| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

 

الجمعة 28/7/ 2006

 


 

هل ستمر الوحشية والدموية الإسرائيلية دون عقاب دولي صارم؟

 

كاظم حبيب

أطنان من القنابل, بما فيها المحرمة دولياً, وعدداً هائلاً من الصواريخ تتساقط يومياً على رؤوس الناس الأبرياء في مختف أنحاء لبنان, مئات القتلى وآلاف الجرحى والمعوقين ومئات الألوف من المشردين المهجرين قسراً من نساء وأطفال وشيوخ وعجزة وآلاف الدور والمؤسسات والمشاريع والجسور المدمرة, كل هذا يجري يومياً والعالم يقف متفرجاً عاجزاً لا يجرأ حتى على إدانة هذا العمل الإجرامي المتواصل أو عملية قتل أربعة من ممثلي الأمم المتحدة الرابضين على الحدود اللبنانية الإسرائيلية من قبل دولة إسرائيل وحكومتها اليمينية والشوفينية المتطرفة المعتدية, بسبب الفيتو الأمريكي المناهض لوقف القتال في لبنان. إنها لمصيبة تلك التي يعاني منها العالم بسبب تحكم الدولة الأعظم, الولايات المتحدة الأمريكية, بهذا العالم الكبير, وبسبب تملكها الفعلي للقرار السياسي في مجلس الأمن الدولي, وبسبب رغبتها في أن تهيمن إسرائيل بشكل كامل ومطلق على منطقة الشرق الأوسط. إنها بذلك تمارس سياسة تجعلها مرفوضة أكثر فأكثر من جانب الشعوب العربية وشعوب المنطقة, إضافة إلى إحراج الحكام العرب المتحالفين معها ووضعهم في موقع لا يحسدون عليه.
إن السياسة الأمريكية المؤيدة في كل الأوقات وفي كل الأحوال لسياسات إسرائيل, التي تستند إلى قاعة بائسة وظالمة تقول "أنصر حليفك ظالماً أو مظلوماً", سوف لن تحصد إلا الكراهية والحقد والعداوة والرفض التام, كما أنها سوف تعرض جميع المصالح الأمريكية في المنطقة إلى مخاطر كبيرة لا يمكن تقديرها حالياً, إضافة إلى أنها لن تخدم وبأي حال وعلى المدى الطويل مصلحة إسرائيل ذاتها, إذ أنها ستبقى محاطة بشعوب ترفض سياساتها وعدوانيتها ورغبتها في التوسع على حساب أراضي الشعوب والدول الأخرى. كما أنها ستنشط قوى الإسلام السياسية الإرهابية المتطرفة على صعيد منطقة الشرق الأوسط كلها.
إن السياسة الأمريكية في المنطقة ومنذ سنوات طويلة, وخاصة منذ أن تسلم بوش الأب وبوش الابن, رئاسة الدولة, تجسد قصر النظر والبعد عن وعي الواقع القائم في الشرق الأوسط, إنها سياسة المحافظين الجدد واللبرالية الجديدة التي لا حظ لها على الاستمرار, إذ أنها تساهم في تعميق الكراهية والحقد بين الشعوب بحجة الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, وهي تمارس سياسات تلحق أفدح الأضرار بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة السياسية والاجتماعية, إنها السياسة التي تكيل الأمور بمكيالين.
إن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تعيد النظر بسياساتها في منطقة الشرق الأوسط قبل أن تجعل من المنطقة جحيماً لا يطاق لها ولسياساتها وحلفاؤها من الحكام العرب.
إن على الولايات المتحدة أن تقف مع الدول الأخرى في دعم حقوق الشعب الفلسطيني ورفض الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وبناء المستوطنات فيها والتصدي للتوسع الإسرائيلي على حساب الأرض الفلسطينية, أن تقف إلى جانب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أرضها , وعلى الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب استعادة لبنان لمزارع شبعة وسوريا لمرتفعات الجولان, إذ بدون ذلك لا يمكن أن يسود الهدوء والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط, وبغير ذلك ستبقى النيران مشتعلة وستنتشر في كل مكان وستحترق الأرض تحت أقدام الغاصبين.
على الولايات المتحدة أن تكف عن دعم حليفتها إسرائيل بغض النظر عن سياساتها العدوانية, وأن تنظر بعين العقل والحكمة والعدالة لمجريات الأمور والسياسة في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم هذه النداءات فأنا على ثقة تامة بأن السياسة الأمريكية لا يمكن أن تتغير ولن تتغير ما لم تتغير أوضاعنا العربية, وما لم نسد الثغرات في العلاقات الراهنة بين الشعوب والحكومات العربية التي لا تمارس الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية إزاء شعوب المنطقة, ما لم نشكل جبهة واحدة لا تعرف النزاعات القومية والدينية والطائفية الضيقة أو الحزبية المعرقلة للتآلف والاتحاد. أن شعوب المنطقة لا يمكنها أن تغير سياسة الولايات المتحدة مال تغير ذلتها وعلاقاتها وأوضاعها الداخلية, فهل للحكام العرب من أذن صاغية لما نقول؟ وهل للقوى المتطرفة من أذن صاغية في الكف عن انتهاج سياسات متطرفة قومياًُ ودينياً وطائفياً وإيديولوجياً؟
علينا أن نعي طبيعة المرحلة والتغيرات الجارية في العالم وأن نعي مصالحنا ونتصرف في ضوئها ونبتعد عن كل ما يثير الصراع في صفوف الشعوب. هذا ما نتمناه فهل يمكن تحقيقه لنستطيع أن نساهم في تغيير أوراق اللعبة السياسية في العالم, ولكي لا تستطيع الولايات المتحدة التحكم بالعالم واستخدام حق الفيتو لمنع إدانة إسرائيل وإيقاف القتال الدائر في لبنان ومنع ارتكاب حكومة إسرائيل للمزيد من الجرائم بحق المدنيين اللبنانيين الأبرياء وبحق الاقتصاد والمجتمع اللبناني.
ينبغي أن لا تمر الجرائم الإسرائيلية والبربرية العنصرية دون عقاب, ينبغي أن ترتفع أصوات شعوب ودول العالم بالاحتجاج ضد إسرائيل وإدانتها وضد سياسة الولايات المتحدة المؤيدة لإسرائيل دون تحفظ. ينبغي تشديد النضال لإيقاف القتال فوراً.
لنمد يد العون والدعم والمساعدة لشعب لبنان من أجل التخفيف من ثقل الكارثة عن كاهل هذا الشعب الأبي وضحايا العدوان البربري الإسرائيلي.