| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

 

السبت 18/3/ 2006

 

 

 


من يساهم أيضاً في إشاعة الفوضى ونسف بنود الدستور والقانون في العراق؟

 

كاظم حبيب

نقلت شبكة العراق الثقافية النبأ التالي: ( قامت اللجان الشعبية في مدينة الصدر بتنفيذ القصاص العادل بالزمر الإرهابية التي هاجمت مدينة الصدر فقد قامت بإعدام الإرهابيين الذين تسببوا بمذبحة مدينة الصدر أمام سرادق العزاء التي نصبت للضحايا تغمد الله شهداءنا برحمته الواسعة وأسكنهم فسيح جناته ..) إنتهى الخبر الذي نقله أيضاً الصديق الفاضل السيد جاسم المطير.
واللجان الشعبية في مدينة الصدر (الثورة سابقاً) هذه ليست سوى تلك الجماعات المسلحة التابعة لمليشيات ما يسمى بجيش المهدي المرتبطة بالسيد مقتدى الصدر, وهي التي قامت بمحاكمة وإعدام مجموعة من المواطنين الذين اتهموا من قبل هذه المليشيات بتنظيم مذبحة بشرية راح ضحيتها أكثر من 60 قتيلاً وجمهرة كبيرة من الجرحى والمعوقين في هذه المدينة الكادحة. لقد نصَّبت هذه المجموعات الشعبية من نفسها قضاةً لتصدر أحكاما دون العودة إلى القضاء العراقي وممارسة الشرعية في إقامة الدعوى على المتهمين والتحقيق الكامل بالقضية, ثم فسح المجال أمام المتهمين ووكلاء الدفاع للدفاع عن المتهمين ثم إصدار الأحكام التي يقررها القضاة.
إن إصدار "قرارات" غير شرعية بالإعدام وتنفيذها دون العودة إلى القضاء العراقي وإلى المصادقات الضرورية وفق الدستور العراقي تعتبر جريمة جديدة وتجاوزاً فظاً ومريعاً على حقوق الإنسان وحق المجتمع العراقي ومصادرة فعلية للدستور العراقي الذي لم يجف حبره حتى الآن. وهي تذكرنا بما قامت به هذه المليشيات المسلحة في النجف الأشرف في فترة التمرد الصدري هناك واحتلال هذه المليشيات لمرقد الأمام علي بن أبي طالب وتشكيلها محاكم قراقوشية أصدرت على إثرها أحكاماً شنيعة بحق الكثير من أفراد الحرس الوطني والشرطة والناس الأبرياء وأعدمتهم تحت التعذيب الشرس. كما إنها تذكرنا بجريمة الاعتداء التي جرت على السيد عبد المجيد الخوئي في بداية سقوط النظام الدكتاتوري واتهمت به في حينها ذات القوات التي شكلت فيما بعد مليشيات جيش المهدي, والتي كما يقال قد غيبت أجهزة الحكم أوراق القضية في فترة حكم الدكتور إبراهيم الجعفري. هل هناك استهانة أكبر من هذه الاستهانة بالدولة والدستور والقانون والحكومة ورئيس الوزراء, بالمجتمع وبكل المعايير الإنسانية سواء أكانت سماوية أم وضعية. إنها قمة الاستهانة بالدستور.
إن هذه الأعمال وما تبعها من مذبحة أخرى شملت 85 شخصاً في أعقاب مذبحة مدينة الصدر تدلل على غياب القانون وسيادة الفوضى في ظل حكومة الجعفري وعدم أخذ رئيس الحكومة الإجراءات القانونية الكفيلة بوضع حد لمثل هذه الأعمال التي تعتبر خارج القانون وموجهة ضد أمن وحياة المواطنات والمواطنين. إنها مساهمة كبيرة في إشاعة القتل المتبادل بين المواطنين من أبناء الطائفتين السنية والشيعية, بالرغم من تلك الأصوات التي تدعي السعي لتحقيق الوحدة بين السنة والشيعة في العراق.
إن أوضاع العراق لا تستقيم ما لم نعمل من أجل إقامة حكومة وحدة وطنية حقيقية تأخذ على عاتقها ليس إنهاء الإرهاب الذي تمارسه القوى المعروفة لنا بالإرهاب, والتي تمارسه يوميا وفي كل ساعة ضد الشعب من أمثال قوى الزرقاوي وأنصار الإسلام السنة وجيش المجاهدين وعصابات البعث الإرهابية فحسب, بل ومن أجل حل جميع المليشيات القائمة والعائدة للأحزاب الإسلامية السياسية مثل جيش المهدي وفيلق بدر وتلك العائدة لهيئة علماء المسلمين التي لم تعلن عنها رسمياً, وسحب أسلحتها كلية, إضافة إلى سحب الأسلحة الموزعة على الناس منذ فترة البعث وما بعده.
إننا أمام عملية تخريب حقيقية للعملية السياسية في العراق يروح ضحيتها المزيد من بنات وأبناء وأطفال الشعب العراقي. وعلى قوى الحكومة العراقية إن كانت جادة في مواجهة القوى التي تساهم في القتل والتخريب أن تبادر إلى إيقاف المحاكمات غير الشرعية التي لا تختلف عن محاكمات العيارين في تاريخ العراق وفي الفترة السوداء منه, وأن من واجبها الملزم إقامة الدعوى على من الموجهين والمسؤولين والمنفذين لتلك المحاكم غير الشرعية وإصدار أحكام الإعدام وتنفيذها بحق مواطنين يمكن أن لا يكونوا أي ذنب ارتكبوه سوى اتهامهم بالقتل, وربما دون أدلة شرعية تثبت ذلك, وتقديمهم إلى المحاكم العراقية لنيل الجزاء العادل على أعمالهم غير القانونية.
إن ترك هؤلاء دون عقاب سيدفع بهم إلى التمادي وإلى تشكيل المزيد من فرق الموت بحماية النظام السياسي القائم وبحماية رئيس الوزراء ووزير الداخلية وأجهزة الشرطة والأمن, شاءوا ذلك أم أبوا, كما سيدفع بقوى أخرى إلى ممارسة نفس الأسلوب في الانتقام المباشر والشخصي.
إن مثل هذا الانفلات سيسهم في قيام هذه المليشيات وبحجة الدفاع عن الدين إلى توجيه تهم أخرى إلى أناس آخرين وإصدار الأحكام القرقوشية بحقهم وتنفيذها فعلاً, وليس لديهم, كما يلاحظ, أي حكم أخر غير الإعدام!