| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الأحد 22/1/ 2012


 

التعامل مع الصحف العراقية جحيم لا يطاق!

كاظم حبيب

يواجه الكتاب والصحفيون في العراق مختلف أنواع الرقابة منذ العهد الملكي والعهود الجمهورية والوقت الحاضر, الكثير منها حكومي أساساً, وبعضها يرتبط برقابة هيئات التحرير أو بمحاولات للشطب والتقطيع أو التحوير والتشويه.

في العهد الملكي كتبت مقالاً تحت عنوان "ملاحظات في كتاب "أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث" للكاتب البريطاني ستيفنن همسلي لونگريگ, ترجمة جعفر خياط. حكم عليَّ بسببه في العام 1958 وأنا في الإبعاد في بدرة بالحبس لمدة شهرين قضيتها في سجن بعقوبة مع تعذيب شرس. كان هذا قبل ثورة تموز.

في تموز/يوليو من عام 1978 نشرت مقالاً في طريق الشعب حول حركة وفعل القوانين الاقتصادية والاقتصاد العراقي فأصدر صدام حسين ومجلس قيادة الثورة أمراً باعتقالي وتعذيبي, فعذبت وأُحلت على التقاعد بدون تقاعد وأطلق سراحي وأجبرت على مغادرة العراق للتدريس في جامعة الجزائر.

في التسعينات من القرن الماضي نشرت مقالات في جريدة لندنية. في أحد هذه المقالات وضعت هيئة التحرير عناوين ثانوية لمقال مهم لي شوهت الموقف كله, كما منعت مقالا لي عن قناة الجزيرة, مما جعلني أقاطع تلك الجريدة حتى الوقت الحاضر. وكانت مقالاتي لها كلها مجانية.

امتنعت مجلات عراقية ونحن في الشتات العراقي وقبل سقوط النظام عن نشر مقالات لي بسبب كوني شخصية مختلف عليها من حيث الموقف الفكري والسياسي. وتوقفت عن إرسال مقالاتي لها. ونشرت مقالاتي في مجلات عربية لبنانية. ومجلة عراقية أخرى طلبت مني الكتابة لها فوافقت على وفق اتفاق معين يضمن عدم التلاعب في مقالاتي أو تغيير عنوانين المقالات نشرت لي مجموعة من المقالات الأسبوعية لمدة ستة شهور إلى أن أخلت بالاتفاق فتوقفن عن النشر فيها.

في أعقاب سقوط النظام انفتحت أبواب النشر في الصحافة العراقية أمام مقالاتي والكثير من الكتاب والصحفيين العراقيين. اتفقت مع جريدة عراقية يومية في بغداد على النشر وبطلب من هيئة التحرير. استمر النشر لفترة أقل من سنة ثم أخل رئيس التحرير بالاتفاق المبرم فتوقفت عن النشر في الجريدة.

وصحيفة عراقية أخرى نشرت لي مقالات كثيرة على وفق اتفاق شفوي بيننا, ولكنها ولأسباب سياسية بدأت لا تنشر بعض المقالات وتنشر البعض الذي تريده هيئة التحرير. أعلنت لهم عن إلغاء الاتفاق من طرف واحد, إذ لا يجوز التعامل بهذه الطريقة, فحرية النشر يجب أن تكون مكفوله للكاتب وللصحفي ما دامت المقالات موضوعية ولا تسيء لشخص عام أو خاص, بل تعالج السياسات والمواقف الفكرية. لقد غابت الرقابة الحكومية وبرزت الرقابة التي تمارسها هيئات التحرير.

منذ سنوات وأنا أنشر في جريدة احترمها كثيراً واعتبرها جريدتي أيضاً. فكانت تنشر لي مقالات عديدة ولا تنشر أخرى. وكان الاتفاق لا مانع من عدم النشر ولكن لا بد من إعلامي لكي لا يموت المقال إذ يمكن نشره في مكان آخر, وهي مقالات أرسلها مجاناً. وقد جوبهت بموقف غير مريح في هذا الصدد قررت التوقف عن النشر فيها إلى حين معرفة الموقف: هل  بسبب طبيعة مقالاتي, أم بسبب كاظم حبيب ذاته.

لو جمعت المقالات التي لا أعرف أسباب عدم نشرها لشكلت كراساً غير صغير.

المقالات التي تنشر باسم الكاتب يتحمل الكاتب ذاته مسؤولية ما جاء فيها. علماً بأن مقالاتي لا تتجاوز على الأشخاص, ولكنها تعالج المشكلات والسياسات والمواقف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. 

لقد تخلص العراق من الرقابة الحكومية تقريباً, وإذا به يخضع لرقابة بعض هيئات التحرير. يبدو إن العراق يعيد إنتاج الاستبداد الفكري والسياسي بطرق مختلفة ولا يقتصر على النخب الحاكمة, بل يمتد لشمل مجالات كثيرة أخرى ومنها الإعلام بما فيها النشر في الصحافة العراقية.

 

19/1/2012
 

 

 

 

free web counter