موقع الناس     http://al-nnas.com/

المصارحة والشفافية والوعي بمصالحنا هي السبيل الوحيد لانتصارنا!

 

كاظم حبيب

الخميس 27/7/ 2006

لبنان يحترق, ولكن, من أشعل النار فيه؟ شعب لبنان في الجنوب يواجه الموت والتعويق والتشرد, ولكن, من تسبب في ذلك؟ لبنان يعود إلى الوراء إلى ما يزيد عن عقدين من السنين, ولكن, من كان وراء ذلك؟ لبنان الحرية والديمقراطية والحب والإخاء والتضامن يخسر الكثير من هذه القيم والمعايير, ولكن من يعمل على ذلك؟ إنها الأسئلة التي تدور في أذهان الكثير من الناس والتي بدأت الكتابة عنها بشكل مكثف ومستمر, ويفترض فينا أن نجيب عليها بكل صراحة وشفافية وحرص على مصالحنا الوطنية والعربية.
المواطنة والهوية الوطنية اللبنانية وليس غيرها, الحرص على مصلحة لبنان وشعب لبنان وليس منطقة بعينها أو طائفة بعينها, الالتزام بالإجماع اللبناني وليس الانفراد بالقرار السياسي والعسكري هو السبيل الوحيد لمواجهة الأحداث والتفاعل معها وتحقيق الأهداف المنشودة من أمن واستقرار وسلام دائم واستعادة الأراضي المحتلة والأسرى و..الخ.
الجميع ينادي بإيقاف الحريق المشتعل في لبنان والذي يمكن أن تشتعل بسببه النيران في منطقة الشرق الأوسط بأسرها, ولكن لِمَ أُشعل الحريق دون العودة إلى الحكومة اللبنانية والقوى والأحزاب السياسية اللبنانية التي كانت تجتمع لمعالجة المشكلات القائمة بينها؟ لِمَ هذا الانفراد من جانب حزب الله في إعطاء الذريعة الهشة لإسرائيل لإعلان الحرب على لبنان وتدميره وقتل المزيد من البشر فيه؟ هل كان قرار أسر الجنديين قراراً لبنانياً صرفاً, هل كان لدعم حماس في فلسطين في مواجهتها النواع المسلح مع إسرائيل, أم كان قراراً إيرانياً – سورياً من حيث الأصل والهوية, وكان حزب الله هو المنفذ الفعلي لهذا القرار ومخل القط المباشر؟
كل الدلائل تشير إلى أن حزب الله كان حقاً مخلب القط وأداة التنفيذ في هذه العملية, وأن القرار قد اتخذ أثناء اللقاءات والاجتماعات المكثفة التي عقدت قبل الحرب بأيام قليلة بين وزيري خارجية إيران وسوريا وبين الأمين العام لحزب الله حين زيارة وزير خارجية إيران لكل من سوريا ولبنان وحزب الله. وكان القرار خاطئاً جداً ومدمراً حقاً ولا يمكن غفرانه, سواء أكان من حيث الوجهة أم التوقيت أم الحجة المطروحة لممارسة عملية أسر الجنديين أم الظروف المحيطة بلبنان بشكل خاص وبالمنطقة عموماً.
لم تكن مصلحة لبنان على رأس الأسباب وراء تلك العملية, بل كانت أولاً وقبل كل شيء مصالح إيران التي كانت ولا تزال تريد إشاعة التوتر في المنطقة بأسرها من أجل تعبئة شعوب المنطقة ضد السياسية الأمريكية والتغلب على المصاعب التي تواجهها في الملف النووي وتقليل الضغط المتفاقم عليها واحتمال تعرضها لضربات عسكرية أمريكية أو إسرائيلية أو التحرش بها عبر الحدود العراقية الإيرانية أو الخليجية الإيرانية.
وكان الانتماء الإسلامي السياسي والمذهبي السياسي لحزب الله وميليشياته المسلحة هو العامل الحاسم في الموافقة على تنفيذ تلك العملية, إذ كان الحكام في إيران وفي سوريا يعتقدون جازمين برد فعل إسرائيلي شرس على أسر الجنديين الإسرائيليين, رغم أن حكام البلدين غير مستعدين لخوض النزاع المسلح ضد إسرائيل في المرحلة الراهنة.
إننا أمام معضلة الهوية الوطنية في مقابل الهوية الطائفية السياسية, وهي ليست معضلة لبنان وحدها, بل سوريا والعراق وإيران وغيرها من دول المنطقة. وما لم تكف حكومات هذه البلدان عن التحرك السياسي الطائفي, فأنها ستورط شعوبها بنزاعات لا أول لها ولا آخر.
علينا أن نكون صريحين مع أنفسنا وأمينين لمصالحنا الوطنية والقومية وبعيدين عن المزايدة والمغامرة والهوية الطائفية, علينا أن نستخدم العقل بدلاً من العاطفة, علينا التحدث بالحكمة والسلام بدلاً من العنف والسلاح, وعلينا الاستفادة القصوى من المجتمع الدولي وتعاطفه مع قضايانا لضمان استعادة حقوقنا واحترام حقوق الآخرين, علينا احترام مصالحنا والدفاع عنها بدلاً من التزام مصالح الآخرين التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
إن الصراحة ورسم الطريق السليم لا يعفينا بأي حل من أربع مسائل, وهي:
1. نقد وإدانة السياسات الخاطئة التي تمارسها بعض القوى السياسية العربية وخاصة قوى الإسلام السياسي والقوى القومية المتطرفة, وبعض دول المنطقة وخاصة إيران وسوريا وإسرائيل.
2. الاحتجاج على السياسية العسكرية العدوانية لإسرائيل وإدانتها ومطالبة المجتمع الدولي والرأي العام العالمي بإدانتها باعتبارها سياسة توسعية وعدوانية في المنطقة.
3. المطالبة بوقف القتال فوراً واستخدام طاولة المفاوضات لمعالجة المشكلات القائمة, بما فيها موضوع الأسرى ومزارع شبعة المحتلة واستعادة الحكومة اللبنانية سيطرتها على كامل التراب اللبناني ونزع سلاح المليشيات المسلحة وفق قرار مجلس الأمن رقم 1559, عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجامعة العربية وفرض الالتزام بما يتفق عليه من قبل جميع الأطراف.
4. تقديم العون الإنساني والدعم المالي الضروري لتجاوز الكارثة الإنسانية التي حلت في لبنان وما تزال متواصلة والعمل على إعادة إعمار لبنان.
إنه الطريق الوحيد لضمان الأمن والاستقرار والسلام في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط.