| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

 

الخميس 13/7/ 2006

 



خسأ المجرمون وشيخهم, لن ينجحوا في تفجير حرب طائفية في العراق؟

 

كاظم حبيب

الهدف لا تخطئه العين, والنية مبيتة, والمشاهد معدة سلفاً, والأساليب والأدوات مهيأة, والإصرار على تنفيذها واضح لجميع العقلاء من العراقيات والعراقيين, والدعم الخارجي مكشوف وفق الدلائل المتوفرة والشواهد على ذلك كثيرة وصارخة, والعمل يجري على قدم وساق ودون هوادة نحو إشعال حرب طائفية في العراق تحرق اليابس والأخضر وتعيد أو تدفع بالعراق إلى أحد اتجاهين:
إما العودة إلى ما يماثل نظام الاستبداد الصدامي المقبور وعلى أيدي القوى القومية والبعثية الشوفينية والعنصرية والطائفية البغيضة التي حكمت العراق طوال أربعين عاماً [1963-2003], وإما إقامة نظام استبدادي إسلامي سياسي سلفي وتكفيري متطرف جديد يماثل أو أبشع مما كان في أفغانستان.
كانت مفردات المقاومة ومناهضة الاحتلال والشعوبية وإشعال الحرب تحت أقدام الحكام الجدد ومنع تقسيم العراق ورفض الفيدرالية الكردستانية تشكل جوهر الاتفاق الذي تم بين قيادات قوى ثلاث في بداية صيف عام 2003 اجتمعت في بيروت لتقسم على الشر والعدوان وإشعال الفتنة الطائفية وتمزيق العراق بحجة حمايته من القوات الأجنبية, وهي: قوى قومية يمينية شوفينية متطرفة, وقوى بعثية دموية من بقايا النظام وأتباعه في الدول العربية, وقوى إسلامية سياسية سلفية متطرفة. ثم تواصلت هذه اللقاءات والمؤتمرات لتؤكد سعيها لتحقيق الهدف المباشر:
إسقاط الوضع الجديد في العراق بكل السبل المتوفرة ومنع قيام جمهورية ديمقراطية اتحادية تعددية.
والتقت هذه القوى الثلاث على الدرب والهدف المشين مع قوى الإرهاب الأخرى التي يقودها بن لادن والظواهري والزرقاوي المقبور من أجل إشعال الحرائق وتنظيم المجازر البشرية وإعاقة عملية إعادة البناء والتنمية الاقتصادية والبشرية وجعل الحياة في العراق جحيماً لا يطاق.
هكذا بدأت الأمور, وهكذا هي متواصلة دون إعارة الاهتمام بحجم الضحايا التي تسقط يومياُ من بنات وأبناء الشعب العراقي. فالحرب الطائفية ينبغي لها أن تشتعل, مهما كان الثمن. فالجبناء والمجانين من الجماعات الانتحارية كثرة في العالمين العربي والإسلامي.
ولكن هل يسمح الشعب العراقي لهذه القوى العدوانية والإرهابية الجبانة أن تنتصر على إرادته في بناء حياته الحرة الكريمة والتحكم بمستقبله الديمقراطي الفيدرالي والتعددي؟ أنا واثق من أن الشعب يرفض ذلك ويقاومه وسيعمل على إفشال أهداف هذه القوى الظلامية والشوفينية والطائفية البغيضة.
العملية السياسية تقطع شوطاً مهماً وتحقق نتائج إيجابية في التفاهم, رغم إصرار البعض الكثير من قوى الإسلام السياسي الشيعية والسنية على المحاصصة الطائفية التي تلقي بالمزيد من الحطب على النيران التي تشعلها تلك القوى الإرهابية بكل فصائلها وتزيد من تعقيد اللوحة المعقدة أصلاً.
رئيس الوزراء العراقي, المالكي, يطرح مشروعاً للمصالحة الوطنية ويتخذ إجراءات متفق عليها عموماً لحفظ الأمن في بغداد والعراق.
تسارع هيئة علماء المسلمين وترفض مشروع المصالحة الوطنية, ومعها ذات القوى الثلاث التي التقت في بيروت بمبادرة من المؤتمر القومي العربي.
يأتي التأييد السريع لموقف هيئة علماء المسلمين من أسامة بن لادن في كلمة مسجلة بثتها قناة الجزيرة عدة مرات ولأيام متتالية وستبقى تبثها كلما شعرت بالحاجة إلى تصعيد الموقف ضد الشيعة.
