موقع الناس     http://al-nnas.com/

ملاحظات حول ما نشر عن الصديق السيد جورج يوسف منصور

 

كاظم حبيب

الأثنين 26/6/ 2006

عرفت الصديق السيد جورج يوسف منصور في كردستان العراق عندما جرى اختياره لتدريس مادة الفلسفة في المدرسة الحزبية التي أسسها الحزب الشيوعي العراقي في إقليم كردستان العراق في منطقة بشت آشان التابعة لمحافظة أربيل في العام 1982. وكنت في حينها مديراً للمدرسة التي كلفني الحزب, وبناء على مقترح مني, بتأسيس تلك المدرسة المتواضعة. وقد ساهم مساهمة فعالة ضمن الهيئة التدريسية, حيث شارك مع الكثير من الأنصار الشيوعيين والديمقراطيين في الاستفادة من تلك الدورات التدريسية التي كان أمد كل دورة ثلاثة شهور لغرض الحوار الفكري والتعلم المتبادل. كما ساهم في بناء مقرات المدرسة.
وكان الصديق هناك حين حلت المحنة في بشت آشان واقتتال الأخوة في الأحزاب السياسية الكردستانية التي أصبح الحزب الشيوعي جزءً من تلك المعركة التي سقط فيها الكثير من الضحايا الأبرياء والمثقفين الشجعان, وكان الأخ جورج منصور من الناجين منها حيث عبر مع القافلة التعليمية جبل قنديل الشهير.
والتقيت الصديق جورج يوسف منصور (أبو أمل) مرة أخرى في وادي لولان حين كلفت من قيادة الحزب بمسؤولية الإعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي. وكان يعمل ضمن مجموعة الإعلاميين التي كان ضمنها الأصدقاء والرفاق المناضلين زهير الجزائري ويحيى علوان وكريم حسين ومفيد الجزائري وأبو عادل السياسي ومجموعة من الكتاب والشعراء, أي مجموعة ممتازة من المثقفات والمثقفين ومن حملة الشهادات العالية, وكان أبو عادل السياسي المسؤول العسكري للمنطقة التي كان على مقربة منها مقر المكتب السياسي أيضاً, ولم يكن بعيداً عنها مقر الإذاعة, وكذلك الموقع الذي عقد فيه اجتماع اللجنة المركزية في العام 1984, حيث اتخذ فيه قرار عقد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي. وكان جورج منصور أحد كتاب وصحفيي إذاعة صوت الشعب العراقي حيث أصدرنا له أكثر من كراس حول مسائل عديدة بما في ذلك النثر الأدبي. وكان يعمل قبل ذاك صحفياً في أربيل أيضاً قبل مغادرته العراق للدراسة في الاتحاد السوفييتي حيث حصل على شهادة الماجستير في علم الطباعة وفي الفلسفة. وما أزال أذكر عمله المتواصل معنا جميعاً في بناء غرف الرفاق الإعلاميين وموقع الإذاعة وغيرها, حيث كان يحمل الصخر من الوزن الثقيل بمفرده أو يشارك معنا في قطع الأشجار, ولكنه كان في الوقت نفسه يشارك معنا فكرياً في العمل الصحفي والفكري في مقر الإعلام المركزي للحزب لإصدار جريدة الحزب المركزية, طريق الشعب. وكان يتميز بالتواضع والعمل المثابر والحرص والأمانة في آن واحد. ومن المفيد الإشارة إلى أن الصديق أبو أمل يجيد سبع لغات هي السريانية والعربية والكردية والإنجليزية والروسية والإيرانية والتركية قراءة وكتابة.
لقد غادر كردستان بطلب من الحزب لمهمة معينة إلى سوريا عبر إيران. تم اعتقاله في إيران أثناء عبوره إلى الاتحاد السوفييتي وسجن لأكثر من عام وتعرض لتعذيب شرس من قبل أجهزة النظام الإيراني القمعية, وكان في سجن أيفين. حافظ على الأمانة الحزبية وصمد في وجه الأوباش من أجهزة النظام الإيرانية التي عاشها أيضاً المناضل الجسور والشيوعي العراقي الرفيق الصديق حيدر فيلي لأكثر من اربع سنوات. خرج من السجن مرفوع الرأس بوساطة من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني حيث كان يحمل ورقة عبور صادرة عن الحزب المذكور وبالتنسيق مع قيادة الحزب الشيوعي. تعرف هناك على زوجته ثم تزوجا ومارس العمل في الترجمة من الفارسية إلى العربية ليعيش منها حيث تعذر على الحزب مساعدته إلا لماماً. خرج إلى سوريا وبقي فيها فترة من الزمن وعمل مترجماً أيضاً في سفارة أفغانستان لفترة قصيرة وفي صحافة الحزب الشيوعي العراقي غادر بعدها إلى كندا حيث حصل على اللجوء السياسي فيها. وفي كنذا كان مسؤولاً عن تنظيم الحزب الشيوعي لفترة, ثم ترك صفوف الحزب الشيوعي العراقي بمحض إرادته وعمل صحفياً مستقلاً. شارك الجالية العراقية في كندا وخاصة في تورنتو في النشاط السياسي والاجتماعي والثقافي. انتخب مسؤولاً لمنظمة حقوق الإنسان في كنداً التي شارك في تأسيسها, ومسؤولاً للجنة التنسيق بين المنظمات غير الحكومية العراقية في تورنتو, وكانت فيها منظمات عديدة كلها مناهضة للدكتاتورية التي كانت سائدة في العراق. وقد حظي باحترام وود من تعرف عليه وعمل معه, إذ كان شخصاً نشطاً ومحباً للمساعدة. عمل في الصحافة والنشر الصحفي. معرفتي به الجيدة خلال فترة الكفاح المسلح في حركة الپيشمرگة الأنصار وأمانته والود الذي يتحلى به, ساهمت في تكوين الصداقة الحميمة التي تربطنا منذ ربع قرن.
