| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

الخميس 12/6/ 2008



هل تستجيب بنود الاتفاقية المقترحة مع الولايات المتحدة الأمريكية
لمبدأ الحصول على الاستقلال والسيادة الوطنية في العراق؟
(2)

كاظم حبيب

أشرت في نهاية الحلقة الأولى إلى أنه ليس ضيراً أن يعقد العراق اتفاقية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكة , بل هي ذات فائدة من عدة وجوه. ولكن الإشكالية لا تكمن في ضرورة عقدها , بل في مضامينها وتأثيراتها على اتجاهات تطور العراق وعلى العلاقات العراقية العربية والعراقية الإيرانية , خاصة ونحن نعيش تدخلاً فظاً ومريعاً من جانب علي خامنئي , ولي الفقيه في إيران , وحديثه المضاد للإتفاقية حتى أمام رئيس وزراء العراق دون أن يعير للبرتوكول الدولي أي اهتمام واحترام , وتأثيرات هذا الحديث على من يمنح قراره لموقف ولاية الفقيه في العراق.
يفترض أن يعتبر وجود القوات الأمريكية في العراق حالة موقتة فرضتها ظروف ما بعد الحرب وسقوط النظام الاستبدادي , وأن عليها أن تغادر العراق في فترة غير بعيدة ترتبط بوجود قواعد لها ينتهي وجودها بانتهاء تلك الفترة التي يمكن أن تستمر لخمس سنوات وليس لعشر أو عشرين عاماً. كما يفترض أن ترفع الولايات المتحدة الأمريكية يدها عن وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الأمن الوطني ما دامت الوجهة تسير باتجاه التخلص من وجود القوى الطائفية السياسية في تلك الوزارات واستبدالها بعناصر تؤمن بالوطن والمواطنة وليس بالهوية الطائفية. كما يفترض أن تكون القواعد العسكرية المزمع إقامتها لفترة خمس سنوات مثلاً في إقليم كردستان وعلى الحدود العراقية الإيرانية والحدود العراقية التركية وفي الجنوب على الحدود بين العراق وإيران , إضافة الى الحدود العراقية السورية , إذ تشكل هذه المناطق خطراً مستمراً لتسرب الإرهابيين والمخربين والأسلحة والأموال للعصابات الإسلامية السياسية المختلفة ولقوى البعث الصدامية التي يقودها عزة الدوري وعصابات الجريمة المنظمة.
ليس من واجب الحكومة العراقية دفع نفقات القوات الأمريكية في العراق , فوجود هذه القوات في العراق ليس فقط لحماية العراق من القوى الإرهابية أو ضد تدخل الدول المجاورة , بل وكذلك لتنفيذ جزء من الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة , وخاصة الرقابة على تحركات القوات الإيرانية أو النشاط المعادي لإسرائيل في المنطقة , إضافة إلى كونها تشكل جزءاً من حزام عسكري حول روسيا الاتحادية يستكمل في افغانستان وبعض جمهوريات آسيا الوسطى التي عقدت اتفاقيات عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية. كما لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد من وجودها في العراق منع المنافسين الآخرين من ولوج العراق والمنطقة عموماً , وخاصة دول الاتحاد الأوروبي واليابان والصين وروسيا , وكذلك الاستفادة من وجودها ومن الاتفاقية هي الرقابة على اقتصاد النفط الخام وإبقائه تحت الإشراف المباشر أو غير المباشر للإدارة الأمريكية ولشركاتها العملاقة , وكذلك التأثير على وجهة التطور الاقتصادي في العراق.
ليس من السهل فرض القانون العراقي على وجود القوات الأمريكية في العراق , إذ أن الولايات المتحدة رفضت الدخول في المحكمة الجنائية الدولية لهذا السبب , ولكن من الممكن تحديد حركة القوات الأمريكية خلال فترة وجودها في العراق لمنع حصول مخالفات ضد السكان أو القوانين العراقية. ولا يجوز بأي حال من الأحوال ترك المجال الجوي العراقي تحت إشراف الولايات المتحدة , بل يفترض أن يمارسه العراق حال توفر الإمكانيات لممارسة هذا الدور. كما لا يجوز بأي حال اعتقال أي عراقي من جانب القوات الأمريكية , بل يفترض أن تخضع لموافقة ورقابة الحكومة العراقية.
لا شك في ضرورة استمرار بناء القوات العراقية , الجيش والشرطة والأمن الداخلي , بمساعدة الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية المتقدمة لأهمية ذلك في إبعاد الأجواء الدينية والمذهبية عن فرض هوياتها في صفوف هذه القوات , بل نشر وتكريس وترسيخ روح الوطن والمواطنة في وعيها وسلوكها وممارساتها اليومية.
إن الحد من دور الولايات المتحدة في العملية الأمنية والعسكرية لصالح القوات العراقية يفترض أن يتجلى في تقليص دور الإدارة الأمريكة السياسي في العراق لصالح المزيد من الحرية لرئاسات الدولة والحكومة ومجلس النواب , رغم الاختلالات التي تعيشها هذه المستويات , وخاصة مجلس الوزراء ومجلس النواب. فالوصول إلى اتفاق سياسي بين أطراف الحركة السياسية العراقية لصالح المصالحة السياسية بين الأطراف العراقية وحل المعضلات المعلقة بآليات ديمقراطية وسلمية سيسمح بنشوء أجواء جديدة في العراق تسمح ليس بسيادة القانون والعمل السياسي المنظم حسب , بل وتسمح بإقامة علاقات إيجابية وطيبة على مستوى الإقليم والعالم , وهو مانفتقده حالياً بسبب وجود القوات الأمريكية في العراق وتأثيرها على السياسة العراقية. إلا أن هذا التوجه يتطلب توقف الدول المجاورة عن التدخل الفظ وغير المنقطع بالشأن العراقي , وهو ما نعيشه من جانب إيران وسوريا وإلى حدود واضحة أيضاً من جانب تركيا والسعودية , وبشكل مبطن من بعض قوى دول الجوار الخليجية. ويمكن أن تكون السنوات القادمة أكثر هدوءاً من السابق. ولكن علينا أن نتوقع وفي كل لحظة احتمال عودة قوى الإرهاب الإسلامية السياسية المتطرفة وقوى البعث الصدامية وعصابات الجريمة المنظمة إلى نشاطها الإرهابي والعدواني ضد الشعب العراقي , رغم الضربات التي تلقتها في البصرة والموصل ومدينة الثورة وفي مناطق أخرى من العراق. إن النشاط الإرهابي يستهم في إبقاء القوات الأنبية في العراق فترة أطول ولا يسهل مهمة عقد اتفاقية أكثر قدرة على تحقيق مصالح العراق. ولهذا يفترض أن لا تهدأ الحكومة العراقية عن مراقبة هذه القوى ومتابعتها , وخاصة تلك التي توجهت لها ضربات أو المرشحة لمثل هذه الضربات بسبب امتلاكها لاحتياطي مسلح كبير دخل في إطار الحمايات الخاصة لقوى بعض الأحزاب السياسية , وخاصة الإسلامية منها.


 11/6/2008


¤ الجزء الاول


 


 

free web counter