| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

الثلاثاء 27/11/ 2007



بيتنا ونلعب بيه شله شغل بينه الناس !

كاظم حبيب

نشر الأستاذ خالد القشطيني في جريدة الشرق الأوسط في 27/11/ 2007 واحدة من إبداعاته المكثفة 2007 في صفحة الرأي تحت عنوان "مثل بيتكم" ذكرتنا بالولائم التي كان يقيمها سنوياً عبد الإله , الوصي السابق على عرش العراق , لخريجي كلية الضباط وقوله لهم «يا أولادي لا تتكلفوا معي. أريدكم تعتبرون هذا البيت مثل بيتكم. وتأكلون كما تفعلون بين أهلكم في بيوتكم» , بسبب صعوبتهم في استخدام الشوكات والسكاكين و ثم سطوة بعض خريجي الكلية العسكرية على علبة "منَّ السما" التي كانت في إحدى غرف قصر الرحاب دون أخذ موافقة عبد الإله , إذ أنه قال لهم اعتبروا "هذا البيت مثل بيتكم"!
حملتني تداعيات هذه الكلمة القصيرة والمليئة بالمعاني إلى ممارسات الدكتاتور صدام حسين في العراق , سواء أكان ذلك في تعامله مع الإنسان العراقي وقتله في الحروب أم في سراديب وأقبية الأمن العامة أم الدفن في المقابر الجماعية وهم أحياء , أم التصرف بموارد العراق المالية ونفطه وكوبونات النفط التي كان يمنحها لمن كان يريد شراء ذمته وضميره ووعيه بل وعقله. وقد حقق العجائب والكوارث في البيت العراقي إذ لعب به كما يقول المثل الشعبي "شاطي باطي"! وحين كانت المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية تحتج وتعترض , كان جوابه وجواب عزة الدوري وطه الجزراوي وعلي كيماوي وطارق عزيز " العراق بيتنا ونتصرف به كما نشاء فما دخلكم أنتم في ذلك! وقد قدر ما نشأ عن ذلك التصرف استشهاد أكثر من مليون إنسان وجرح ما يقارب من هذا الرقم , وإلى هدر مئات المليارات من الدولارات الأمريكية من موارد النفط الخام وما أنتجه الشعب العراقي خلال عشرات السنين , كما ترك بذمة العراق ديوناً تزيد عن 130 مليار دولار أمريكي , إضافة إلى دفع وما يفترض أن يدفع كتعويضات للدول التي شن الحرب ضدها وما يدفعه اليوم نتيجة الفوضى التي سادت بعد سقوط نظامه , كما مارس سياسات عنصرية وشوفينية وطائفية مقيتة ساعدت على ما يعاني منه المجتمع حالياً.
ولم تتوقف تداعيات الموقف في بالي إلى حدود صدام حسين ونظامه ورهطه , بل تجاوزتها إلى المرحلة الراهنة حيث اعتبرت الشركات الأمريكية والشركات الأخرى المتعاملة معها , سواء أكانت عراقية أم شرق أوسطية أم غيرها , بأن العراق أصبح "مثل بيتهم" بل وربما أكثر من "بيتهم" وبدأوا يمارسون فيه ما يشاءون .
دعونا نعود بالذاكرة إلى "الدكتاتور المتحضر" بول بريمر القادم من الدولة الأعظم وقراراته وأساليب عمله وما تسبب به من خسارة عشرات المليارات من الدولارات الأمريكية التي "ضاعت في البيت العراقي لأنه كان مثل بيتهم!" , ثم إلى بعض الحكام العراقيين والبعض القليل من العراقيات ممن شاركن في حكم البلاد , وكذلك الأتباع الذين اعتبروا العراق كله "مثل بيتهم وبيت أبوهم" فبدأوا لا بالتصرف بأمواله وبشره حسب , بل وبأرضه التي تم توزيعها على أنفسهم وعلى من يريدون وبمساحات لا يمكن حتى تصورها.
وحين نكتب عن ذلك , وحين نطالب بمحاسبة أولئك الناس , وحين نطالب بإصدار قانون "من أين لك هذا؟" , إذ لا يكفي أن نقول "هذا من فضل ربي" , يأتينا الجواب من بعض الحكام : ما دخل هؤلاء الدخلاء "هذا بيتنا ونلعب بيه شله شغل بينه الناس"!
نعم أيها البعض من السادة الحكام يا من تجيبوننا بهذا الجواب أو تقولون لنا بأن كل ذلك مبالغ به , هذا بيتكم , ولكنه بيت الآخرين أيضاً , إنه بيت كل العراقيات والعراقيين , والأموال هي أموال الجميع والنفط نفطهم , وليس بيت البعض من هؤلاء الحكام , والحكم أيها السادة لا يدوم لأحد , ولو كان الحكم يدوم لواحد أو لمجموعة من الناس لما وصلتم أنتم إلى الحكم. عليكم تقديم الإجابة للشعب حين يتساءل : من أين لهؤلاء العشرات من الناس المليارديرية هذه الأموال والأراضي والبيوت؟ والإجابة ملزمة لأن العراق وأمواله وشعبه وكل ما فيه هو أمانة في أعناق الحكام الحاليين.

27/11/2007

جريدة المدى
الرأي الآخر
 

Counters