| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

الأحد 31/10/ 2010

 

ألا تثير الوثائق السرية
الفزع والقلق بسبب سلوكيات العنف والقسوة السائدة في العراق؟

د. كاظم حبيب
 

كلما غاص الإنسان في مطالعة المزيد من الوثائق السرية الأمريكية حول العراق التي نشرت في موقع ويكليكس الإلكتروني في نهاية الأسبوع الماضي, إزداد شعوره بالألم والقرف والفزع واشتد غضبه لما كان أو لا يزال يحصل في العراق من سلوكيات تميزت بالقسوة الشرسة والاستهانة بالإنسان وحقوقه وكرامته وتجاوزت حدود المعقول وقدرة الإنسان على تخيل وجود قوى قادرة على استخدام مثل هذه الأساليب الشريرة في التعذيب وتحطيم الإنسان وكرامته والقتل بدم بارد , من قوى شريرة تنتمي لقوى إسلامية سياسية من مختلف الأطراف, على وفق ما جاء في تلك الوثائق. ويقف الإنسان مبهوتاً أمام الأساليب الوصفية التي كتب بها الجنود والضباط الأمريكيون تلك التقارير وتفصلياتها وكأنهم يتحدثون عن وقائع عادية, بعضها كانت أحداثه المريرة وقتل البشر على مدى 24 ساعة في اليوم دون توقف, كما ورد ذلك على عمليات نفذها ميليشيات جيش المهدي بالتعاون مع أجهزة وزارة الداخلية في فترة حكومة الجعفري.
تقارير متنوعة كلها تبحث في جرائم ارتكبت في العراق بين 2004 و2009 وحصيلتها عشرات ألوف القتلى وأكثر من ذلك من الجرحى والمعوقين والمشوهين , وأكثر من ذلك هم الذين يعانون من صدمات حادة تبرز في كوابيس خانقة لا تنتهي نتيجة تلك الأحدداث. لقد كانت ضحايا عامي 2006 و2007 من القتلى وحده 35026 و35763 شخصاً على التوالي, في حين بلغ مجموع قتلى السنوات بين 2004-2009 109032 نسمة.
يقف الإنسان حائراً أمام وقائع هذه الوثائق ويتساءل مع نفسه: هل حقاً يمكن أن يتحول عدد كبير من أبناء الشعب العراقي, هذا الشعب الذي كان ضحية للاستبداد والعنف والقسوة طيلة خمسة وثلاثين عاماًً في ظل حكم البعث وصدام حسين, إلى جلادين لا يختلفون عن جلادي صدام حسين ونظامه بأساليبهم في التعذيب ومسخ الإنسان في أثناء التحقيق أو عند الاعتقال أو في السجون وبعد صدور الأحكام أو قتلهم بأبشع أساليب القتل قبل أن تجري لهم اية محاكمات؟
هل يمكن أن يتحول الضحية إلى جلاد من هذا النوع؟ هل يمكن أن تساهم التربية الإسلامية بخلق أناس يمتلكون القدرة على التحول من ضحايا إلى جلادين ليمارسوا قتل الإنسان تحت التعذيب وكأن القتلة يمارسون تسلية محببة إليهم, فهم يلهون بحرق الجسم بأعقاب السجائر, ويدخلون القازوق في خلفية المعتقل أو يستخدمون الأجهزة الكهربائية ضد قضيب الفرد والمناطق الحساسة الأخرى, أو يقلعون أطافر اليدين والقدمين أو يهشمون جمجمة الإنسان أو يصبون عليه الماء الساخن بدرجة الغليان, أو يشدون قضيبه بحبل ويجروه أو يغتصبوه جنسياً؟
كم هو مريع أن نقرأ كيف تسربت الأحزمة الناسفة للإنتحاريين من سوريا إلى العراق وعدد الذين تسللوا من سوريا إلى العراق عبر سنجار, وكم هي الأسلحة الفتاكة وأنواعها التي ضبطت وهي مهربة من إيران إلى ميليشيات جيش المهدي أو غيره من ميليشيات القتل والتخريب.
لقد جاءت التقارير حاملة اتهامات إلى قوى القاعدة وتنظيمات البعث وهيئة علماء المسلمين أو غيرها بالقتل والتخريب من جهة, واتهامات أخرى موجهة إلى ميليشيات جيش المهدي وفيلق بدر وغيرها من القوى التي شكلت ميليشيات لها ولم تعلن عن وجودها بممارستها القتل والتخريب أيضاً, ولكنها تحمل اتهامات إلى الحكومة العراقية وإلى الأجهزة الحكومية التي كانت مهمتها حماية الشعب من الإرهابيين وليس المشاركة بالإرهاب والقتل بسبب علاقاتها المتعددة بالقوى التي مارست الإرهاب.
إن الوثائق المنشورة تحمل في طياتها اتهامات خطيرة لكل الأحزاب الإسلامية السياسية العاملة والحاكمة في العراق دون استثناء, كما تحمل اتهامات خطيرة إلى سياسيين بعينهم, سواء بشكل مباشر أم في فترة وجودهم على رأس الحكومة, وكذلك اتهامات موجهة إلى كل المليشيات الطائفية المسلحة التي كانت أو لا تزال تعمل في البلاد, إضافة إلى اتهامات خطيرة للقوات الأمريكية والفرق الأمنية المرتزقة التي عملت في العراق. وأن هذه الاتهامات لا يمكن أن يحقق بها من هو موض اتهام بممارسة تلك الأفعال الشريرة, سواء أكان فرداً أم حزباً أم كتلة سياسية أم فريقاً عاملاً في الحكومة العراقية أو الأمريكية, بل يفترض أن تقوم الأمم المتحدة بهذا التحقيق الذي يفترض أن يكون نزيهاً وشاملاً للفترة الواقعة بين نيسان 2003 وإلى نهاية التقرير ويمكن مد التحقيق إلى الوقت الحاضر 2010, من خلال تشكيل لجنة من شخصيات مستقلة مختصة بشؤون حقوق الإنسان والجريمة السياسية المنظمة والتعذيب لكي يقدموا لنا صورة واقعية لما كان يجري في العراق خلال الفترة المذكورة, رغم وجود معلومات غير قليلة بهذا الصدد.
نحن أمام جرائم بشعة, مارسها صدام حسين وطغمته للخلاص من خصومه ومعارضيه السياسيين, تكرر استخدام البعض من تلك الأساليب بعد زوال نظامه من قوى سياسية كانت تدين تلك الأساليب وتطالب بالخلاص من ذلك النظام. والآن يجري في العراق ما كان قد أدين سابقاً, وعلينا أن لا نقبل به ونرفضه جملة وتفصيلا.
علينا رفع الصوت للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيقة دولية من أجل الكشف عن المذنبين بدون رحمة, لكي لا يأتي إلى الحكم من مارس أو قرر أو وافق على استخدام تلك الأساليب القذرة في حكم العراق بعد سقوط الدكتاتور ونظامه الدموي.
 


 28/10/2010

 

 

free web counter