| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

                                                                                     الأحد 13/2/ 2011

 

رسالة مفتوحة إلى شبيبة العراق

كاظم حبيب

لم أعد في خانة الشباب منذ سنوات طويلة, ولكني لا أزال أحس بهموم الشبيبة العراقية ومشكلاتها وطموحاتها, إذ إنها لم تتغير منذ سنوات طويلة رغم التغيرات الهائلة التي حصلت في العالم المتحضر وفي الكثير من الدول النامية, ورغم التغيرات التي طرأت على حاجات الشبيبة في ظل الثورة العلمية والتقنية والاتصالاتية بحيث أصبحت الشبيبة في العراق قادرة على معرفة ما يجري للشبيبة في بقية انحاء العالم, وهو الذي لم يكن ممكناً قبل خمسين او اربعين أو حتى ثلاثين عاماً.

ولكن الشبيبة العراقية حرمت من نعمة وسائل الإعلام والمعلومات الحديثة طيلة فترة سيطرة الدكتاتورية الفاشية لحزب البعث الصدامي على البلاد حيث منع كل تلك الأجهزة والوسائل والمعلومات الحديثة من الوصول إلى الإنسان العراقي وبخاصة إلى الشبيبة, مما جعل الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي يبقى بعيداً عما تحقق في العالم من منجزات في هذا الصدد, وخاصة في فكر وفي اساليب تفكير الشبيبة.

وحين سقط النظام الفاشي على ايدي القوات الأمريكية والبريطانية رفع الغطاء عن الإعلام الدولي وعن وصول المعلومات إليه والتعرف على ما يجري في العالم, رغم أن إمكانية استخدامها أو توفرها في العراق لا تزال بعيدة كل البعد عما وصل في دول نامية أخرى مثل مصر أو تونس.

إن سيطرة الطائفية السياسية والإرهاب الدولي للمتطرفين الإسلاميين قد وجه هموم الناس صوب الأمان والركض وراء لقمة العيش. كما استثمرت الأحزاب الإسلامية السياسية, السنية منها والشيعية, محنة الإنسان العراقي ووضعه الفكري والثقافي ومحنة المجتمع العراقي لتدفع بالصراع الطائفي بين الأحزاب السياسية حول السلطة وتعمق الاستقطاب الطائفي إلى افراد المجتمع وتزيد من ممارسة طقوس كثيرة لم تكن معروفة في العراق ومستوردة من إيران التي تعمق الحزن والكآبة والإحباط في نفوس الناس, وخاصة في نفوس الشبيبة العراقية في وسط وجنوب العراق بما يساهم في إبعاد الكثير جداً من الناس عن التفكير الواعي بمشكلاتهم الفعلية التي يعانون منها حتى بعد سقوط الفاشية السياسية.

إن شبيبة العراق تعاني اليوم من البطالة الواسعة, والكثير ممن يعمل منهم يعاني من البطالة المقنعة التي لا تنتج للمجتمع شيئاً ولا يحس المواطن بأنه يقدم الخدمة اللازمة للمجتمع. كما يعاني الشباب من الفقر والحرمان ويجدون أنفسهم عالة على عائلاتهم أو أنهم مجبرون على القيام بأعمال لا تنسجم مع تطلعاتهم أو ما يرغبون القيام به. والشبيبة المتفتحة والفاتحة عيونها تدرك تماماً ما يجري في البلاد من فساد مالي لا يمكن تصور إبعاده على المجتمع والتنمية والعدالة الاجتماعية ومستقبل الشبيبة. كما أن الأحزاب السياسية التي في السلطة تمارس سياسة تعيين اتباعها, في حين أن الشعب العراقي في غالبيت الساحقة لا ينتمي للأحزاب السياسية وفي الغالب الأعم هم مستقلون. فالتمييز صارخ وأكثر من مقلق, بل مدمر.

إن البطالة والفقر والفراغ الاجتماعي والثقافي والفني في العراق واتخاذ خطوات جديدة ضد الثقافة الديمقراطية والفنون الشعبية الجميلة من جانب العديد من مجالس المحافظات وممارسة وزارة التربية ووزارة التعليم العالي سياسات مناهضة للحرية الأكاديمة وتطوير مناهج التعليم في مختلف مراحل الدراسة على وفق الأسس الإنسانية والحضارية والتقنيات والعلوم الحديثة يجعل شبيبتنا تزحف وراء الركب العالمي الحديث في كل شيء.

إن المجتمعات الحديثة تعتمد على شبيبتها في التقدم والتطور والإبداع والمبادرة, فهم حملة راية المستقبل, وهم الذين يعول عليهم في تغيير واقع العراق الراهن الذي يُحكم بسياسات طائفية مقيتة وباساليب غير ديمقراطية ويفتقد يوماً بعد آخر الحرية الأولى التي امتلكها بعد سقوط الفاشية في العراق, رغم الوعود المعسولة التي تحدثت بها قائمة دولة القانون وغيرها والتي لم ينفذ منها شيء حتى الآن ولا يمكن توقع تنفيذ أي شيء مفيد.

إن الرسالة التي أوجهها لشبيبة العراق تؤكد في الجوهر على دور الشبيبة ذاتها وضرورة أخذ مصيرها بيديها من أجل قيادة عملية التغيير الضرورية في العراق بالطرق السلمية وعبر تعبئة الشعب كله حولها. إن الأحزاب التقليدية منشغلة في أغلبيتها في الحصول على مناصب وعلى مساومات ومهادنة لا يمكن ان تقبلها الشبيبة. وهو بالضبط ما حصل في مصر, ولكن هذه الأحزاب أجبرت على السير وراء الشباب المصري المنتفض أو الشباب التونسي الذي انتفض قبل ذاك. حتى في مصر حاولت بعض الأحزاب المعارضة ان تساوم حسني مبارك في مقابل الحصول على فتات الموائد والتي رفضها المتجمهرون في ميدان التحرير.

