| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الأربعاء 20/7/ 2011


 

هل ورث الحاكم بأمره الجديد في العراق عن صدام سلوكه مع الخبراء والمستشارين؟

كاظم حبيب 

لم يكن عبثاً حين انتشر في العراق المثل الشعبي العراقي المشهور "تريد أرنب أخذ أرنب, تريد غزال أخذ أرنب" وهذا يعني باختصار حصتك هي الأرنب شئت أم أبيت. وكان ترديد هذا المثل الشعبي يعبر عن واقع العراق في فترة حكم الدكتاتور صدام حسين, الذي اعتقد جازماً حتى آخر لحظة من حياته أنه يمتلك الحكمة والحق والحقيقة المطلقة بكاملها. وفي مقال للصديق والأستاذ الكاتب الساخر خالد القشطيني في تأبين ابن عمه الطيب الذكر الأستاذ الدكتور سعدون القشطيني جاء ما يؤكد هذه الحقيقة, فقد كان الأستاذ سعدون قد عيّن مستشاراً قانونياً لدى صدام حسين, فاستقال من منصبه بسرعة. يقول الأستاذ خالد: "سألته لماذا تركت المنصب؟ قال هذا الرجل يجمعنا كمستشارين . لا نجلس حول الطاولة حتى ينهض و يتمشى في الغرفة يدور حولنا ويهذي علينا. لا يستشيرنا ولا يسألنا. المطلوب هو أن نسمع هذيانه ...." هذه هي إحدى أبرز سمات الفرديين والمستبدين الذين لا يسمعون رأي الآخر ولا يريدونه ويحقدون على من يقدم لهم النصيحة والاستشارة الطيبة ويعتقدون جازمين بأنهم خير من يعرف.

اتفاقية الغاز الطبيعي التي يراد التصديق عليها من جانب مجلس النواب, بعد موافقة الحكومة العراقية الحالية عليها, رُفضت من عدد كبير من الخبراء العراقيين, كما قدم المستشار القانوني في وزارة النفط اعتراضاته القانونية على هذه الاتفاقية. ولم يبق صوت اقتصادي وقانوني عراقي له معرفة جيدة بشؤون اقتصاد النفط والغاز الطبيعي إلا وقدم اعتراضه على هذه الاتفاقية. ولكن رئيس الوزراء العراقي ونائبه الدكتور حسين الشهرستاني مصران على إمرار هذه الاتفاقية دون أن يعيا آثارها الاقتصادية والسياسية السلبية الراهنة واللاحقة على الاقتصاد العراقي وعلى ثروة البلاد والمجتمع.

إن رئيس الحكومة في العراق يبتعد في تصرفه في هذا الصدد, دعنا عن المسائل السياسية والاجتماعية الأخرى, عن الحكمة التي يستوجبها مركزه الحكومي وبالتالي يقترب من ذهنية الحكام الفرديين المستبدين برأيهم, يسمعون الرأي الآخر ولكن يكون رأيهم هو الأصوب دوماً, وهو الرأي الذي يتحول إلى قرار ملزم للدولة والمجتمع. إنها الخطوة الأولى على طريق الاستبداد وعدم السماع لأي رأي آخر, بل الدوران حول المستشارين والخبراء وتقديم الاستشارة والنصح لهم بدلاً من الاستماع لرأيهم والاستفادة منه في صياغة الرأي المناسب الذي يتناغم ومصالح البلاد.

لقد كتب الكثير من السادة المختصين, ومنهم الأخوة الدكتور وليد خدوري والدكتور كامل العضاض وأخيراً الدكتور محمد علي زيني, إضافة إلى ما أشار إليه في العام 2008 بهذا الصدد, حول الجوانب السلبية التي تتضمنها هذه الاتفاقية التي يراد إقرارها مع "شركة شل" العالمية وإمرارها على طريقة الأرنب والغزال.

لهذا أقترح أن يأخذ الأخوة الاقتصاديون على عاتقهم مهمة كتابة مذكرة مكثفة وواضحة بهذا الصدد يجري جمع التواقيع عليها وبسرعة من جانب الاقتصاديين والقانونيين والسياسيين الذين يدركون مخاطر هذه الاتفاقية لتقديمها إلى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب العراقي ويجري توسيع نشرها على كل فئات الشعب العراقي يشار فيها إلى التحفظات الأساسية الاقتصادية والقانونية والسياسية الواردة على هذه الاتفاقية من أجل منع عقدها وإجراء التعديلات الضرورية واللازمة عليها.

 

18/7/2011
 

 

free web counter