| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الأثنين 25/7/ 2011


 

حكومة إيران وممارسة العدوان على شعب كردستان العراق

كاظم حبيب 

صرح السيد حسن السنيد بتاريخ 23/7/2011. رئيس لجنة تقصي الحقائق في البرلمان العراقي بأن إيران لم تعبر الحدود العراقية, ولكن قذائف المدفعية الإيرانية تضرب القرى الحدودية في الأراضي العراقية, وأنه سيقدم تقريراً بهذا الخصوص إلى المجلس!

                                           قناة العراقية الساعة 19 مساءً   

تشكل فيدرالية إقليم كردستان العراق شوكة في عين الحكومة الإيرانية, إذ كلما بذلت حكومة الإقليم جهوداً كبيرة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية مع الحكومة الإيرانية, ازدادت عنجهية الحكومة الإيرانية وتطاولت أكثر فأكثر على سيادة العراق والإقليم, وكأن رغبة الإقليم في إقامة علاقات ودية وطيبة وطبيعية مع إيران تنبع من نقطة ضعف إزاء الحكومة الإيرانية وليس من رغبة في الصداقة. وهي لا تأخذ بالاعتبار أن الإقليم يشكل جزءاً من الدولة العراقية التي يفترض أن يحترم أيضاًَ. ومما يجدر ذكره أن جهود الحكومة العراقية الراهنة في تعميق علاقاتها مع الدولة والحكومة الإيرانية تؤخذ من جانب الأخيرة على إنها من باب تحصيل حاصل, إذ أن العراق ضعيف أمام إيران, خاصة وأن لإيران قوى سياسية مماثلة لقوى الحكم الإيراني تؤيدها في ما تذهب إليه وتمارسه في العراق عموماً وفي الإقليم أيضاً.

وخلال فترة طويلة, وخاصة في الفترة الأخيرة, لم تكف إيران عن توجيه الضربات العسكرية إلى المناطق الحدودية وإلى الريف الكردستاني بذريعة وجود قوات مقاتلة للكُرد من إقليم كردستان إيران في المناطق الجبلية العراقية القريبة من الحدود الإيرانية, وبالتالي فهي تعرض الشعب الكردي في العراق إلى خسائر في الأرواح والممتلكات والمزارع والحيوانات بدم بارد وبروح عدوانية شرسة.

والغريب بالأمر أن الحكومة العراقية لم تحتج ولم ترفع شكوى ضد هذه الاعتداءات إلى مجلس الأمن الدولي لمناقشة الأمر ووضع حدٍ له على وفق القواعد والقوانين الدولية المعمول بها في مثل هذه الحالات. إن على الحكومة العراقية وحكومة الإقليم أن تنسقا معاً لرفع القضية إلى مجلس الأمن ما دامت إيران غير مستعدة لبحث الموضوع وحل المشكلات بالطرق التفاوضية والسلمية, كما إن من واجب الحكومة الأمريكية التي تتحدث عن كونها مسؤولة عن أمن وسلامة العراق حتى الآن أن تساهم في دراسة الموضوع وفي رفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي.

إن حكومة الإقليم والأحزاب السياسية الكردستانية لا تتدخل في الشأن الإيراني, بل هي حريصة على إقامة علاقات طبيعية مع إيران, وكذلك مع تركيا. ولكن على إيران أن تعي بأن منطقة الحدود بين الدول لا يمكن ضبطها, إذ غالباً ما يمكن أن يتحرك المناضلون في سبيل قضاياهم العادلة على المناطق الحدودية بين مختلف الدول ولا يمكن منعها بسبب عدم القدرة على ضبط الحدود. وبالتالي فمن واجب الحكومة الإيرانية أولاً وقبل كل شيء معالجة مشكلة القوميات في إيران وليس الاعتداء على العراق وإقليم كردستان. فإيران ومنذ عقود تصادر حقوق الشعب الكردي القومية في إقليم كردستان إيران وتعرض المناضلين فيه إلى خطر الاعتقال والقتل أو الحكم بالإعدام مما يثير غضب الشعب الكردي في إيران ويدفع به إلى المزيد من النضالية لانتزاع حقوقه المشروعة كما حصل في العراق. والعراق في حله للمشكلة الكردية أخيراً يقدم نموذجاً يقتدى به من قبل الشعب الكردي في إيران وتركيا وكذلك الكُرد في سوريا.

