| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 16/8/ 2011


 

ما تزال حليمة لم تغادر العراق وتمارس عادتها القديمة!!

كاظم حبيب 

القتل والتخريب هو ديدن القوى المجرمة الإرهابية الفاعلة في العراق, إنها المهمة القذرة الموكلة إلى هؤلاء الوحوش من أيتام أسامة بن لادن وصدام حسين ومن حثالة عزت الدوري وحارث الضاري وبعض المليشيات الطائفية المسلحة الأخرى بقتل أكبر عدد ممكن من الناس الأبرياء, من النساء والأطفال والشيوخ, من أجل إشاعة الخوف وعدم الاستقرار والفوضى في البلاد وعرقلة مشاريع التنمية وتوفير الخدمات والدفع باتجاه مزيد من الهجرة إلى خارج البلاد. لقد سقط هذا اليوم 307 إنساناً عراقياً من مختلف الأعمار ومن الجنسين بين قتيل وجريح في مدن الكوت والنجف والهندية وكركوك وتكريت وخان بني سعد وبغداد وبعقوبة وغيرها من المدن العراقية.

إن قدرة هؤلاء المجرمين على إنزال المزيد من الضربات الإرهابية في العديد من المدن العراقية وفي يوم واحد يدل بلا أدنى شك عن عدة حقائق أساسية لا بد أن نضعها أمام أنظار القوى السياسية الممثلة في المجلس النيابي العراقي وفي الحكومة العراقية الحالية:
1. إن الصراعات المتفاقمة في ما بين القوى السياسية المشاركة في المجلس النيابي وفي الحكومة الحالية يضعف إلى أبعد الحدود القدرة على مواجهة قوى الإرهاب وتنشا من خلال ذلك أكبر الثغرات التي يتغلغل منها العدو المجرم لإنزال ضرباته بالشعب العراقي وبالاستقرار والحياة اليومية للفرد العراقي.
2. إن الفراغ الفعلي للوزراء المباشرين في ثلاث وزارات مسؤولة عن الأمن والاستقرار وحماية أرواح المواطنين في كل أنحاء العراق يعطي الانطباع الثابت لقوى الإرهاب بالفراغ السياسي ولا يمنح الثقة بالنفس لكل العاملين في هذه الوزارات وبوجود دعم لهم.
3. تجد القوى الإرهابية بمختلف تنوعاتها الغطاء السياسي والأمني المباشر وغير المباشر الذي يحميها من مطاردة قوى الأمن والشرطة العراقية أو الجيش العراقي, فهي في مأمن من أمرها لوجود من يحميها ويغطي على عملياتها ويحتضنها, شئنا ذلك أم أبينا.
4. وإن أوضاع الكثير من الناس الصعبة غير الاعتيادية وخاصة البطالة والحرمان والفجوة المتسعة بين الفقراء والأغنياء والشعور بالغبن وتفاقم الفساد المالي والإداري هي من بين العوامل المهمة التي تساعد قوى الإرهاب في الوصول إلى المزيد من الناس الذين يشاركون مع الإرهابيين في تنفيذ عملياتهم المناهضة للإنسان والاستقرار في البلاد لقاء عدة دولارات.
5. والعامل الرابع يعطي في الوقت نفسه الانطباع للشعب بعدم وجود حماية له ويخشى من التعاون مع الحكومة وأجهزتها الأمنية خشية وصول المعلومات عبر الفساد والعلاقات المشبوهة إلى قوى الإرهاب فيتم الانتقام منهم بقتلهم بطرق وأساليب مختلفة, بما في ذلك الاغتيال المباشر.
6. إن هؤلاء الأعداء ما زالوا يملكون إمكانيات كبيرة وقدرة على التنظيم والتنسيق في ما بينها من أجل إنزال الأذى الكبير بالشعب العراقي وبالعملية السياسية المهزوزة أصلاًُ, بسبب وجود اختلالات واختراقات غير قليلة في أجهزة الدولة.

