| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                    الخميس 17/2/ 2011

 

ستخيب أوهامكم يا حكام الجزائر.. لا.. لن تستطيعوا اغتصاب إرادة الشعب!

كاظم حبيب

مر الآن 49 عاماً على انتصار الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي منذ أن أُعلن استقلال البلاد عن فرنسا وتشكيل حكومة وطنية. وما أن بدأت الحكومة الفتية بتنفيذ بعض الإجراءات التقدمية والديمقراطية لصالح الفئات الكادحة والفقيرة التي كانت دوماً وقوداً للثورة وكانت تعاني من الملاحقة والاعتقال والتعذيب على أيدي جنود الارتزاق والقمع الفرنسيين حتى نفذت الأوساط اليمينية في حزب جبهة التحرير الجزائرية انقلابها في العام 1965 ضد حكومة أحمد بن بلا الذي قاده العقيد هواري بومدين. ومنذ ذلك الحين تعطلت عملية التنمية الفعلية والمسيرة التقدمية في البلاد وبدأ الشعب الجزائري بأغلبيته يعاني من تفاقم البطالة والفقر والفاقة سنة بعد أخرى, إضافة إلى تدهور تدريجي لمنشآت الصناعة التحويلية التي كانت موجودة في فترة الاستعمار الفرنسي, كما تراجع قطاع الزراعة ومؤسسات التسيير الذاتي وتدهور إنتاجها الزراعي وهجر المزيد من الفلاحين الريف والزراعة صوب المدينة. وفي الوقت نفسه تزايد حجم استخراج وتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي واستخدام مواردهما المالية للتعويض عن تراجع الإنتاج والدخل في القطاعات الاقتصادية الأخرى ومن أجل توجيه المزيد من الأمول لاستيراد كافة السلع الاستهلاكية والكثير من الخدمات من الدول المتقدمة. فلم يعد هناك أي تطور ملموس في القطاعات الإنتاجية والقطاع الوحيد المتطور والمتسع في الإنتاج هو النفط الخام والغاز الطبيعي. لقد حرم الاقتصاد الوطني الجزائري من عملية التراكم الرأسمالي وبناء صناعة وطنية وتحديث وتنشيط الزراعة, سواء أكان ذلك في القطاعين الخاص أم الحكومي.

تشير التقارير الرسمية إلى أن البطالة في الجزائر بلغت في العام 2010 حوالي 9,9%. ولكن الواقع الفعلي يشير إلى أرقام أخرى مخيفة حقاً, إذ بلغت البطالة في العام المذكور بحدود 50% من القوى القادرة على العمل وحوالى 80% من الشباب الراغب في العمل, علماً بأن الشباب يشكلون نسبة عالية جداً من السكان. (راجع برلينر تسايتونغ في 14/2/2011). وإن هتاك نسبة عالية من الشباب الخريج من حملة الشهادات الجامعية والعالية التي دخلت منذ سنوات في صفوف جيش العاطلين المتعاظم عدداً ويومياً.

وإذا قدر معدل حصة الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي 7440 دولاراً في العام 2010, وهو مبلغ جيد بالقياس إلى دول نامية أخرى لا تمتلك النفط الخام والغاز الطبيعي, فأن معدل حصة الفرد الواحد في العام 2010 خادع ولا يعبر عن حقيقة التوزيع وإعادة التوزيع غير العادلين والاستخدام السيء للدخل القومي السنوي في الجزائر. فهناك الملايين الفقيرة جداً التي ينخفض دخلها اليومي عن خط الفقر الدولي المحدد للدول النامية, كما أن هناك مجموعة من كبار الموظفين والعسكريين والمقاولين وسماسرة العقار والمتعاملين باستيراد الأسلحة والتجهيزات السلعية والمتعاملين بعقود النفط الخام والغاز الطبيعي الذين يغتنون دوماً ويكدسون الثروات في بنوك خارج الجزائر. تؤكد المعطيات المتوفرة إلى أن الدولة الجزائرية قد صنفت وفق مؤشر الفساد( CPI ) في المركز105 من أصل178 دولة شملها التقرير, رغم تسجيل الجزائر تحسنًا نسبيًا بإحرازها2.9 على10 بالمقارنة مع (2.8) المركز (111) في العام 2009، إذ ما تزال البلاد مصنفة ضمن البلدان الأكثر فسادًا في العالم. وهو صحيح جداً ويطابق الواقع السائد في الجزائر.

