| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

khabib@t-online.de

 

 

 

 

الخميس 26/10/ 2006

 



أحداث العمارة وناقوس الخطر المتكرر!

كاظم حبيب

ميليشيا جيش المهدي الشيعية المتطرفة, ومنها فرق الموت ذات الأيدي القذرة والمسمومة, تخوض معركة تلو أخرى مرة في النجف وأخرى في مدينة الثورة في بغداد وثالثة في كركوك ورابعة في العمارة..وهلمجرا, وهي معارك تحاول فيها أن تحقق عدة إغراض:
1. فحص قدرتها على المواجهة مع القوات العراقية الحكومية في حالة انسحاب القوات الأجنبية من العراق.
2. تأمين انتساب قوى جديدة إلى ميليشيات جيش المهدي بعد كل معركة تبدو فيها وكأنها متفوقة وقادرة على فرض إرادتها وفرض المساومة على الحكومة مع قيادتها المدنية (مقتدى الصدر والدراجي وغيرهما), والقيادة الميدانية العسكرية, وخاصة الكسب الجاري للشباب على حساب, ومن أعضاء في, حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الفضيلة.
3. اكتساب الخبرة في المعارك وتأمين المزيد من السلاح المناسب والبرهنة للممونين بالسلاح والعتاد أنها قادرة على فرض نفسها بالمقارنة مع قوى الإسلام السياسي الأخرى, إذ أنها تسعى لأن تلعب في العراق دور حزب الله في لبنان.
4. إقناع الممولين مالياً بإمكانية التيار الصدري وميليشياته (جيش المهدي) على التحكم بالشارع العراقي وفرض إرادتها وتغيير ميزان القوى لصالحها.
إن الحكومة العراقية برهنت حتى الآن على أنها عاجزة عن تنفيذ قرار حل المليشيات المسلحة وسحب أسلحتها, بغض النظر عن الانتماء المذهبي لهذه المليشيات المسلحة. وهي مقيدة بسبب وجود رئيس وزراء يمثل الائتلاف العراقي الموحد الذي تنضوي تحته ميليشيات جيش المهدي ومليشيات فيلق بدر التابعة للمجلس الأعلى, إضافة إلى كونه يقود حكومة تشارك فيها قوى سياسية ما تزال تؤمن بأن الحل العسكري هو القادر على تحقيق أهدافها في العراق, في وقت كلفت الحكومة من جانب جميع القوى المشتركة في الحكومة بحل تلك المليشيات.
إن الأحداث الأخيرة التي تساهم فيها مليشيات مسلحة تابعة لأحزاب سياسية سنية وشيعية, إضافة إلى قوى الإرهاب الصدامية وأتباع بن لادن, تؤكد سعيها إلى تحقيق هدف مركزي هو السيطرة على الوضع في البلاد بعد فرض الانسحاب على القوات الأجنبية, ومن هنا نلاحظ ازدياد عدد القتلى في صفوف الأمريكيين خلال شهر رمضان ووصوله إلى 93 جندياً, وكذلك المزيد من القتلى في صفوف المدنين من العراقيين وتقطيع رؤوس المزيد من الناس الأبرياء وبالجملة.
لا أدري إن كان رئيس الحكومة العراقية يشاركنا سمع ناقوس الخطر الذي راح يدق بقوة متزايدة
يوما بعد آخر بل ساعة بعد أخرى ولا من مجيب. أتمنى أن يكون ذلك قد حصل فعلاً, وإلا فالمصيبة أكبر حقاً.
إن الحل يكمن في ضرورة المبادرة إلى عمل سياسي واسع مع مواجهة فعلية مع المليشيات المسلحة المذهبية, إن أصرّت على عدم نزع سلاحها, فمعركة العمارة ستتكرر وتتسع قاعدة التحرك, ما لم تبادر الحكومة العراقية بوضع تكتيكات جديدة تحتوي الضربات المتكررة من جماعة مقتدى الصدر, إذ أن معارك أخرى يمكن أن تتفجر في ما بين المليشيات الشيعية ذاتها, فصراع الآخندية ليس جديداً على المجتمع العراقي, ويمكن أن يتخذ أبعاداً جديدة, فهو مرتبط بقضية الحكم والنفوذ والجاه والمال القادم من داخل العراق ومن وراء الحدود.
إن السكوت وعدم مواجهة العمليات الانتقامية والقتل والاعتداء وتطويق مراكز الشرطة والإدارة المحلية والتجاوز على حقوق الأفراد بالتدخل في شؤونهم اليومية وغلق وحرق محلات الحلاقة والمشروبات الروحية ومحلات بيع التسجيلات والأغاني والموسيقى وغيرها من الأعمال العدوانية لا يعني سوى الخشية من المواجهة ويعني ربما القبول بها من بعض الأطراف في الحكومة الحالية, إضافة إلى كتلة مقتدى الصدر في البرلمان والحكومة الحالية.
إننا ندعو إلى اتخاذ مواقف صارمة ضد تجاوزات ميليشيات جيش المهدي على القوانين وعلى الناس وأجهزة الدولة وما تمارسه من أعمال عدوانية. وتقع على عاتق على الحكومة مهمة إحباط ما تهدف إليه هذه المليشيات الآن وفي المستقبل.
لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار وسلامة الأفراد ما دامت الجماعات المسلحة طليقة وحرة في ما تمارسه, وما دامت تمتلك السلاح وتخزن الكثير منه لوقت لاحق, وما دامت الحكومة لا تتخذ من إجراءات صارمة وفاعلة ضدها وما لم تقوم بنزع أسلحتها.
إن نواقيس الخطر لم تتوقف عن الدق المتواصل, ولا يمكن أن ندعي أن الحكومة لا تسمع ذلك, فما السر إذاً في عدم اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة الخطر ووأده في مهده الذي اتسع كثيراً وقبل أن يستفحل ويتحول إلى ما يعانيه لبنان من سياسات وأفعال حزب الله التي هي في كل الأحوال تجاوز فظ على استقلالية الدولة وحرمتها ودورها وعلى حرمة وحرية وحقوق المواطنات والمواطنين.