إن استمرار هذا الوضع غير السليم لا يعرض حياة قيادات القوى السياسية إلى الخطر, فهي بعيدة وفي مأمن من ضربات قوى الإرهاب الدموية, في حين إن المتضرر والخاسر الوحيد في هذه الأجواء المظلمة هو الشعب, هو الإنسان العراقي الاعتيادي الذي يتعرض للعمليات الإجرامية سواء بالعمليات الانتحارية أو السيارات المفخخة أو الاغتيالات المستمرة.

إن المجرمين القتلة ساديون لا ضمير لهم ولا ذمة, بل هم يمارسون القتل بدم بارد ويفجرون على رؤوس الناس دور العبادة, كما حصل للكنيسة في كركوك. إن المسؤولية في مثل هذه التفجيرات والضحايا المتساقطة يتحملها المجرمون القتلة ومن يقف خلفهم بطبيعة الحال, ولكن لا يمكن أن يعفى منها بأي حال المسؤولون السياسيون وقادة القوائم المتصارعة في ما بينها على السلطة والمغانم الطائفية والشخصية. لا يمكن أن يعفى منها كافة المسؤولين في البلاد, ومنهم أعضاء مجلس النواب والحكومة ورئاسة الجمهورية وكل من يشارك في هذا الصراعات ولا يبذل الجهد الكافي لتجاوز المغانم الشخصية والحزبية والطائفية.

لا يقف وراء هذه الجرائم البشعة والدنيئة التي ترتكب في العراق طرف واحد, بل أكثر من طرف وأكثر من دولة أجنبية, إنها بعض دول الجوار العراقي وبعض القوى الفاعلة في دول الجوار العراقي, إنها القوى التي تريد عدم الاستقرار للعراق لتمارس سياساتها العدوانية ضد شعب العراق وتمنع عنه التطور والتقدم المنشودين.

إنها القوى التي تمارس الاعتداء على الحدود العراقية من جهة, وتلك التي ترسل الجواسيس والقوى والمتطوعين للقتل بأحزمة انتحارية من جهة أخرى. إنها تلك الأصوات أيضاً التي بدأت تنبح بوقاحة منقطعة النظير ضد الشعب العراقي وتشتمه ليل نهار في صحافتها فتثير الجروح القديمة والكراهية في نفوس الناس فتدفع بمزيد من العمليات الإرهابية المدفوعة الثمن سلفاً.

إن على القوى السياسية العراقية, وبغض النظر عن موقفي الناقد لها بقوة وحق, أن تدرك بأن استمرار صراعاتها سيقود إلى مزيد من موت العراقيين على أيدي مختلف صنوف القوى الإرهابية والطائفية السياسية المسلحة وقوى البعث الصدَّامية, المحلية منها والإقليمية, وليس أمامنا إلا أن نحمل هؤلاء جميعاً مسؤولية ما يجري في العراق وعليهم تحمل مسؤوليتهم ما داموا في السلطة, وما داموا يشتركون في حكومة لا يمكن أن نتجاهل ضعفها وتفككها وغياب أي شكل من أشكال الانسجام والتفاهم في ما بينها, دعْ عنك التفاعل والمبادرة في الدفاع عن الشعب ومصالحه وحياته. وهذا الصراع لم يعد بين القوائم الكبيرة فحسب, بل وفي مكونات كل من هذه القوائم. والشعب لم يعد يطيق هذا الصراع ولستن حاله يقول "ملينه منكم والله ملينة!!!"

إن حليمة القديمة لم تغادر العراق ولم تعد واحدة فقط, بل كانت وستبقى, كما ازداد وسيزداد عددهن وتتفاقم أفعالهن الدنيئة والمجرمة ضد الشعب العراقي, ما دام الحكم بعيداً عن الديمقراطية وعن التفاعل مع مطالب الشعب وعن مصالحه, وبعيداً عن تعبئة كل القوى والإمكانيات لملاحقة المجرمين واكتشاف أوكارهم ومن يساندهم ويقدم لهم الحماية, سواء أكان مشاركاً في الحكم أم خارجه!!!

 

15/8/2011
 

 

free web counter