملنا ولا تشكل جزءاً من تفكيرنا, بل أن مهمة التجمع هو كسب أكبر عدد من المثقفين العرب, ومن الناس الطيبين إلى جانب القضية الكردية أولاً, وإقناع المزيد من الكرد بأن هناك الكثير من العرب الطيبين يقفون إلى جانبهم ثانياً, وأن نضالنا المشترك هو الضمانة الحقيقية لتكريس الديمقراطية في العراق والفيدرالية او حق تقرير المصير للشعب الكردي بشكل عام. وقد تلمست شخصياً هذا الموقف الودي من قبل الكثير من المواطنات والمواطنين الكرد البسطاء والمثقفين في كل من أربيل والسليمانية حيث يقدرون عالياً دور التجمع المتواضع في هذا الشأن. وهو ما نسعى إليه ونهتم به. كما أن عقد لقاء أسبوع المدى الثقافي في أربيل وفي جزء منه في السليمانية يعبر عن اهتمام المسؤولين الكرد بالمثقفين العرب من العراقيين وفي الدول العربية بأمل فتح حوارات مفتوحة حول القضايا المشتركة ولإزالة الالتباسات في موقف العرب من القضية الكردية.
لا نستطيع ولا نريد أن نفرض على المسؤولين الكرد إيلاء اهتمامهم الخاص بهذا "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية", فقد نشأ بمبادرات من أعضاء التجمع ويفترض أن يستمر في أداء مهماته على أفضل وجه ممكن دون أن ينتظر شكراً أو اهتماماً, إذ أن أهمية التجمع هي أن يكسب ثقة العرب للعمل معه من جهة, وثقة الشعب الكردي بأن بين العرب من هم مقتنعون بحق الأمة الكردية عموماً والشعب الكردي في أقاليمه المختلفة خصوصاً في انتزاع حقوقه المغتصبة منذ عشرات السنين.
وخلال الفترة القادمة سنطرح برنامجاً متواضعاً حول نشاط التجمع ونسعى إلى تنفيذه وسنحاول أن ننسق ذلك مع منظمات كردية غير حكومية ونأمل أن يجد التأييد والدعم من الأعضاء والمؤيدين والمؤازين بعد أن ننشر البرنامج للمناقشة وإبداء الرأي بشأنه ثم إقرار صيغته النهائية للعمل بموجب ذلك.
إن مواقع تنفيذ النشاطات متعددة, بعضها يمكن أن يتم في كردستان العراق حيث توجد حرية الحركة والتنظيم للفعاليات المشتركة مع منظمات غير حكومية أو مؤسسات رسمية, وبعضها الآخر يتم في الدول الأخرى عبر إلقاء المحاضرات وعقد الندوات والمؤتمرات, وبعضها الثالث يتم عبر النشر الإعلامي والثقافي حول المسالة الكردية. وبالتالي يمكن أن يتضمن البرنامج فعاليات بهذه الاتجاهات, ونأمل أن يناقش حال طرحه من جانب جميع المهتمين بالمسألة الكردية من عرب وكرد وغيرهم من المواطنين.