موقع الناس     http://al-nnas.com/


Prof. Dr. sc. K. A. Habib, PSF: 400129, 12631 Berlin, Germany
Tel. & Fax: (004930) 54 14 150, khabib@t-online.de
 


برلين في 23/3/2006


الرفاق والأصدقاء الأعزاء في المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
 


تحية حارة

بمناسبة قرب حلول الذكرى السنوية لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي اسمحوا لي أن أتوجه بالتحية النضالية لحزب النضال والحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية, وأن أحيي من خلالكم كل الشيوعيين وأصدقاء الحزب ورفاق درب النضال الطويل والمشرف.
إن الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي تجسد حقيقة أن هذا الحزب كان وما يزال واحداً من أقدم الأحزاب السياسية التي نشأت في العراق ومارست النضال دون هوادة وقدمت الكثير والكثير جداُ من التضحيات في سبيل عملية التنوير السياسي والاجتماعي والتعبئة الشعبية ومصالح الشعب الأساسية ومن أجل الاستقلال والسيادة الوطنية وإقامة "وطن حر وشعب سعيد". وقد خزن الحزب خلال مسيرته النضالية تجارب غزيرة وذات فائدة كبيرة لكل القوى والأحزاب السياسية العراقية في نضالها الوطني والديمقراطي.
لقد كانت سياسات ومواقف الحزب الشيوعي على امتداد الفترات المنصرمة تجسد الوطنية الصادقة والحب العميق للشعب والإيمان بمبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها, ومنها الشعب الكردي في كردستان. ولا يغير من هذه الحقيقة وقوع الحزب في أخطاء ومواقف سياسية في هذه الفترة أو تلك, فمن لا يعمل لا يرتكب الأخطاء, ولكن عدم العمل بحد ذاته هو من أفدح الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها أي إنسان أو حزب سياسي.
إن سياسات الحزب الراهنة, التي تدعو وتسعى إلى إقامة حكومة وحدة وطنية تستند إلى تحالف القوى السياسية العراقية على أساس برنامج وطني وديمقراطي يكرس الحياة الديمقراطية للشعب ويعزز وجهة إقامة وتكريس الدولة العراقية الديمقراطية الاتحادية, هي التي تساهم, مع سياسات قوى وأحزاب سياسية ديمقراطية أخرى في البلاد, في دعم جهود الخروج من الأزمة الخانقة التي يعيشها المجتمع وينهي تدريجاً العمليات الإرهابية التي تمارسها قوى الظلام والعدوان والهمجية من زرقاويين وصداميين وشوفينين رجعيين وعصابات الجريمة المنظمة التي تريد العودة بالعراق إلى ماضٍ لا يجوز عودته, إلى الماضي المخزي المتسم بالاستبداد والقمع والعنصرية والتطهير العرقي والتهجير القسري والطائفية السياسية والخيمة الفكرية الشوفينية أو الدينية الواحدة والحروب والفقر والفاقة ومصادرة حقوق الإنسان, بما في ذلك حقوق المرأة.
إن التحالف والتعاون مع القوى السياسية يستوجب في الوقت نفسه ممارسة النقد والقبول بالنقد من الآخرين أيضاً والاستماع إلى الرأي الآخر, وخاصة رأي الشعب وقواه السياسية المختلفة. وبالتالي فالعملية الجارية في العراق حالياً ذات طبيعة كفاحية فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية معقدة, إضافة إلى كونها عملية عسكرية وأمنية, التي تستوجب وعياً بكل التعقيدات والصعوبات والمطبات في آن واحد, وأهمية الاستفادة من خبرات ودروس ومعارف الفترات المنصرمة.
إن مهمات النضال الجاري لا تستهدف القضاء على الإرهاب وإعادة بناء الاقتصاد الوطني والسير المعجل على طريق التنمية الاقتصادية والبشرية وتغيير بنية الاقتصاد الوطني المشوهة والمتخلفة واعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي وحماية الثروة الوطنية, وخاصة النفطية, وتحسين مستوى حياة ومعيشة المجتمع, وخاصة المنتجين والكادحين والمهمشين اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً, فحسب, بل ومن أجل توفير مستلزمات الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية والسلام ومنع تدخل القوى والدول المجاورة في شؤون العراق الداخلية ورفض الطائفية السياسية ومكافحة الفساد الوظيفي والمالي السائد كنظام مكرس في الدولة العراقية, أو محاولة حل المشكلات الداخلية والخارجية بالعنف, وإنهاء وجود المليشيات المسلحة, إضافة إلى إنهاء وجود القوات الأجنبية, التي ساهمت في إسقاط وخلع الفاشية في العراق, ولكنها لم توفر حتى الآن الأمن والاستقرار والبناء المنشود في العراق. وهي في كل الأحوال مهمة العراقيات والعراقيين أولاً وقبل كل شيء.
أتمنى للحزب الشيوعي العراقي في مؤتمره الثامن, الذي تجري التهيئة له, النجاح في أعماله ومن أجل ضمان تحقيق التجديد بكل أبعاده واتجاهاته ومضامينه الفكرية والسياسية والتنظيمية وخطابه السياسي وإعلامه والعلاقات مع المجتمع والقوى والأحزاب السياسية, وتعميق الحداثة وتعزيز أسس الحرية والديمقراطية والعقلانية في حياة الحزب الداخلية, والرؤية الواقعية لما يجري في العراق والعالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وعلى الصعيد الدولي, والأخذ بالاعتبار التغيرات الكبيرة الطارئة في مجال الفكر الإنساني والعلاقات الاقتصادية الدولية والعولمة بشكل ملموس. كما أتمنى للحزب تطوير وتعزيز التعاون مع القوى الديمقراطية والعلمانية في العراق لصالح المستقبل الأفضل للشعب العراقي بكل مكوناته القومية والدينية والمذهبية والفكرية والسياسية.
لكم مني أيها الأصدقاء الأعزاء جميعاً أحر التحيات وأخلص الأماني بمناسبة الذكرى العطرة الجديدة.
مع خالص التقدير والمودة والاعتزاز.


كاظم حبيب