موقع الناس     http://al-nnas.com/

الإرهابيون المجرمون يحاولون تفجير فتنة طائفية في العراق!


لتشل أيدي المجرمين ولتتعزز وحدة الشعب العراقي!

 

كاظم حبيب

الخميس 23 /2/ 2006

يوم 20/21 من هذا الشهر (شباط/فبراير 2002) وجهت رسالة ثانية, بعد رسالتي الأولى قبل شهرين تقريباً, إلى سماحة السيد عبد العزيز الحكيم, رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ورئيس قائمة الائتلاف العراق الموحد, مشيراً فيها إلى المصائب والمشكلات الجمة والمحتملة من تفاقم أجواء النعرة الطائفية في أوساط المجتمع العراقي مذكراً إياه, ومعه كل العراقيات والعراقيين, إلى حوادث التاريخ المريرة, حيث كان الأجانب الترك في الدولة العثمانية, أو الفرس يحتلون العراق ويمارسون تهديم العتبات المقدسة حيث دفن فيها الأئمة والأولياء الصالحون لأتباع المذهب الشيعي والسني على التوالي ويحولونها إلى مرابط للخيل, إضافة إلى قتلهم للناس. وكانت هذه العمليات الدنيئة والجبانة تفجر الصراعات داخل المجتمع العراقي لتقود إلى مزيد من الموتى والجرحى في الصف العراقي وإلى خسائر مادية كبيرة, إضافة إلى الكثير من الجراح النفسية التي كانت, مثل هذه العمليات القذرة, تترك أثاراً عميقة الغور في نفوس العراقيات والعراقيين من أتباع المذهبين الإسلاميين.
ولم تمر إلا سويعات على توجيه هذه الرسالة حتى فجر المجرمون الإرهابيون القتلة في صبيحة يوم 22/2/2006 قبتي ضريحي الإمامين الشريفين على الهادي والحسن العسكري في مدينة سامراء, التي حرص أهلها وكل الناس الخيرين فيها على حماية هذه العتبات ورعايتها وخدمة الزوار القادمين إليها من مختلف بقاع العالم لزيارة هذه المراقد وإلقاء نظرة على سرداب غيبة الإمام المهدي. إن التهديم الإجرامي الذي لحق بالقبتين كان يراد منه تهديم وحدة النسيج العراقي وإعاقة مسيرة العراق صوب المجتمع المدني والديمقراطي المنشود وتعطيل المفاوضات الجارية حالياً لتشكيل حكومة وحدة وطنية تتصدى أولاً وقبل كل شيء للإرهابيين المجرمين من مختلف الجماعات التكفيرية والإرهابية المتطرفة والصدّامية وتنهي العمليات الإرهابية التي يمارسونها في العراق ضد الإنسان والاقتصاد والمجتمع العراقي.
إن هذه الجريمة الجديدة, التي أثارت بحق سخط وغضب واشمئزاز وإدانة جميع العراقيين على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية, جديرة بأن تدفع جميع الأحزاب والقوى السياسية العراقية إلى استعمال العقل والمزيد من الحكمة في مواجهة الأوضاع الراهنة وتتحمل مسؤوليتها الوطنية لرفض السلوكية الطائفية السياسية في النشاط السياسي والاجتماعي والثقافي العراقي وحل المليشيات شبه العسكرية التي تتسبب بمزيد من المشكلات.
إن العراق بحاجة إلى إقامة المجتمع المدني الديمقراطي الحديث, إلى ممارسة حقوق المواطنة والإحساس العام بأننا في بلد واحد ومجتمع واحد, وأن تعددت قومياتنا وأدياننا ومذاهبنا واتجاهاتنا الفكرية والسياسية, وأن اختلفت مواقفنا إزاء العديد من القضايا, إذ أن حلها يتم بآليات ديمقراطية وعبر صناديق الاقتراع والمجلس النيابي والمجالس المحلية والدستور .
إن الإرهابيين, وهم يمارسون عدوانهم الآثم, يدركون مواقع المناطق الرخوة في المجتمع العراقي ويحاولون الدوس عليها والإساءة إليها لإشاعة النعرات الطائفية والعشائرية والاختلافات الدينية وصولاً إلى الحرب الطائفية. وعلى القوى السياسية العراقية الوطنية أن تسقط هذه الأوراق من أيدي الإرهابيين.
إن علينا أن ندرك بأن ليس في مقدور العراق البقاء والتطور دون اعتماد مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية, إذ بدونها سيصبح العراق ساحة للصراعات التي لا يستفيد منها الشعب, بل تلك القوى الطامعة بالعراق والراغبة في تفتيت وحدته الوطنية وإشاعة الحرب الطائفية.
علينا أن نُقّيمَ عالياً الموقف المسؤول الذي مارسته المراجع الدينية, الشيعية منها والسنية, في مواجهة الخطب الجديد والتصدي له. ولكن هذا لا يكفي, إذ من الواجب تقديم النصح للأحزاب الإسلامية السياسية التي تمارس سياسات طائفية وتمييز طائفي وتفرقة طائفية في أساليب دعايتها وفي حملاتها الانتخابية بدلاً من التركيز على الوحدة الوطنية وعلى القضايا السياسية التي تمس المجتمع بأسره.
إن السياسات الطائفية التي تمارسها بعض القوى السياسية العراقية ستشجع قوى الإرهاب على مواصلة القتل والتدمير والإساءة إلى العقائد الدينية والمذهبية, بما فيها نسف مراقد الأئمة والأولياء الصالحين والمساجد والجوامع والحسينيات, لإشاعة الفوضى والاحتراب الديني والمذهبي.
إن المحنة الجديدة قادرة لأن تصبح نقطة تحول في السياسة العراقية في موقف الجماهير العراقية كلها من الإرهاب والإرهابيين وتتعاون مع المسؤولين لكشف عن مخابئ وأوكار الإرهابيين وتوجيه الضربة لهم وتدمير البنية التحتية التي يستندون غليها في عملياتهم الإجرامية.
إن الدعوة التي وجهها السيد رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية والكف عن سياسة الإقصاء ومحاولة الهيمنة على الحكم والسياسات الحكومية أو فرض وجهة طائفية معينة على سياسة الدولة العراقية هي التي يفترض أن يؤخذ بها, إذ أنها الطريق الوحيد لضمان حياة ومستقبل أفضل للعراق الجديد المنشود.
لنعمل من أجل تضافر الجهود الخيرة لمواجهة قوى الإرهاب والتكفير والاستبداد والتمييز الطائفي وشل أيدي الإرهابيين وتقديمهم للعدالة.
لنعمل من أجل إقامة دولة عراقية مدنية ديمقراطية اتحادية, ومجتمع مدني ديمقراطي حديث تتمتع فيه كل القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية الديمقراطية بحريتها وحقوقها المشروعة.
لتزدهر حياة الشعب في العراق بعيداً عن الذهنيات والممارسات العنصرية والشوفينية والطائفية المقيتة وسياسات الإقصاء أو الهيمنة.