أعرف أن الصديق لا يحتاج إلى أن يسرق من كتابات أحد أو ينقل منها, ونشر الكثير في العديد من الصحف العراقية في المهجر, ومنها في جريدة الزمان أو في صحافة الحزب الشيوعي العراقي أو في المرآة في كندا وفي صحيفة المؤتمر, حيث كان رشيد خيون أحد مسؤولي النشر فيها, وأعرف أن أخطاءً وملابسات تحصل في هذا المجال لأي سبب كان. ولكني لا أفهم لِمَ هذا الإلحاح على قضية أثيرت أكثر من مرة في النصف الثاني من التسعينيات بعد أن تعقدت العلاقة بينه وبين أخيه الراحل ناصر يوسف منصور في كندا ودخلت أمور أخرى على المشكلة لست معنياً بالإشارة إليها. وقد حاولت إصلاح ذات البين بين الأخوين, ولكن مع الأسف الشديد لم يحصل ذلك لأسباب لست معنياً بها.
إن من حق من يجد سرقة فكرية أن يشير إليها, أو أن ينبه الكاتب إليها, لكي يبتعد عن هذه الأسلوب, إن كان حقاً قد مارسه فعلاً. على أن يأخذ بالاعتبار كل الاحتمالات التي يمكن أن تنشأ دون أن يكون القصد سرقة فكرية. وكثرة من الكتاب أو الملحنين اتهموا بسرقة أفكار أو بسرقة ألحان, ولكن كانت العاصفة تهدأ بسرعة لأن من أثارها كان لا يريد الإساءة بقدر ما كان يريد التنبيه لكي يبتعد من حاول ذلك عن تلك الممارسة غير السليمة.
كنت في أوائل السبعينات رئيساً لتحرير مجلة الاقتصادي العراقية. وحصل أن أرسل أحد أساتذة الجامعة مقالاً لنا طلب نشره. نشر المقال فعلاً بعد إطلاع أثنين من المختصين على نص المقال كما هو متبع في المجلات المتخصصة. ثم جاءت ملاحظة من عضو الهيئة الإدارية لجمعية الاقتصاديين العراقيين فرع البصرة تشير إلى أن هذا المقال هو جزء من كتاب تابع لأحد الباحثين السوفييت. حصلت على الكتاب وقارنته ووجدت أن هناك سرقة فكرية فعلاً. فكيف ينبغي لي أن أتعامل مع الموضوع إن لم أكن اقصد التشهير والإساءة بل أريد توجيه النصح للكاتب؟ ذهبت إلى جامعة بغداد ومعي النصين في المجلة والكتاب, ورجوت حضور الأستاذ الكاتب, كاشفته في الموضوع. أقر بذلك على اعتبار أنه شارك في الترجمة, وأنه ليس من تأليفه. نشرنا خبراً قصيراً في المجلة باسم الكاتب يشير إلى وقوع سهو في هذا الموضوع وأنه يعتذر للقراء ويتجنب الوقوع بمثل هذا الخطأ لاحقاً. انتهى الأمر ولم يتكرر من الأستاذ الجامعي.
كم كان جميلاً من الأخ العزيز الدكتور رشيد خيون أن يتبع هذا الأسلوب, إن كان, كما يرى, متيقناً من الموضوع!
أنا مطلع على كتابات كثيرة للسيد جورج يوسف منصور وأعرفه جيداً كمناضل سياسي ونصير (پيشمرگة) وكصحفي من جهة, وأعرف بعض التعقيدات الأخرى في العلاقات التي لا ضرورة من ذكرها من جهة أخرى. ولهذا اشعر بالحاجة إلى حماية الصديق جورج منصور من محاولات أي إيقاع به, وأتمنى أن يغلق الموضوع. احتفظ بصداقة حميمة مع الأخ منصور استندت إلى الفترة النضالية التي عملنا بها معاً في كردستان العراق ومن أجل قضية نبيلة حقاً هي النضال ضد الحكم الاستبدادي المطلق وضد حكم صدام حسين ومن أجل الديمقراطية للعراق وحق تقرير المصير للشعب الكردي والحقوق الثقافية والإدارية للقوميات الأخرى. وكان الاحتمال أن يستشهد الإنسان في كل لحظة هناك, كما استشهد كثيرون. ومن هنا جاء هذا لتعليق لأني أعرفه وأرجو أن لا يساء إليه أكثر مما جرى حتى الآن.
أدرك أن حملة تشهير واسعة تشن منذ فترة وحالياً ضد السيد جورج يوسف منصور (للعلم أن جورج منصور جورج يوسف منصور هو شخص واحد لا اثنين أولاً وأنه أخ لناصر يوسف منصور معلم الرياضة في عنكاوة والكاتب الراحل) لأسباب غالباً ما تكون شخصية أو صراع بين الجماعات السياسية المختلفة, رغم أن الرجل مستقل ولا يرتبط بأي حزب سياسي, كما أني استبعد حقاً أن يكون الباحث والمفكر الدكتور رشيد خيون جزء من عملية التشهير تلك. وأملي أن يتوقف عن ذلك لأنها لن تخدم إلا من يريد الصيد في الماء العكر. والأخ خيون بعيد عن التفكير في مثل هذا الصيد ولا يحتاجه.