| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

الأربعاء 29/12/ 2010

 

لا خشية من المؤمنين الصادقين الصالحين, بل الخشية كل الخشية من المتشددين بالإيمان نفاقا!

كاظم حبيب

المؤمن بالله ورسوله والصالحين من الأولياء وبقناعة تامة لا يشغل نفسه بملاحقة الناس في إرادتهم الحرة وحرياتهم العامة والفردية, بل يهمه أن تكون له علاقة حميمية مع ما يؤمن به وأن يبشر بالخير والعدالة الاجتماعية وخدمة الناس, ولا يشغل نفسه بالحكم وبالسياسة إلا بقدر ما يمنع نشوء الاستبداد في البلاد والقمع والقهر لإرادة وحرية وحياة الفرد والمجتمع.

المؤمن إيماناً صادقاً بالله ورسوله هو من سَلِم الناس من يده ولسانه, ومن ابتعد عن التدخل في شؤون الأفراد والعائلات, ومن رفض إصدار الأحكام بحق الأديان والمذاهب الأخرى أو الأفكار والاتجاهات الأخرى أو التطرف في الفتاوى والأحكام, فهو يؤمن بأن هذا ليس من شأنه بل من شأن خالقه الذي يحكم على الناس وفق سلوكهم ومواقفهم.

والمؤمن بالله ورسوله يؤمن أيضاً بحق الناس في اتخاذ الدين أو المذهب الذي يرتأوه ولا يميز بين المواطنين والمواطنات على اساس الدين أوالمذهب أو القومية او الجنس, على قاعدة وآية "... لكم دينكم ولي دين...". ومن يسعى إلى رفض التمييز والإساءة لأتباع الأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والعقائدية الأخرى.

والمؤمن هو من علَّم الناس على التواضع والحب وحب الآخر والخير والتسامح وعدم تكنيز أو تكديس الأموال والعقارات وضد الفساد المالي والإداري وضد أي حكم جائر.

أما المؤمن رياءً ونفاقاً فهو المتشدد ديناً ومذهباً والمتعصب والرافض لبقية الأديان والمذاهب والاتجاهات الأخرى. وهو الذي يريد فرض الهيمنة على الآخرين من خلال التجارة بالدين والمذهب وحب الأولياء والصالحين, في حين أن حقيقة الأمر هو ضد كل ذلك وبامتياز. والمؤمن المنافق والجبان هو من يصدر قرارات بمنع تدريس الفنون في العراق من فن الرقص والغناء والموسيقى والنحت وربما الرسم ايضاً بذريعة وجود "نص دستوري" وهو غير موجود اصلاً, وهو من يمنع الناس من التصرف على وفق حريتهم دون أن يؤذوا أحداً من الناس. والمنافق هو من ينتقل من حزب البعث إلى حزب إسلامي جاهر بعدائه لحزب البعث وصدام حسين لكي يتسلق المناصب ويؤذي الناس باسم الدين والمذهب وإرادة الله!

والمنافق هو من يريد أن يبني مجتمعاً إسلامياً في بلد متعدد الديانات والمذاهب الدينية ويفرض على الآخرين بسبب ذلك ولأسباب ترتبط بالإرهاب المنظم طرد اتباع بقية الأديان إلى خارج العراق, كما يحصل اليوم مع المسيحيين والصابئة المندائيين أو الإيزيديين في محافظة الموصل من أبناء وبنات الوطن.

إننا أمام قوى تريد أن تفرض الخيمة الفكرية الواحدة على المجتمع, كما فعل صدام حسن وانتهى إلى حيث ينبغي أن يكون, ورفض الأفكار الأخرى. هذا هو ما يجري اليوم في العراق وهي خطيئة كبرى لا يمارسها المؤمن الصادق بل المؤمن المنافق. إن من لا يؤمن بالديمقراطية كفلسفة ويريدها أداة للوصول إلى الحكم ثم الانقلاب عليها هو المنافق دون أدنى ريب, والخشية كل الخشية في أن يصل مثل هؤلاء الناس إلى الحكم ويتولون المناصب المؤثرة في التربية والتعليم ويشوهون بذلك الحياة الثقافية الديمقراطية في عراقنا الحضاري الذي يعتبر أحد مهود الحضارة البشرية.

إن من واجب المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني وحرية الفرد والمجتمع والديمقراطية أن يدافعوا عن حق أتباع الديانات والمذاهب في العراق في العبادة و ممارسة الطقوس الصالحة وحماية كل المؤمنين الصادقين الصالحين من كل الأديان والمذاهب ومكافحة كل المؤمنين نفاقاً ورياءً وانتهازية وغياءً.

إننا أمام مرحلة جديدة أتمنى على كل الوطنيين الديمقراطيين من مختلف الاتجاهات والمدارس الفكرية الديمقراطية ومن كل القوميات أن ينتبهوا إلى ما يمكن أن يحصل في الفترة القادمة مع تشكيل الحكومة الجديدة التي بدأت أعمالها حتى قبل تشكيلها بقرارات مجالس محافظات بغداد والبصرة وبابل وضد أكاديمية الفنون الجميلة والفنون الشعبية والعفو عن مزوري الشهادات العالية والدعوة إلى بناء مجتمع إسلامي لم يرد ذلك في دستور العراق بأي حال, بل ورد نصاً ممارسة حقوق الإنسان أولاً وقبل كل شيء.

أن من الواجب مراقبة نشاط الحكومة وإجراءاتها من قبل الشعب ودون منح الحكم منذ البدء كل التاييد والدعم, كما يفعل اللاهثون وراء تاييد الحكومة حقاً أوباطلاً بذريعة الاعتدال وعدم ارتكاب الأخطاء مجدداً, كما فعلنا سابقاً!!


 

29/12/2010

 

 

free web counter