يا شباب العراق, من النساء والرجال:
- وحدوا صفوف الشبيبة العراقية وادفعوا الأحزاب والقوى نحو وحدة العمل بدلاً من بعثرة القوى والقيام بفعاليات منفصلة عن بعضها.
- استفيدوا من تجربة تونس ومصر في استخدام فعال للتقنيات الحديثة ونقل المعلومات وخاصة الفيسبوك والتوتير وكل ما هو مفيد لتعبئة أوساع الشبيبة وابناء وبنات الشعب.
- أرفضوا حكومة تعتمد مبدأ التقسيم والتوزيع الطائفي للسلطة في العراق, وطالبوا بحكومة وطنية ديمقراطية تعتمد مبدأ المواطنة.
- ارفضوا بقوة وبحسم الربط بين المؤسسات الدينية والدولة, فالدين لله والوطن للجميع.
- أرفضوا الهيمنة الحزبية المطلقة على أجهزة الدولة والوظائف الحكومية وطالبوا بممارسة مبدأ "الشخص المناسب في المكان المناسب".
- أرفضوا بقوة سياسة تفليش مفهوم وروح المواطنة العراقية لصالح الهويات الفرعية القاتلة والمفككة لمجتمع.
- أرفضوا البطالة وطالبوا بالعمل والكرامة والخبز. أرفضوا حالة الفقر المدقعة لنسبة تصل إلى أكثر من 70 % من السكان الذين يعيشون تحت أو على أو فوق خط الفقر الدولي بقليل, في حين أن الملايين تصرف هدراً, كما في المقابل نجد أصحاب المليارات والملايين الذين اغتنوا على حساب المال العام والنهب والسرقة في فترة قصيرة ووجهوا الملايين منها نحو الخارج.
- أرفضوا سياسات الفساد المالي والإداري في كافة أجهزة الدولة العراقية دون استثناء, طالبوا بالرقابة على الشركات والعقود والمقاولات التي تمارس دفع الرشاوي وتفاقم الفساد في البلاد. طالبوا بتطبيق مبدأ من اين لك هذا؟
- أرفضوا قطع 36% من ميزانية الدولة للرئاسات الثلاث, في حين يتراجع معدل حصة الفرد الواحد إلى الحضيض وكذا حصص التعليم والتربية والصحة...الخ. ولا تقبلوا بالموقف الغريب والمخادع بالتنازل عن نصف الراتب في حين ان المخصصات تبلغ أضعاف اضعاف الراتب.
- أرفضوا الفصل بين الطالبات والطلبة في المعاهد والكليات والجامعات العراقية, فهو قمة التخلف والعداء للمرأة والرجل في آن واحد.
- ارفضوا توزيع أراضي الدولة والدور على الوزراء والأغنياء وكبار المسؤولين وممثلي الأحزاب السياسية دون وجه حق ودون مبرر.
- أرفضوا التنازل عن إيجارات مجزية عن السكن في المنطقة الخضراء وحي القادسية وغيرها, في حين يعيش الفقراء في بيوت طينية أو أشبه بالبيوت القصديرية أو حتى بلا كل ذلك.
- أرفضوا حكومات لا توفر لكم بعد مرور ثماني سنوات على سقوط الفاشية الكهرباء والمعالجة الصحية والتعليم والبنايات الضرورية للتدريس .. الخ.
- ارفضوا سياسات الدولة الضعيفة في مواجهة الإرهاب الدموي والقتل المستمر للمواطنات والمواطنين وقتل أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق.
- أرفضوا التدخل الإقليمي والدولي في الشؤون العراقية, تدخل إيران والسعودية والخليج وسوريا والولايات المتحدة التي أسست للنظام الطائفي الراهن وكرسته في الشأن العراقي.

يا شبيبة العراق المقدامة ما لم تأخذوا أموركم بأيديكم فليس هناك من يساعدكم في تغيير واقعكم المزري وحياتكم البائسة الخالية في الغالب الأعم من التمتع بالعمل والثقافة والفنون الجميلة ومن التمتع بحياة حضارية وإنسانية تتماشى والتطور الحضاري على الصعيد العالمي.

إن شبيبة تونس ومصر قدما النموذج الرائع لشعوب الشرق الأوسط كلها, ومنها بشكل خاص الشعب العراقي. والشعب العراقي سيقدم نموذجه الخاص ويستفيد من نموذجي تونس ومصر في كافة المجالات وخاصة الأسلوب السلمي الفعال والتعبئة العامة ورفض المساومة والمهادنة. والأحزاب التي ترفض التأييد ستجد نفسها تهرول وراء الأحداث والشباب!

لقد نزع الشباب, نساءً ورجالاً, الخوف من قلوبهم واستطاعوا أن يكسبوا كل الشعب حولهم وحققوا النصر في البلدين وهو ما ينتظره العالم من شبيبة وشعوب الشرق الأوسط ومن شبيبة العراق وشعبه أيضاً.

لنعمل من أجل دولة ديمقراطية وإقامة حكم مدني ديمقراطي يعبر عن إرادة الشعب ومصالحه الأساسية وينفذ برنامج للتنمية والتصنيع وتحديث الزراعة والاستخدام الأمثل للموارد المالية ومنها موارد النفط الخام وتحسين مستوى معيشة الشعب ..

 

13/2/2011

 

 

free web counter