| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 30/8/ 2011


 

عبء انتصارات الربيع العربي على نوري المالكي ثقيل!!

كاظم حبيب 

لأول مرة تشعر شعوب الدول العربية باستعادة كرامتها الإنسانية المهانة من حكامها المستبدين والرجعيين والمتخلفين والنصابين حين استطاعت أن تنزع عن جلدها ثوب الخوف من المستبدين وجلاوزتهم وتقول لهم بشجاعة: لا وألف لا, كفاكم ظلماً واستهتاراً بحياتنا واستباحة لأموالنا ةتدمسؤاً لمستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة. لقد استأسدتم على أهلنا كالثعالب الماكرة وبنيتم من بلداننا سجوناً كبيرة نعاني فيها من الظلمة والظلم.
لقد استطاع الشعب التونسي أن يتخلص من المستبد بأمره وعائلته ويواصل مسيرة التغيير الديمقراطي, وكذا الحال في مصر, وها هي ليبيا تطيح بآخر معاقل القذافي وعائلته الشريرة وتضع الحكم بيد الشعب. وما يزال الشعب في اليمن وكذا الشعب في سوريا يقدمان المزيد من التضحيات على طريق النضال من أجل انتزاع الكرامة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان من أعداء هذه المثل والمبادئ السامية.

هذا النضال البطولي للشعوب في الدول العربية بعد اضطهاد وسكوت طويل, هذه الانتفاضات المقدامة التي أعلنت بداية مرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, هذه المظاهرات الشبابية والشعبية التي أطلق عليها بربيع الشعوب في الدول العربية والتي تطالب بحقوقها المشروعة, سواء أكانت في تونس والقاهرة والإسكندرية, أم في صنعاء وعدن وأبين, أم في درعا وحمص وحماه واللاذقية ودمشق, يشكك بكل ذلك رئيس وزراء العراق ورئيس حزب الدعوة الإسلامية والقائدم العام للقوات المسلحة.. , وألقابه لا تقل عن ألقاب الذي "حفظه الله !", ويدعي إنها تقدم أكبر خدمة لإسرائيل وأعداء الدول العربية. وإن هذه الاحتجاجات تريد شق وحدة الدول العربية والصف الوطني, وإنها شبيهة بما مارسته معاهدة سايكس-بيكو في العام 1916. ما السبب الذي جعل المالكي يعطي مثل هذا التصريح العدائي ضد الانتفاضات الشعبية؟ هل هو الخوف من أن يمارس الشباب والشعب في العراق نفس الوجهة في النضال للخلاص من الأوضاع المزرية والموت اليومي والفساد التي يعيش تحت وطأتها؟ هل يمارس بتصريحاته ضد هذه الانتفاضات والمظاهرات, تماماً كما مارس قبل ذاك الإساءة لمظاهرات الشبيبة والشعب في العراق في 25 شباط/فبراير 2011 وما بعدها حين اتهمها بتهم باطلة بل وكاذبة؟

يبدو لي ومن دون الدخول في التفاصيل أن هناك عدة عوامل جوهرية دفعت هذا الرجل إلى إطلاق تلك التصريحات الخائبة, وهي:
1. إن الذهنية أو العقلية التي يحملها نوري المالكي تعود لقرون خلت وليس لعقود, لماض سحيق فكراً ونهجاً ووجهة, وإلا لما استطاع أن يتهم حركات شعبية مطالبة بحقوقها من حكام مستبدين لا يختلفون كثيراً من حيث المبدأ عن صدام حسين بتلك العبارات السيئة.
2. وإن الرجل يردد تماماً كما كان الحكام المستبدون السابقون يدعون بأن أي حركة شعبية احتجاجية هي "أكبر خدمة لإسرائيل" بل كانوا وما زال البعض منهم يفرضون الأحكام العرفية (حالة الطوارئ) بذريعة التصدي للعدو الإسرائيلي.
3. وأن يعبر عن الخوف والخشية من تطور الانتفاضات في تلك الدول العربية وانتقال نموذجها الناجح إلى العراق والتي تجد تعبيرها في المظاهرات الاحتجاجية العراقية على الأوضاع المزرية والمطالبة بتغييرها. وبالتالي يمكن أن تكنس بدربها من يرفض الاستجابة لمطالب الشعب ويكف عن ممارسة الطائفية السياسية والفساد السائد ويعجز عن مكافحة الإرهاب ...الخ.
4. ولكن العامل الأكثر أهمية يبرز في خشيته من النتائج التي تترتب على مثل هذه الانتفاضات الشبابية والشعبية. فهي لا تقود إلى طرد الحكام وإسقاط النظم السياسية القائمة ومحاكمتهم فحسب, بل وتؤدي إلى نشر الحرية والحياة الديمقراطية واحترام وممارسة حقوق الإنسان والحياة الدستورية والتعددية الفكرية والسياسية والالتزام بهوية الوطن والمواطنة والتداول الديمقراطي البرلماني للسلطة. وإذ يأخذ المالكي بالديمقراطية كوسيلة للوصول إلى السلطة, فهو لا يمارسها الديمقراطية أبداً كفلسفة لدولة اتحادية ونظام سياسي ديمقراطي. فهو ينتمي لحزب ديني إسلامي سياسي لا يعرف برنامجه ومنهجه الفكري الديمقراطية وحقوق الإنسان.

لقد برهن المالكي بهذه التصريحات على إنه لا يختلف عن الحكام الآخرين في الدول العربية بل يفوقهم فجاجة حين قدم تلك المطالعة السياسية المناهضة لهذه التظاهرات التي لم يجرأ على المس بها غيره من الحكام المستبدين.
كما برهن المالكي على جهل فكري وسياسي عميق, إذ ما صرح به لا يقع في خانة تباين في وجهات النظر بل في خانة عدم فهم وتفسير خاطئ لأحداث تاريخية, كما شخصها الكاتب الأستاذ جاسم المطير بشأن (اتفاقية) معاهدة سايكس-بيكو بين بريطانيا وفرنسا ومباركة روسيا القيصرية لها في العام 1916 بشأن توزيع أسلاب الدولة العثمانية عند نهاية الحرب العالمية الأولي في ما بينهما.

كما برهن المالكي بهذا الخطاب الفج على خشيته الشديدة وتشبثه المتواصل والمرضي بالسلطة السياسية في العراق, وليكن بعدها الطوفان!
لقد استحى حتى موقعه الإلكتروني, الذي قال مرة عن كل المواقع, بما فيها موقعه منذ ثلاثة أعوام, بأنها "مكب نفايات", من إعادة نشر نص كلمته التي ألقاها في اجتماعه يوم 19/8/2011 مع كوادر نسائية عراقية.

إن مضمون خطابه الجديد يعتبر من أسوأ التصريحات والخطب الكثيرة التي أطلقها نوري المالكي بعد تلك التصريحات السيئة له الي صرح بها في الأيام التي سبقت مظاهرات 25/2/2011. ولم يلتزم رئيس حزب الدعوة بكلمة الإمام علي بن أبي طالب حين قال:
" ليت لي رقبة كرقبة البعير لأهضم كلامي قبل أن أخرجه ".

 

23/8/2011
 

 

free web counter