| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                    الجمعة 18/2/ 2011

 

الشبيبة العراقية تنفض الغبار عن نفسها... تتنفض ...

كاظم حبيب

الشبيبة والشعب على موعد مع الخامس والعشرين من شهر شباط/فبراير 2011 في ساحة التحرير ببغداد. الشبيبة العراقية المحرومة والمغيبة والمطعونة من ظهرها تنفض الغبار عن نفسها.. تتحرك .. تنتفض .. ترفض الصمت, فقد أمضها الوجع اليومي, أمضها الجوع والبطالة والحرمان والفراغ القاتل, أمضها الصراع الطائفي المحتدم بين الحكام وأحزابهم الإسلامية السياسية, والقتل اليومي غير المنقطع للناس الأبرياء.. أوجعها أن تسلب أموال الشعب وعقاراته ودوره ويُهجَّر بالجملة داخل وخارج البلاد بهذه الطريقة الهمجية على أيدي إرهابيين وفاسدين يملأون أجهزة الدولة.

تجربة النضال السلمي للشبيبة والشعب في كل من تونس ومصر برهنت بما لا يقبل الشك بأن الشبيبة والشعب عموماً قادران على انتزاع حقوهما بالنضال السلمي ودون عنف وإراقة دماء من جانبها, وإذا ما استخدمت السلطة أجهزتها القمعية ونزف الدم, فأن انتفاضة الشعب تكون عارمة وتبقى سلمية لأنه الطريق الضامن لانتزاع الحقوق والحصول على تاييد الشعب كل الشعب وكذلك دعم وتأييد الشعوب الأخرى والمجتمع الدولي.

إن استخدام العنف والحرائق ليس من صنع الإنسان المتحضر رغم جوعه وحرمانه وعطالته, بل هي من أساليب المليشيات الطائفية المسلحة وقوى البعث الصدامية والبلطجية وفزى الإرهاب الأخرى التي يمكن أن تدفع بطائفة منهم الحكومات لتشويه المظاهرات والاحتجاجات السلمية, كما حصل في القاهرة وفي غيرها أثناء الانتفاضة الشعبية, أو كما حصل في واسط الذي كما يبدو أن هناك بعض المندسين الذي تسببوا في إشعار الحرائق والتدمير والسلب لكي يعطوا الذريعة لفوى الحكم مهاجمة المتظاهرين وتشويه سمعة المحتجين.

إن المطالب العادلة لكل فئات الشعب حين لا يستجاب لها من جانب الحكومات, عندها سيجد الحكام أنفسهم وجهاً لوجه أمام شعار : أرحل يا رئيس الوزراء كغاك تحكماً بكل الصلاحيات, إرحل أيها النظام المحاصصي الطائفي. وسوف لن تكف الجماهير عن النضال حتى الخلاص من النخبة الحاكمة التي لا تستجيب لإرادة الشعب وحاجاته.
يعبر السيد رئيس الوزراء عن جهل تام بعلمي السياسة والاقتصاد حين يقول بأن المطالب الشعبية ينبغي لها أن لا تسيَّس, وحين يتهم كل المحتجين بأن هناك قوى خارجية تحركهم أو قوى غريبة عن المجتمع العراقي. لقد نسى رئيس الوزراء أن السياسة والاقتصاد هما وجهان لعملة واحدة أحدهما يستكمل الآخر ويشترطه. السياسة والاقتصادية ليسا وجهان لعملة واحدة فحسب, بل ويعبران بوضوح كبير عن طبيعة السلطة القائمة وعن الأهداف التي تسعى إليها وعن القوى الطبقية التي تعمل من أجلها.

وحين يعاني الشعب من الجوع والحرمان والبطالة, وحين يعرف رئيس الوزراء أن جمهرة ممن هم حوله وحول الآخرين يمارسون شتى اشكال الفساد المالي واإداري والشهادات ولا يعاقبهم, بل يصدر قانوناً بالعفو عن مزوري الشهادات, فلا يكفي أن يتنازل رئيس الورزاء عن نصف راتبه ومن ثم عن 5 ملايين دينار عراقي, في حين أن المشكلة في مكان آخر اساساً في الموقف من الثروة الوطنية كلها, من السياسة الاقتصادية والعملية الاقتصادية ومن فئات الشعب التي يزيد تعدادها عن 90 % من السكان. هل يعتقد إن هؤلاء الناس أطفال يمكن خداعهم بتنازله عن جزء من راتبه في حين أن راتب رئيس الوزراء لا يشكل سوى جزء صغير من المخصصات التي تدفع له.

إن يوم 25/2/ 2011 هو البداية الفعلية لحركة شبابية وشعبية جماهيرية تتسع أسبوعاً بعد آخر, وسيرتفع سقف أهدافها كلما ماطلت الحكومة في الاستجابة لها أو إذا ما تعرضت لها بالحديد والنار بذريعة أن المظاهرة لم تحصل على إجازة من الحكومة.

إن المظاهرة سلمية وستبقة سلمية وحضارية لأنها تطالب بحقوق الشعب المشروعة بحقوق الفقراء والعاطلين عن العمل والمعوزين, بحقوق الإنسان, بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, بوقف العمليات الإرهابية التي تقتل يومياً عشرات الناس من بنات وأبناء الشعب من جانب قوى إجرامية عديدة لم تستطع الحكومة "الموقرة" إنقاذ الشعب منها, ولا يدري الإنسان من هم هؤلاء الرعاع الذين يقتلون البشر ومن يجميهم في الداخل ويوفر لهم الغطاء لهم؟

لنجعل من يوم الخامس والعشرين من شهر شباط/فبراي 2011 يوماً مشهوداً في حياة الشعب العراقي والحكومة القائمة على أساس المحاصصة الطائفية المقيتة والمفرقة للصف الوطني, ليكون يوم الحراك الشعبي ويلقن الحكام درساً لا ينسى في القدرة على ممارسة المظاهرات السلمية القادرة على فرض نفسها وانتزاع مطالبها من الحكام الذين صعدوا إلى دست الحكم على ظهور الناس ثم ركلوهم وتنكروا لتلك الفئات الفقيرة والكادحة, لأن جيوبهم وبطونهم امتلأت بالأموال والكثير منهم بالمال الحرام, ولأن الكراسي التي يتربعون عليها أصبحت وثيرة ودافئة لا يريدون تركها. ولكن لنتذكر مصير صدام حسين وبن علي وحسني مبارك. فمن يسير على درب هؤلاء ستكون نتيجته كهؤلاء دون أدنى ريب.

 

18/2/2011

 

 

free web counter