| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

الخميس 27/1/ 2011

 

نحو تصعيد حملة الدفاع عن الديمقراطية لا إضعافها!

كاظم حبيب

القوى الديمقراطية والخيرة في العراق تواجه منذ أشهر حملة ظالمة تقودها قوى هي بالأصل بعثية تابت على أيدي بعض قوى وأحزاب الإسلام السياسية وتناغمت واصطفت معها, ولكنها لم تتخل عن نهجها الاستبدادي في فرض ما تريده قسراً على الشعب العراقي. فمصادرة الحريات الفردية ومهاجمة النوادي الثقافية والاعتداء عليها وعلى المسيحيين وتعريض من فيها إلى تجاوزات فظة وإهانات هو تجاوز فظ على الدستور العراقي وعلى لائحة حقوق الإنسان التي أقر بها الدستور العراقي أيضاً والتزمت بها الحكومة العراقية.
إن تتابع الإجراءات التعسفية ابتداءً من مجلس محافظة البصرة ومروراً بمجلس محافظة بابل ومن ثم مجلس محافظة بغداد كلها محاولات جادة لجس نبض الشارع العراقي في الموقف من سلب الحريات الفردية تدريجاً وفرض الخيمة الفكرية الإسلامية السياسية على المجتمع بحجة حماية الدين من عبث العابثين وهم قبل غيرهم يعبثون بالدين الإسلامي من خلال الفساد الذي يمارسونه يومياً ودون حياء, والتجاوز على حقوق أتباع الديانات الأخرى وتقاليدهم وما يسمح لهم دينهم وعلى حرية الفرد أياً كان دينه أو مذهبه أو فكره.
إن المشكلة لم تعد تقتصر على هذه المجالس, بل أن سير الأوضاع في العراق لا يبشر بالخير واحتمال العودة إلى المربع الأول, إلى ما كان يعاني منه الشعب العراقي في أعقاب سقوط الدكتاتورية حين اصبحت المليشيات الطائفية المسلحة هي سيدة الموقف, وهو الخطر الداهم الذي نكس له رئيس الوزراء رأسه في الآونة الأخيرة, رغم ادعائه بحمل راية دولة القانون. فأي دولة قانون هذه حين لا يحترم فيها الدستور ويتعطل تشكيل الحكومة العراقية ثمانية اشهر ثم تتشكل بنواقص جدية تسمح بفراغ سياسي فعلي في تلك الوزارات والأجهزة المسؤولة عن الأمن في العراق, وبنواقص أخرى هي حرمان المرأة من حقها في الحقائب الوزارية التي يفترض أن تصل إلى 25% منها, مضافاً إليها التصريحات القائلة بإقامة مجتمع إسلامي!
أي دولة قانون هذه حين يسمح بالإعلان علناً عن مقتدى الصدر "قائداً" للشعب العراقي وهو الذي لا يحترم الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة العراقية التي يترأسها نفس رئيس الوزراء الذي وقع عليها وصادق عليها مجلس النواب ويعلن حمل السلاح ضد الطرف الموقع عليها.
أي دولة للقانون هذه ومقتدى الصدر يعلن عن استمرار نشاط ميليشيات جيش المهدي الطائفية المسلحة للقيام بعمليات لا تستهدف العراقيين ولكنها تستهدف من يعمل معهم الجيش العراقي وأجهزة الشرطة والأمن ويمارسون عمليات مشتركة ضد قوى الإرهاب. أي دول قانون هذه التي يدعي بها رئيس الوزراء ومقتدى الصدر, "قائد" الشعب العراقي يعلن عن تأييده بصوت عال ومن منبر في النجف وفي جمع كبير من أتباعه "للمقاومة" في العراق وهي التي تقتل يومياً المزيد من العراقيات والعراقيين. أي دولة قانون هذه يا "سيدنه" رئيس الوزراء!
لقد رضخ المالكي لشروط مقتدى الصدر ليصبح رئيساً للوزراء, ولكن إذا ما استمر الوضع على هذه الحالة فستكون عواقبه وكارثية عليه وعلى المجتمع العراقي وسيكون لإيران وولاية الفقيه القول الفصل في العراق.
إن هذه الأوضاع التي لا تبشر بالخير تتطلب من كل القوى الخيرة في العراق أن تتحرك لتعلن عن رفضها للسياسات الجارية حالياً, لتمارس حقها في الاحتجاج والاعتصام والتظاهر السلمي رافضة مصادرة الحريات الفردية أياً كانت, ورافضة التراجع أمام حركة ونشاط المليشيات الطائفية المسلحة فعلاً والتي بدأت بالتحرك الفعلي, رغم انها لم تعلن عن رفع السلاح إلا بوجه المحتل!
إن التحفظ على الحملة أو إضعافها خشية إجراءات أكثر تشدداً ضد القوى الديمقراطية هو تراجع لا معنى له ومضر ويلحق اضراراً شديدة بكل الحركة الديمقراطية, وعند ذاك لا ينفع الندم أو نقد المواقف الخاطئة التي اعتدنا عليها لا في الماضي البعيد بل ومنذ سقوط الدكتاتورية في مهادنة الكثير من القوى التي لا يجوز مهادنتها قطعاً.
نعم.. نعم, القوى الديمقراطية لا تزال ضعيفة ومشتتة ولم تصل إلى نتائج إيجابية كافية عبر حواراتها الماراتونية المديدة ولأي سبب كان, ولكن هذا الضعف سيتفاقم والتشتت سيشتد ويتسع إن تراجعت بعض القوى المهمة عن حملة الدفاع عن الديمقراطية. نحن جميعاً بحاجة إلى رفع مزاج الجماهير وتحريكها مهما كانت قليلة, فالجماعات التي سترفض الإجراءات التعسفية وما ينتظرها لاحقاً ستزداد وستلتحق بالقوى الديمقراطية, جماعات وجماعات أخرى ستلتحق لأنها ستدرك فعلاً ما ينتظرها من عواقب وخيمة بسبب السياسات التساومية المناهضة للحرية الفردية والثقافة الديمقراطية والدستور العراقي.
حذاري .. حذاري من التراجع أمام القوى البعثية المتأسلمة والقوى الإسلامية المتطرفة في إجراءاتها التعسفية, حذاري.. حذارى من الوقوف على التل في معركة الحريات الديمقراطية, لكي لا يكون آخر سهم يوجه إلينا وليس هناك من يدافع عنا!!!

 

 

27/1/2011

 

 

free web counter