| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الجمعة 25/3/ 2011


 

النظام الشمولي السوري ومحاولات التهدئة الفاشلة !!

كاظم حبيب 

عبر نضال طويل ومرير من جانب الشعب العراقي وعبر حرب خارجية ضد المجرم صدام حسين استطاع الشعب العراقي الخلاص من نظام البعث العربي الاشتراكي الشمولي والشوفيني البغيض وإلى الأبد. وهو اليوم يطالب بتحسين الأوضاع العامة والخلاص من جملة من السلبيات الكبيرة بما فيها ممارسة المحاصصة الطائفية والفساد المالي والإداري والبطالة ونقص الخدمات وغياب الحريات العامة والتجاوز عليها من جانب أجهزة الأمن وقوى مكافحة "الشغب" ...الخ.

ولكن انتفاضة شعب سوريا تتخذ مجرى آخر, مجرى النضال من اجل الخلاص من حزب البعث العربي الاشتراكي ونظامه الدموي الذي تجاوز حكمه أكثر من نصف قرن, ولن تستطيع قوى الأمن والقوات الخاصة أن تُسكت الشعب السوري أو ترضيه برشوته بعد أن قتلت بدم أكثر من بارد عشرات المتظاهرين وجرح عشرات أخرى والهجوم الشرس على الجامع العمري. ولم يكن هذا القتل وضرب المتظاهرين بقرار من محافظ درعا وأجهزة الأمن فيه, بل هو قرار صادر عن بشار الأسد, إذ لا يمكن لأي جهاز في سوريا أن يتحرك في سوريا دون موافقة الرئاسة والأجهزة الأمنية المركزية في دمشق. من يعرف نظام البعث المركزي يدرك هذه الحقيقة ولا يشك فيها. والشعب السوري يدرك ذلك تماماً ولن تخدعه إرسال امرأة لتتحدث عن إصلاحات جزئية لا فائدة منها.

إن المشكلة في سوريا تكمن في وجود نظام شمولي وسيطرة وقيادة حزب شمولي وشوفيني غيب الحريات العامة وصادر حقوق الإنسان بصورة كاملة وتامة ومنح أجهزة الأمن السورية والقوات الخاصة السيطرة التامة على البلاد وإخضاع الشعب له ولرقابته اليومية على كل حركة شاردة وواردة في سوريا والأفراد والجماعات, إضافة إلى سياسات التمييز والقهر الاقتصادي والاجتماعي والبطالة والفساد المالي والإداري والهيمنة البعثية على كل مجالات الحياة العامة مع انتشار واسع للفقر وتدهور مستوى المعيشة وتراجع سعر صرف الليرة السورية وتراجع قدرتها الشرائية أمام ارتفاع دائم للأسعار, وخاصة في الريف والمدن والتي تجلت بوضوح في مطالب أهالي درعا في مظاهراتهم التي قوبلت بالحديد والنار.

إن ما طرحته مستشارة بشار الأسد السياسية والإعلامية بثينة شعبان من مشروع يعبر عن حقيقة واحدة هي أن النظام السوري وقيادة حزب البعث والدكتاتور الجديد بشار الأسد كلهم يحاولون الالتفاف على الحركة الشبابية و الشعبية السورية بطرح أفكار مجزأة وبعيدة كل البعد عن مهمة الخلاص من نظام القهر البعثي الشمولي.

تقول بثينة شعبان إنهم سيدرسون رفع حالة الطوارئ وسيضعون قوانين أخرى لحماية الأمن. وهذا ما يعبر عنه العرب بأنها "فسرت الماء بعد الجهد بالماء". سيدرسون أولاً وإلى حين إلغاء هذا القانون سيضعون ثانياً قانوناً جديداً ليحل محل قانون الطارئ ولن يختلف عن الأصل في مواده وخنقه للحريات العامة, وستكون الحالة إلى ذلك الحين قد هدأت وتراجعت الفورة الثورية برشوة موظفي الدولة بزيادة الرواتب. وأنهم سيعيدون النظر بالإعلام لزيادة حريته. كل هذه الأمور لم تعد صالحة لإصلاح الوضع في سوريا, إذ إن ما يحتاجه الشعب السوري هو كنس هذا النظام بهيكليته الراهنة, فالأزمة هيكلية, والتخلص من رموزه الأساسية من الحرس القديم والجديد الذي تربى على أيدي الحرس القديم ورميهم جميعاً في سلة المهملات وجعل النظام ورموزه جزءاً من تراث أسود ومؤلم ومرير عاش الشعب السوري طوال عقود تحت وطأته.

أتمنى أن ينتبه المناضلون في سوريا إلى لعبة النظام ورئيسه ومستشاريه ويتجاوزوها بمواصلة التظاهرات لا في درعا التي تحملت الكثير من الآلام والدماء والدموع, بل وفي المدن السورية الأخرى لكي يضعوا حداً لنظام شمولي وشوفيني جائر.

إن النضال السلمي للشعب السوري يمكنه أن يجبر النظام على التخلي عن السلطة السياسية وفتح الطريق أمام بناء دولة وطنية مدنية وديمقراطية ودستورية حديثة وتشكيل حكومة مستقلة وحيادية تلتزم بإجراء انتخابات حرة ونزيهة جديدة تحت رقابة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني ووضع دستور مدني وديمقراطي حديث وجديد يستند إلى مبادئ حقوق الإنسان وقيم الإنسان الحضارية الحديثة.

 

25/3/2011
 

free web counter