| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

السبت 26/7/ 2008


 

هل الضجة الإعلامية
هي البديل المناسب عن وعي الواقع العراقي وسبل معالجته؟

كاظم حبيب

كان التجمع العربي لنصرة القضية الكُردية صادقاً مع الأخوة الكُرد في قيادة إقليم كُردستان العراق ومع نفسه حين وجه رسالة خاصة لم تنشر إلى السيد مسعود بارزاني , رئيس الإقليم , يشير فيها بصراحة وشفافية وصدق إلى الاختلالات في العملية السياسية الجارية في العراق وفي كُردستان العراق وإلى الخلل الواقع في العلاقات السياسية بين القوى والأحزاب , وخاصة العربية ومع المجتمع العربي في العراق , وكذلك إلى ضرورة معالجة قضية كركوك بما ينسجم وحجم إشكالية العراق في المرحلة الراهنة وضرورة أتباع الهدوء والموضوعية في كل المعالجات , إضافة إلى وعي المخاطر التي تحيط بالعراق وإقليم كُردستان من الداخل والخارج بالارتباط مع السياسات القصيرة النظر التي تمارس هنا وهناك. كما بادرت إلى توجيه رسائل خاصة ومفتوحة وسلسلة مقالات وندوات تلفزيونية عقدتها مع قنوات كردستانية مباشرة في أربيل على نحو خاص حول نفس الموضوع بعد أن أدركت بأهمية وضرورة مواصلة النقد والكتابة لصالح القضية الكردية والعراق معاً ولصالح المسيرة السياسية الديمقراطية المتعثرة.
لقد كان رد الفعل غير مناسب , بل كان في بعض الأحيان خشناً لا يرتقى إلى مستوى العلاقات النضالية التي تربط بيني وبين الشعب الكردي والأخوة في القيادة الكردية على مدى ثلاثة عقود تقريباً. ولا يعنيني هذا الموقف المتشنج من النقد الصادق بقدر تعلقه بشخصي , بل ما يعنيني كان ولا يزال هي القضايا التي طرحها التجمع العربي لنصرة القضية الكردية , والذي شرفني أمانته العامة , وطرحتها شخصياً والتي تتعلق بمصائر الشعب الكردي وقضيته العادلة وقضية الشعب العراقي بشكل عام في هذه المرحلة الخطرة التي يمر بها العراق.
ليس الحادث الأخير في مجلس النواب العراقي طامة كبرى ولم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة , إذ يمكن معالجته قطعاً والعودة به إلى النص الدستوري والمناقشات السياسية التي بدأت فعلاً في بيت السيد رئيس الجمهورية , بالرغم من أساليب المناورة الصغيرة والبائسة التي عرفت بها السياسة العراقية دوماً والمعبرة عن خيبات أمل أكثر من الثقة بالنفس , بل المشكلة هي في تلك الرؤية السياسية القاصرة التي ينظر بها الأخوة الكُرد إلى قضيتهم في هذه المرحلة وبمعزل عن القضية العراقية إجمالاً وعن المجتمع العراقي وعن المهمات الكبيرة التي تواجه المجتمع كله. كم هو مهم أن يراجع الساسة العراقيون تجارب العقود المنصرمة لتكون هادية لهم في مسيرتهم الراهنة.
لقد كتب الزميل والصديق الأستاذ عبد المنعم الأعسم مقالة مهمة يوم أمس في جريدة الاتحاد ونشرت في مواقع أخرى , منها صوت العراق. كم أتمنى على الأخوة الكُرد أن يتمعنوا بها وأن يدركوا الحس الصداقي للقضية الكردية في خلفية هذه الرسالة , بل في كل كلمة كتبت فيها.
لقد تخلى الكُرد عن حليفهم الديمقراطي العربي وشكلوا تحالفات أخرى غريبة عن تاريخهم النضالي الطويل , تحالفات تستند إلى المحاصصة الطائفية والمساومة على أهداف مرحلية صغيرة كان لها أسوأ الأثر على الديمقراطيين والمدنيين العلمانيين العرب في العراق , وساعدت على تنشيط الجبهة الدينية من طرف , والجبهة القومية العربية التركمانية من طرف آخر , وهو أمر لم يحسب لها حساب من جانب الأخوة الكُرد بشكل دقيق وعقلاني.
لا استطيع أن ألوم القوميين اليمينيين العرب من أمثال النجيفي أو الجبوري أو بعض التركمان ولا حتى بعض قوى الإسلام السياسية العراقية على مواقفهم السلبية والسيئة إزاء القضية الكردية والشعب الكردي , إذ أن لهؤلاء أجندة ومواقف تنطلق من تصوراتهم القومية الشوفينية والدين التي تناهض من حيث المبدأ الفيدرالية وما إلى ذلك , بل ألوم القوى الديمقراطية الكردية والعربية التي لم تستطع حتى الآن أن تعي المأزق الذي يحيط بالقضايا العراقية كلها ولم تحاول حتى الآن أن تجد لها لغة مشتركة تتعاون في ما بينها , رغم تحالفاتها الأخرى , للوصول إلى طريق اسلم وأضمن من الدرب الذي تسير عليه الآن.
إن الأخوة الكُرد يفقدون يوماً بعد آخر حليفهم العربي الديمقراطي , ولكنه في الوقت نفسه خسارة كبيرة للعرب الديمقراطيين أيضاً , وبالتالي فهي خسارة للعراق.
إن الضجة الإعلامية التي أثيرت حول التصويت البائس في مجلس النواب العراقي أخيراً يجسد طبيعة هذا المجلس وتحالفاته من جهة , ولكن يجسد أيضاً بأن الأخوة الكُرد والعرب الديمقراطيين لم يعوا حتى الآن عمق المشكلة وضرورات التغيير في التكتيكات المتبعة من قبلهم وفي استراتيج المرحلة الراهنة.
إن أعداء الشعب الكردي داخل ووراء الحدود يسعدون حين نرتكب أخطاء ويحزنون حين تكون سياساتنا صائبة , أفلا يكفي هذا المؤشر لمعرفة حقيقة أوضاعنا والأخطاء التي نرتكبها في السياسة وفي العلاقة مع المجتمع والفئات الكادحة التي تعاني الأمرين في حين أن البعض لم يعجز من إملاء جيوبه بالسحت الحرام ونسى قضية الشعب الكردي والشعب العراقي بكل مكوناته القومية.
أتمنى على القيادة السياسية الكُردستانية أن تعمد إلى دراسة الوضع في العراق إجمالاً وكذلك الوضع في كُردستان العراق , وأن تأخذ بنظر الاعتبار ملاحظات الأصدقاء الذين يريدون الخير للقضية الكردية والشعب الكردي وللعراق كله , علها تتوصل إلى استنتاجات تخدم حصول تحولات إيجابية في الساحة السياسية العراقية.


26/7/2008

 

free web counter