ويشعل الإرهابيون التكفيريون والجماعات المتحالفة معهم النيران في أنحاء متفرقة من العراق. تفجيرات وحرائق وقتلى وجرحى بالعشرات في مدينة الصدر ذات الأكثرية السكانية الشيعية الفقيرة والمعدمة والكادحة والمهمشة اقتصادياً واجتماعياً والمغلوب علي أمرها سياسياً. وقبل ذاك تجري تصفيات شيعية وسنية في مناطق مختلفة من العراق الدامي, إضافة إلى تصفيات دينية بشعة وجرائم نكراء ترتكب بحق عوائل ودور عبادة الصابئة المندائية في بغداد والبصرة, وكذلك ضد المسيحيين وكنائسهم.
إن المخطط المرسوم جهنمي وعدواني ودولي شرس, يتطلب من القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية أن تدرك عمق وسعة ومخاطر هذا المخطط, عليها أن تسد الثغرات المفتوحة في ما بينها, عليها أن تساند مشروع المصالحة الوطنية وأن تطوره وتحقق التوازن المنشود فيه من أجل كسب المزيد من البشر إليه أو تحييد القسم الأخر وإبعاد المتطرفين والإرهابيين عن التأثير في الناس. يفترض زيادة فرص العمل بكل السبل المتوفرة لتشغيل العاطلين وتوفير لقمة العيش الكريم لهم وإبعادهم عن الركض وراء اللقمة القادمة من السحت الحرام ومن الإرهابيين, يفترض مكافحة الفساد المالي والإداري في الأحزاب السياسية الحاكمة والنخب السياسية وفي أجهزة الدولة. لقد تحدث الجعفري قبل ذاك كثيراً ولم يفعل شيئاً حين كان المسؤول الأول عن الحكومة, بل عمق الأزمة بسياساته الطائفية والمواقف المتعالية, وعلى السيد نوري المالكي تصحيح المسار حالياً, وسياسته الراهنة في المصالحة سليمة عموماً, ولكن في مجال الأمن ما تزال بعيدة عن تحقيق المنشود, وخاصة في الأساليب والأدوات التي يراد ممارستها لهذا الغرض.
نحن بحاجة ماسة إلى تعاون أمني دولي لمواجهة المؤامرة الأمنية الدولية على العراق. نحن بحاجة إلى تضافر جهود ومعارف وخبرات أجهزة الأمن في العالم كله لتصب في العراق لمواجهة الإرهاب, لأن المعركة الدائرة في العراق ليست عراقية بحتة وليست إقليمية بحتة , بل هي محلية وإقليمية ودولية في آن. لا يكفي, أيها السادة, الاعتماد على الولايات المتحدة في مجال تطوير العملية الأمنية والسياسية في العراق, علينا الاستفادة من خبرات أوروبا الغربية, من خبرات الدول التي تبدي استعدادها لدعم الجهد الأمني, إذ لا بد من تشكيل غرفة عمليات أمنية تستند إلى معارف ومعلومات وخبرات دولية وليست أمريكية عراقية فقط لمطاردة رؤوس ومخططي الإرهاب وقطع دابرهم والقوى المتعاونة معهم التي تفصح عن نفسها يوماً بعد آخر.
إن العملية الأمنية جانب واحد من عملية إعادة الأمور إلى نصابها في البلاد, إذ تشكل السياسة والاقتصاد والخدمات والثقة المتبادلة الجوانب الأخرى منها والتي لا يمكن الوصول إلى الهدف المنشود دون الاستعانة بها.
الأموال التي تنهب يومياً من نفط العراق في الجنوب, والأموال التي تسلب من الشعب وهي مخصصة له وتذهب عمولات إلى قطط سمان قديمة وجديدة, كان وما يزال يفترض أن تستخدم لإشباع حاجات السكان وتشغيلهم. والمحسوبية والمنسوبية في التعامل من جانب السلطات الثلاث مع الفرد والمجتمع تشكل ظاهرة سلبية تزيد الأمر تعقيداً وتقدم للإرهابيين بمختلف أصنافهم الزاد الذي يقتاتون عليه ويستفيدون منه لمواصلة ممارسة نشاطاتهم الإجرامية في العراق.
أتمنى أن نعي جميعاً خبرة السنوات الثلاث المنصرمة وأن نتحرك في ضوئها وفي ضوء المعارف الجديدة وعلى أساس تعاون أمني وسياسي دولي جديد لصالح العراق وأمنه واستقراره.

جريدة الاتحاد - رؤية حوارية

ا