لا نكشف سراً حين نؤكد وجود جيوب إيرانية في العراق, وكذلك في إقليم كردستان العراق تتمثل بـ:

1 . قوى أمنية إيرانية وحرس ثوري إيراني يعملان في العراق وفي إقليم كردستان بصورة سرية وإلى حدود غير قليلة معروفين للحكومتين كما أعتقد.     

2. قوى إسلامية سياسية مؤيدة لإيران في سياساتها إزاء العراق وإزاء كردستان بهدف زعزعة الوضع في البلاد, وخاصة  في الإقليم لأنه يشكل النموذج الذي ترفضه للكُرد في إيران أيضاً.

3 . شركات تجارية ومقاولات ووكالات أنباء وحسينيات ومؤسسات دينية "خيرية!" تعمل بالتنسيق مع أجهزة الأمن والحرس الثوري في إيران ولصالحها ضد مصالح وإرادة الشعب العراقي , وكذلك ضد إرادة الشعب الكردي في كردستان العراق.

إن استمرار مواقف الضعف في مواجهة هذه الاعتداءات اليومية على الحدود العراقية في الإقليم سيجعل إيران تتمادى في غيهِّا وتواصل القصف المدفعي وربما الجوي على الأراضي العراقية وتواصل استخدام قواعدها السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية ضد مصالح البلاد. ولهذا لا بد من أن يتحرك العراق لوضع حد لها لا من خلال الرد بالمثل, إذ لا طاقة للعراق على ذلك ولا موجب له أساساً, بل من خلال الهيئات والمنظمات الدولية المسؤولة عن معالجة مثل هذه الحالات. لقد أجبرت الكثير من العائلات الفلاحية على  ترك مناطق سكناها خشية سقوط قذائف المدفعية الإيرانية على رؤوسهم, وقد قتل البعض وجرح البعض الآخر من جراء هذا القصف اليومي تقريباً.    

تعتبر إيران في هذه المرحلة دولة عدوانية وتوسعية ومشاكسة في منطقة الشرق الأوسط, كما تسعى إلى تصدير وجهتها الدينية المتطرفة إلى الدول العربية, كما في وجود حزب الله في لبنان والعراق وقوى سياسية أخرى مماثلة في البلدين وفي غيرهما. ومن هذا المنطلق في الذهنية التوسعية الدينية والشوفينية الفارسية تسعى إلى تعزيز قدراتها العسكرية الهجومية والدفاعية, إضافة إلى إنتاج جميع أنواع الأسلحة المحرمة دولياً, وخاصة السلاح النووي الذي تعمل على إنتاجه بجهود كبيرة ومستمرة. إن إيران تشكل مخاطر كبيرة على منطقة الشرق الأوسط, وهي بسبيل تنشيط سباق التسلح فيها وفي منطقة الخليج من خلال تعاظم حجم الأموال الموجهة لاستيراد السلاح من حكومات هذه الدول. فأخر وجبة دبابات عقدت مع السعودية ستستورد السعودية بموجبها 200 دبابة من طراز ليوبارد 2. وكذلك ازدادت استيرادات دول الخليج وإسرائيل وإيران ذاتها خلال عامي 2010 و2011.

إن على  المجتمع الدولي أن ينتبه إلى هذه المخاطر ويعمل من أجل معالجتها لا بغض النظر عنها, بل باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوضع حدٍ لها قبل أن تتحول إلى مرض عضال يستوجب استئصاله بعملية جراحية, أي بحرب دموية, وهو ما لا يجوز حصوله. كما إن الرأي العام العالمي يتحمل مسؤولية ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لدفعه باتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة قبل استفحال المعضلة.

 

23/7/2011
 

 

free web counter