إن الأمر الأكثر بشاعة, إلى جانب البطالة والفقر ونقص الخدمات وتراجع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية في صفوف الشباب والشعب الجزائري والفساد في كيان الدولة الجزائرية, يبرز في تفاقم دور الدولة البوليسية والأمنية في قمع المجتمع والتاثير السلبي على نوعية حياة الإنسان اليومية وحياة المجتمع بشكل عام, في حين أن الشعب الجزائري, كبقية شعوب العالم, من عشاق الحرية والحياة الديمقراطية والكرامة.

إن الجزائر تشكل اليوم دولة ريعية استهلاكية مكشوفة على الخارج تماماً, لا تنتج غير النفط الخام والغاز الطبيعي تقريباً وتمارس التصدير وتستهلك موارد النفط الخام والغاز على القطاعات الاستهلاكية غير الإنتاجية وعلى جهاز الدولة والأمن والفساد. ويتشكل المجتمع في الجزائر من فئة البرجوازية البيروقراطية العاملة في أجهزة الدولة المدنية وفي القوات المسلحة, وفئة البرجوازية المقاولة والعقارية وتلك المتعاملة في السوق التجاري والسارقة للقطاع العام من الباطن, وفئة واسعة من المثقفغين والمتعلمين, وأغلبهم عاطل عن العمل, وغياب البرجوازية الصناعية المتوسطة, كما إن الطبقة العاملة ضعيفة ومحرومة من الكثير من الحقوق المشروعة. ولكن الفئات الأكثر اتساعاً في المجتمع الجزائري هم اشباه البروليتاريا وسكان الدور القصديرية والمهاجرون من الريف والعاطلون عن العمل والراغبون في العمل دون جدوى.

يضاف إلى كل ذلك التمييز الفعلي الذي تمارسه الحكومة الجزائرية إزاء القومية الكبرى في الجزائر, أي القومية الأمازيغية, التي تشكل النسبة العظمى من السكان والذين يحاول النظام اعتبار الكثير منهم عرباً. فهؤلاء محرومون من حقوقهم في الدولة الجزائرية وفي الإدارة والثقافة ولا تعتبر لغتهم اللغة الأساسية الثانية في الجزائر ويجري التركيز على اللغة العربية مما يثير الشعب الأمازيغي .

وبهذه السياسة تثير الحكومة الجزائرية الخلاف والصراع في المجتمع بين الأمازيغ المستعربين والقلة من أصل عربي, والأكثرية السكانية التي تؤكد أمازيغيتها وترفض اعتبارها من القومية العرببة. وهي نقطة احتكاك خلقها النظام بسياساته الشوفينية وكذلك القوى القومية اليمينية والشوفينية الجزائرية وتلك التي في الدول العربية, ومنها القوى القومية التي تصدر بياناً سنوياً باسم "الأمة العربية" والتي مقرها الرئيسي ببيروت.

إن المظاهرات التي تعلن بين فترة وأخرى في صفوف الأمازيغ لا تقتصر عليهم بل هناك الكثير من المتظاهرين الذين يشاركون الأمازيغ لأن شبيبة الجزائر كلها تعاني من البطالة والفقر وغياب الحريات العامة وتسلط أجهزة الأمن والشرطة على الشعب. وهم يدركون أن استمرار هذه السياسة يمكن أن يساهم في تنامي النزعة الإسلامية السياسية المتطرفة ثانية كما حصلت في نهاية العقد التاسع وبداية العقد الأخير من القرن العشرين والضحايا الهائلة التي سقطت في تلك الأحداث والتي بلغ عدد القتلى أكثر من مئة ألف إنسان.

لا يمكن للنظام الجزائري ورئيسه عبد العزيز بو تفليقة أن يفلت من غضب الشعب الجزائري, وخاصة بين صفوف شبيبتها التي تعاني الأمرين ويشتد السخط على أجهزة القمع الجزائرية ومن تعاملها الشرس مع المتظاهرين ومع المعتقلين والمسجونين.

لنرفع مع الشعب الجزائري صوت الاحتجاج ضد سياسات الحكومة الجزائرية وأجهزتها القمعية وضد الفساد المستشري في الجزائر.

لنرفع صوت التضامن مع شبيبة وشعب الجزائر في نضالهم من اجل عملية تغيير النظام القمعي في الجزائر ولصالح بناء مجتمع مدني وديمقراطي حديث.
 

 

16/2/2011

 

 

free web counter