| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

 

الخميس 19/1/ 2006

 

 

من منظور مختلف :

حكومة الوحدة الوطنية والديمقراطية هما الطريق لمواجهة تحديات المرحلة

 

د . كاظم حبيب

انتهت الانتخابات وظهرت النتائج وتباينت المواقف منها وتعدد وجهات النظر في ما حصل أثناء الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع. وتتفق الغالبية العظمى من المحللين السياسيين والمراقبين والمطلعين على مجرى العملية الانتخابية على عدد من الأمور التي نشير إليها في أدناه:

• وقعت تجاوزات غير قليلة وخروقات أثناء الحملة الانتخابية تتعارض مع شروط خوضها.
• حصلت تجاوزات وتزوير في يوم إجراء عملية الاقتراع تتناقض مع الدستور وقانون الانتخابات.
• ولكن هاتين الحالتين لا تسقطان العملية الانتخابية ولا يتطلب الأمر إعادتها بالكامل, بل يفترض أن تقبل بعد أن تجري عملية تدقيق من جانب الهيئة الدولية التي سوف تعلن عن نتائج التحقيق التي, كما أرى سوف لن تغير من واقع الأمر كثيراً. وأي حراك في عدد المندوبين للقوائم الأربعة الرئيسية سوف لن يكون كبيراً بل محدوداً.
• وهذا يعني أن على المجتمع العراقي ومسؤولي القوائم التعامل الواقعي مع هذه التجربة لتكون درساً للدورات الانتخابية القادمة, إذ أن عمليات التزوير مهما صغرت تؤثر سلباً على المزاج العام وتجعل الناس يستمرؤون ويتذكرون عهوداً خلت أو يتقبلون ما لا يجوز القبول به.
إذن نحن أمام حقيقة فوز القوائم الأربعة التالية على التوالي: قائمة الائتلاف العراقي الموحد, قائمة التحالف الكردستاني, قائمة التوافق الوطني العراقي والقائمة العراقية الوطنية. وتشكل معاً ما يقرب من 240 مقعداً نيابياً من مجموع 275 مقعداً. وفي ضوء الأرقام الأولية المعلنة يمكن أن تنشأ تحالفات عديدة باحتمالات عديدة, منها:
1. تشكيل تحالف حكومي يضم أعضاء القائمتين الرئيسيتين التي يصل تعداد مندوبيها أكثر من نصف عدد مقاعد مجلس النواب.
2. تشكيل تحالف حكومي يضم الائتلاف العراقي الموحد والتوافق الوطني العراقي والقائمة الوطنية العراقية حيث يصل مجموعة الأصوات إلى ما يزيد على نصف مقاعد المجلس.
3. تشكيل تحالف حكومي يضم قوائم التحالف الكردستاني والتوافق العراقي والقائمة العراقية الوطنية وبقية المندوبين الذين لا يرتبطون بقائمة الائتلاف العراقي الموحد ليشكلوا أكثر من نصف أعضاء المجلس.
4. تشكيل تحالف حكومي يضم القوائم الثلاث الأولى الفائزة دون القائمة الوطنية العراقية, إذ تزيد قوتها التصويتية مجتمعة عن نصف أعضاء المجلس النيابي.
5. تشكيل تحالف حكومي يضم القوائم الأربعة الفائزة بأعلى الأصوات على أساس التوافق في اتخاذ القرارات والسياسات الخارجية والداخلية, كما لا يبعد تمثيل بعض الأصوات الأخرى في المجلس.
إن أضعف الاحتمالات هو الثالث, في حين أن أقوى الاحتمالات هو الرابع والخامس وأفضلها هو الاحتمال الخامس بالنسبة للمرحلة الراهنة,
إن أكثر الاحتمالات الواردة هما الاحتمال الرابع والخامس, وأكثرها فائدة للعراق وتطوره هو الاحتمال الخامس الذي يمكن أن يعبئ حوله أكثر ما يقرب من 10 ملايين ونصف مليون ناخبة وناخب من مجموع 11 مليون إنسان شاركوا في التصويت, أي ما يعادل 90 % منهم, أو ما يعادل 67% من مجموع الذين لهم حق التصويت (15 مليون إنسان).
إن قيام حكومة وحدة وطنية ديمقراطية في العراق تتفق على برنامج لمدة أربع سنوات قادمة يسمح بخلق حالة استقرار نسبي في العملية السياسية العراقية وتطور نحو الأمام, وهي مسألة مهمة لمعالجة القضايا الأخرى المطروحة كتحديات تواجه حياة المجتمع العراقي ومستقبله. ولهذا يفترض أن يتم التداول والتفاوض في ما بين القوائم كلها دون استثناء ما دامت تدين الإرهاب وتشارك في العملية السياسية وتطالب بمحاكمة من لطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي. فما هي المسائل التي يفترض أن تنهض بها الحكومة العراقية بالاستناد إلى المجلس النيابي القادم؟ أمام البرلمان والحكومة القادمة الكثير من القضايا الملحة والمباشرة, وفي المقدمة منها:
