| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  السبت 26/11/ 2011


 

العبثية القاتلة في سلوك المالكي وحزب الدعوة الإسلامية في العراق

كاظم حبيب

لا يمر يوماً على العراق دون دماء تسيل على أرضه الطيبة ابتداءً من البصرة ومروراً ببقية مدن الجنوب والوسط, ومنها بغداد, وبقية مدن غرب بغداد حتى الموصل. والقوى الإرهابية تختار على راحتها المدن التي تريد ممارسة القتل فيها. فيوم أمس اختارت هذه القوى الشريرة مدينة البصرة لتنزل بأهلها الطيبين 19 قتيلاً وأكثر من 60 جريحاً ومعوقاً.

ولا يمر يوماً على العراق دون شكوى الناس من هذا الإرهاب وذاك الفساد السائد ومن انقطاع التيار الكهربائي ومن إجراءات جديدة ضد المرأة والمزيد من التضييق على حرية الإنسان العراقي وحياته. وهكذا هو الأمر مع البطالة الواسعة والفقر الموجع لكرامة الإنسان, وكذلك مع ظاهرة التمييز ضد أتباع الديانات والمذاهب الدينية من جانب الحكومة ومن جانب هذا الفريق السياسي الطائفي أو ذاك. وعملية التنمية متوقفة فعلياً, إذ أصبحت المهمة هي الاستيراد وإشباع السوق بالسلع المستوردة بدلاً من التنمية الصناعية والزراعية لامتصاص البطالة وتوفير السلع وتنويع الدخل القومي, فأموال النفط تصرف لإبقاء الاقتصاد العراقي متخلفاً وتابعاً أو مكشوفاً بالكامل على الخارج.

كل هذا يحصل والحكومة العراقية ورئيسها المالكي والحزب الحاكم فيها, حزب الدعوة الإسلامية, يصول ويجول لا ليواجه تلك المشكلات الكبيرة والمعقدة, بل ليعزز مواقعه الحزبية في الدولة العراقية, في الجيش وقوات الشرطة وفي أجهزة الإدارة, ليبقى في الحكم بالرغم من الوقائع المرة التي تواجه البلاد والتي تتطلب إعادة النظر بكل شيء بما فيه إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة ووضع قوى واعية ومتخصصة على رأس الوزارات...الخ.

الحكومة بكل مكوناتها لاهية تماماً بأوضاع صراعاتها الداخلية ومصالحها المنفردة, في حين أن القوى الإقليمية تخوض صراعاتها على الساحة السياسية العراقية وعلى أكتاف الشعب العراقي بكل مكوناته ومن خلال الأحزاب الحاكمة. وإذا كانت إيران تلعب دورها السياسي الكبير وتأثيرها المباشر على السياسات والمواقف العراقية من خلال قواها الخاصة المنتشرة في العراق وفي أجهزة الدولة أولاً, ومن خلال القوى والأحزاب الإسلامية السياسية التي تساند وجودها ودورها في العراق ثانياً, فإن المملكة السعودية وبعض دول الخليج تجد في قوى إسلامية أخرى وقومية عربية يمينية وبعثية يشارك بعضها في الحكم تحت واجهات أخرى سنداً لها في العراق وساعيةً لدعمها. ومثل هذا الصراع يزيد في مشكلات العراق ويعقد الوصول إلى حلول عملية, خاصة وأن حكومة إقليم كردستان العراق منشغلة بترتيب علاقاتها مع كل من إيران وتركيا بصورة منفردة من جهة, ومنشغلة بالمشكلات التي لا تمت لغياب الديمقراطية في الحياة السياسية العراقية من جهة أخرى, ولا تساهم في معالجة المشكلات المعقدة التي يواجهها المجتمع العراقي.

إن إعادة ترتيب الأوضاع في العراق قبل خروج القوات الأمريكية مسألة ضرورية لتجنيب البلاد السقوط بمستنقع النزاع الطائفي المقيت, الذي كما يبدو للمتتبع, تحضَّر له عدة أطراف, سواء أكانت مشاركة في الحكم أم من خارجه. ومن أجل تجنب هذا الاحتمال الوارد الذي لا يمكن إنكار احتمال وقوعه ومخاطره, يتطلب الأمر عقد مؤتمر وطني وشعبي واسع لكل القوى السياسية العراقية المشاركة في العملية السياسية, وليس تلك التي ما تزال ترفع السلاح أو تمارس الإرهاب بصيغ مختلفة بهدف الوصول إلى تحديد مجموعة من المبادئ وقواعد العمل الوطني التي تلتزم بها كل القوى السياسية العراقية, سواء أكانت مشاركة في الحكم أم خارجه, وتحديد برنامج عمل وطني تنفذه حكومة وطنية تلتزم بما يتفق عليه في هذا المؤتمر. إنه مؤتمر للإنقاذ الوطني وحكومة إنقاذ وطني.

إن السلوك الراهن لحكومة المالكي يجسد عبثية قاتلة مستهينة بكل المخاطر التي تحيط بالعراق وشعبه وكافة مكوناته وتساهم في تشديدها, شاءت ذلك أم أبت. إنها حكومة وضعت الدستور جانباً وهي تمارس سياسة بعيدة كل البعد عما نص عليه الدستور. وليس أدل على ذلك عدم وجود نساء في مجلس الوزراء على وفق المادة الدستورية التي قررت أن تكون حصة النساء 25% من حقائب مجلس الوزراء.

إن الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني واسع ليس ترفاً سياسياً ولا رغبة ذاتية, بل هي التعبير الأكثر انسجاماً مع حاجة العراق الراهنة بسبب إصرار القوى السياسية الحاكمة على تشديد الصراع السياسي في ما بينها وإيصاله إلى نزاع سياسي يخرج عن إطار الأساليب السلمية ويغرق العراق ببحر من الدماء, خاصة وإن بنية القوات المسلحة أو وعي المواطنة فيه, محكوم بمشكلات المجتمع وتركيبة المجتمع التي تنشطت فيه الطائفية السياسية والتمييز الديني والطائفي.

إن تشكيل حكومة إنقاذ وطني سيضعف الوجهة الفردية ويحد من التحولات الجارية في الحكم صوب الاستبداد ويعيد الأمور إلى نصابها بهذا القدر أو ذاك قبل أن يتحول إلى اللاعودة إلى مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق.

 

25/11/2011                                                                                                          

 

free web counter