| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الخميس 24/11/ 2011


 

أول الغيث قطر ثم ينهمر المطر: سياسة وزير التربية إزاء المرأة نموذجاً!!

كاظم حبيب

ما أن تم استيزار على الأديب, نائب رئيس حزب الدعوة الإسلامية, على رأس وزارة التعليم العالي حت التقى بإحدى المرجعيات الدينية في النجف التي "نصحته" بممارسة عملية العزل التام على مستوى المجتمع بين الإناث والذكور ومجموعة من "الإرشادات" المماثلة في المناهج وغيرها التي تعود لقرون خلت والتي أحياها النظام الإسلامي الإيراني بعد سقوط الشاه في إيران. والتزم الوزير علي الأديب بوصايا هذه المرجعية الدينية خاصة وأنه قد أكد في إحدى مقابلاته التلفزيونية أن حزبه يمارس الديمقراطية كأداة وليس كفلسفة, وهذا ما نعيشه منذ وصول المالكي إلى رئاسة الوزراء. فحال وصول حزب الدعوة الإسلامية التي يقودها المالكي انتهى استخدام الديمقراطية فقد أدت دورها في إيصال هذا الحزب وقادته إلى السلطة, وبعدها بدأت فلسفة هذا الحزب في فرض النهج الذي يراه مناسباً والذي يتماشى مع الرؤية الفكرية والسياسية للمرجعية الشيعية في إيران والمتمثلة بمرشد إيران على خامنئي. وأنه يرفض تسليم الحكم لغيره, "أخذناها بعد ما ننطيها"!!

وهكذا صدرت القرارات تلو القرارات بهذا الصدد. ولم يمارس علي الأديب وحده ولا وزير التربية الدكتور محمد علي  محمد تميم الجبوري وحده, بل رئيس وزرائهما نوري المالكي أيضاً حين نقلوا ثلاث موظفات من مكاتب مجلس الوزراء إلى وظائف أخرى بسبب الحجاب, ثم أخيراً قرأنا الخبر التالي:

"أبلغت إدارة معهد الفنون الجميلة للبنين في بغداد جميع تدريسيات المعهد بصدور أوامر وزارية بنقلهن الى معهد الفنون للبنات واقتصار تدريسي المعهد على الذكور فقط. وبحسب مصادر تربوية، فإن إدارة المعهد الجديدة والمشرفين من مديرية إعداد المعلمين أبلغت جميع الكادر التدريسي النسوي في المعهد بصدور أوامر نقل بحقهن كونهن نساء فقط من دون ذكر أي سبب أخر.

وأضافت إن عملية النقل ستسبب فراغاً تدريسياً واضحاً خاصة وان عدد التدريسيات يبلغ 47. وعلى صعيد متصل منعت إدارة المعهد دخول أي وسيلة إعلامية إليه إلا بموافقة من المكتب الإعلامي لوزير التربية حصراً. وكانت أدارة معهد الفنون الجميلة قد أصدرت قبل شهر قراراً بنقل عدد من التدريسيين إلى معاهد أخرى دون توضيح الأسباب."

إن هذه الإجراءات المتشددة والمتزمتة والغارقة في سلوكية وممارسات القرون التي كانت المرأة بضاعة تباع وتشترى, وحين كانت المرأة لا تمتلك صوتاً يدافع عنها أو تدافع عن نفسها, وحين كان المجتمع غارقاً في ظلمات الجهل والعبودية, لا تصدر عن هذا الوزير أو ذاك وحده, بل هي نتيجة قرار متخذ في قيادة حزب الدعوة الإسلامية وبالاتفاق مع مرجعيتهم الدينية الجديدة وربما مع قوى إسلامية سياسية متشددة أخرى!!

إن على القوى الديمقراطية وذات الإرث الحضاري الحديث والمواقف الوطنية المشهودة في الدفاع عن المرأة أن ترفع صوت الاحتجاج والاستنكار ضد هذا الإجراء العدواني ضد حضارة الإنسان وحداثته والإجراءات المماثلة. إن السكوت عنه سيدفع بهؤلاء المتخلفين إلى دفع المجتمع إلى مستنقع تفوح منه رائحة الخشية من المرأة واعتبارها سيئة وناقصة العقل وأن لا يجتمع امرأة ورجل إلا وبينهما الشيطان! إن هذه الإجراءات الشرسة المعادية للمرأة وحقوقها المشروعة لا تصدر إلا عن شخصيات مريضة تعاني من علة الخوف من المرأة, من شخصيات ذكورية مصابة بالشبقية التي ما أن ترى مرأة إلا وينتصب شيء ما فيها. إنه اعتداء جديد وصارخ على المرأة والرجل والمجتمع بأسره. إنه الكارثة الصفراء الزاحفة على المجتمع.

أدعو المرأة في العراق إلى التكاتف والنضال ضد هذا الإجراء والإجراءات المماثلة .

أدعو الرجل في بلاد الرافدين إلى التعاضد مع المرأة والنضال ضد هذا القرار المجحف بحق المرأة والرجل والمجتمع.

أدعو الأحزاب السياسية التي تتحدث عن الديمقراطية وتدعي تبنيها لها أن تبرهن على هذا الآن وحالاً بإدانتها ورفضها لهذا الإجراء وطلب التراجع عنه مباشرة.

أدعو منظمات حقوق الإنسان إلى رفع صوت الاحتجاج والتنديد بمثل هذه الإجراءات الزاحفة التي تريد ترويض المجتمع بإجراءات أقسى وأقسى.

أدعو لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن تطالب العراق بتنفيذ بنود لائحة حقوق الإنسان الدولية الموقع عليها من قبل الدولة العراقية والمصادق عليها أيضاً.

أدعو الجميع إلى وقفة إنسانية حضارية لصالح المرأة والمجتمع من أجل وضع حد لشخصيات مريضة تفرض علينا إجراءات وسياسات مريضة في آن واحد.

إنه أول الغيث قطر ثم ينهمر المطر .. إنه الطاعون !!

 

23/11/2011                                                                                                          

 

free web counter