| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

 

الأحد 22/1/ 2006

 

 

 

 التحالف الإيراني السوري إلى أين؟

 

كاظم حبيب

منذ أن نجح مرشح الحرس الثوري في إيران, محمود أحمدي نجاد, في الوصول إلى رئاسة الجمهورية, توقعت, وتوقع معي الكثير من المحللين السياسيين والمتتبعين لأوضاع إيران, أن السياسة الداخلية والخارجية لإيران ستتخذ مجرى جديداً أكثر تطرفاً وغوغائية وديماگوگية من جهة, وأكثر تشديداً للصراع الجاري مع الغرب في منطقة الشرق الأوسط, وبشكل خاص في قضية الملف النووي الإيراني والقضية الفلسطينية والوضع في العراق من جهة أخرى, وأن إيران ستعمل تحت شعار غير معلن هو "الهجوم خير وسيلة للدفاع". وينبع هذا الخط المتشدد من رؤية قاصرة عن متابعة المتغيرات الجارية على الساحة الدولية ومحاولة الاستفادة من تناقضات أو اختلافات في المواقف فيها باتجاه تحقيق مكاسب معينة, في حين يمكن أن تحمل معها الكوارث لتلك الدول والمنطقة بأسرها. والخطير بالأمر أن أحمدي نجاد لا يريد أن يسير وحده بهذا الطريق المعوج, بل يدفع معه بقوى أخرى لممارسة نفس السياسة الرعناء, مما يعرضها إلى ضربات قاسية لا مبرر لها بأي حال. وقد أشرنا إلى هذه الوجهة في أكثر من مقال حول إيران وسوريا والوضع في فلسطين ولبنان.
ومنذ أن تسلم أحمدي نجاد منصبه الجديد, بدأ بسعي محموم لتطوير تحالفات إيران السياسية مع أربع قوى على الساحة السياسية في الشرق الأوسط, وهي القيادة السورية الراهنة وقوى الإسلام السياسي المتشددة في فلسطين (حماس والجهاد الإسلامي على نحو خاص) وحزب الله في لبنان, مع السعي لتعزيز مواقعه في العراق وجنوبه بطرق مباشرة أو غير مباشرة وعبر الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية ومع قوى تعمل لصالحه مباشرة. وتجلى هذا النهج في الزيارات المتبادلة بين هذه الأطراف متخطياً أحياناً كثيرة حكومات لبنان وقواها السياسية الأخرى والحكومة الفلسطينية أيضاً. فزيارة خالد مشعل, أمين عام المكتب السياسي لحماس, والمقيم في سوريا إلى إيران وزيارة أحمدي نجاد إلى سوريا ومقابلاته مع الأسد وحزب الله وحماس وبعض الأطراف المماثلة الأخرى, يؤكد محاولة إيران تشكيل محور جديد في منطقة الشرق الأوسط يضم هذه القوى مع السعي للحصول على تأييد "قوى إسلامية سياسية وقومية عربية" لهذا التوجه من خلال دفع سوريا لتنشيط تلك القوى. ولم يكن مؤتمر المحامين العرب المنعقد حالياً في الشام إلا جزءاً من تلك الجهود المبذولة في هذا الاتجاه.
ونجم عن هذه الزيارة الخطاب الاستفزازي الذي ألقاه بشار الأسد في مؤتمر المحامين العرب, حيث حاول إهمال الوضع الداخلي وتحدث عن الوضع في الشرق الأوسط وكرس سياسة "الهجوم غير وسيلة للدفاع", ولكن بصورة بائسة تعبر عن اهتزاز حقيقي في الداخل وعن عجز عن رؤية الواقع المحيط بالرجل والمسائل التي يفترض معالجتها والحلول العملية التي يفترض طرحها للوضع الداخلي والعلاقات مع لبنان ومع الوضع في العراق. إن مواطناً اعتيادياً يفتقد البصيرة ويعيش في أوهامه الخاص لا يؤذي إلا نفسه أو عائلته في أسوأ الأحوال, ولكن عندما يفقد رئيس دولة بصيرته ويعجز عن رؤية وتحليل الوقائع المحيطة به وأوضاع شعوبه ولا يتحدث إلا عن الكرامة والشهامة والشرف, وهي كلها مخدوشة حالياً, لا يؤذي إلا شعبه ووطنه, وبالتالي, يمكن أن يقود بلده إلى مواقع لا يحسد عليها أحد. وعلينا أن لا ننسى تجربة الدكتاتور الخائب صدام حسين الذي قاد بلاده وشعبه إلى ذات المواقع التي يريد كل من أحمدي نجاد وبشار الأسد قيادة بلديهما إليه. إنها الكارثة التي يمكن أن تواجه إيران وسوريا في الفترة القادمة, وهي تحمل مخاطر جديدة للقضية الفلسطينية وضياع المزيد من الأرض والحقوق المهضومة. والوضع الذي نعيشه اليوم في كل من إيران وسوريا على نحو خاص يسمح لنا أن نتساءل بصدق: هل أن كلا من الرجلين مصاب بمرض الوهم والنرجسية وفقدان البصيرة؟