1. معالجة حالة الإحساس بالغبن والإقصاء والخسارة التي نشأت عملياً في صفوف أجزاء غير قليلة من المجتمع العراقي من خلال العمل المشترك والبعيد عن الطائفية السياسية والحزبية الضيقة ومحاولات الهيمنة على الوزارات والمؤسسات وما إلى ذلك.
2. الاتفاق على إشراك عدد مناسب من الناس الذين يتميزون بالكفاءة والمقدرة من القوائم الأخرى غير الفائزة بالحكومة الجديدة لإبعاد الإحساس بالهيمنة أو عدم الاستفادة من المستقلين, وخاصة من أوساط المثقفين العراقيين.
3. الاتفاق على أن ترسم السياسة العراقية وفق مبدأ التوافق والحوار وصولاً إلى الصيغة المثلى التي تساهم في تعزيز الوحدة الوطنية بكل مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية والفكرية والسياسية لا تفكيكها.
4. اعتماد مبدأ الحرية والديمقراطية في معالجة المشكلات القائمة في البلاد والابتعاد عن العنف والقسوة والزجر في التعامل اليومي.
5. إنهاء فعلي لوجود وعمل المليشيات شبه العسكرية التي لا تنسجم مع الحياة الديمقراطية والدستور العراقي والوحدة الوطنية وتضر بسمعة البلاد وحرية الفرد والجماعة والمجتمع.
6. إن هذه الوجهة تسهم جدياً في الجهود المحلية والدولية المبذولة لمواجهة الإرهاب والقوى الإرهابية بصرامة فائقة ورفض التعاون مع أي قوى تدعي المقاومة وهي تمارس العملية السياسية أيضاً.
وإذا كانت هذه القضايا هي التي يفترض مواجهتها حالياً, فأن أبرز القضايا الأخرى التي تهم المجتمع كله وترتبط بحياته اليومية والمستقبلية أيضاً فيمكن تلخيصها بما يلي:
أولاً: تحديد مهمات التنمية الوطنية في برنامج لسنوات الدورة الانتخابية يتضمن استكمال إعادة البناء ومشروع التنمية الصناعية والتحديث الزراعي وتنمية مشروعات القطاع الخاص الصغير والمتوسط والقطاع النفطي على نحو خاص. وإذا كان ذلك على مستوى العراق كله, فأن من حق الإقليم والمحافظات أن تضع برامجها أيضاً لتشكل معاً البرنامج الوطني العام للعراق كله. ويفترض وضع برنامج للتنمية البشرية المتعدد الجوانب في ضوء حاجات البلاد.
ثانياً: العمل الجاد لمكافحة البطالة وإيجاد المزيد من فرص العمل للعاطلين من النساء والرجال.
ثالثاً: مواصلة تحسين مستوى حياة ومعيشة الأوساط الواسعة من العوائل العراقية التي تعاني من شظف العيش.
رابعاً: الالتزام بمواد الدستور حالياً إلى حين إجراء التعديلات المحتملة في بعض جوانبه لاستكمال جوانبه الديمقراطية وإنهاء المشكلات التي ما تزال معلقة من الفترة السابقة في ما يخص المادة 58 في قانون إدارة الدولة السابق.
خامساً: الإصرار على تجاوز السياسات الطائفية السياسية التي تخل بوحدة المجتمع وحقوق المواطنة وترسي دعائم التمييز المقيت في المجتمع.
سادساً العمل الجاد لحماية الحدود العراقية ومنع تدخل بعض دول الجوار بشؤون العراق الداخلية وممارسة سياسة الاحترام والمنفعة المتبادلة.
سابعاًً: أخيراً وليس أخراً استكمال بناء المؤسسات العراقية التي تسمح بتعزيز الاستقلال والسيادة الوطنية وإنهاء الوجود الأجنبي في العراق التي أصبحت مقترنة بها وبالخلاص من الإرهاب والقوى الإرهابية العابثة بحياة الناس.
إن الاتفاق على برنامج واقعي وعملي بين القوى الوطنية العراقي والالتزام الجاد بتنفيذه سيضع العراق على شاطئ الأمن والسلام والديمقراطية والسيادة الوطنية, وهو ما يرجوه كل إنسان عاقل لوطنه وشعبه.

نشر في جريدة الصباح البغدادية