| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

 

الثلاثاء 12/6/ 2007

 


 

السيد راضي الراضي والبرلمان العراقي!


كاظم حبيب

وقف قبل أيام السيد رئيس لجنة النزاهة القاضي راضي الراضي أمام البرلمان العراقي ليستجوب من السيد صباح الساعدي عضو البرلمان ورئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي, وهو من كتلة الائتلاف العراقي الموحد. وقد حدث ما حدث في هذه الجلسة التي تعودنا على مشاهدتها في ظل هكذا برلمان يقوم مبدئياً على أساسين خاطئين هما:

1. القوائم المقفلة, و2. المحاصصة الطائفية, كما هو حال مجلس الوزراء والوزراء وأجهزة الدولة الراهنة. وهيئة النزاهة هي الهيئة الوحيدة التي تخلصت, كما يبدو, من المحاصصة الطائفية, ولكن هذا الأمر لم يُسر ويفرح من يعتمد الطائفية مبدأ وأداة في عمله السياسي ومن يستسيغ أموراً اخرى!

لم أتعرف على السيد راضي الراضي شخصياً ولم التق به, ولكن قرأت له وسمعت عنه ومنه عبر أجهزة الإعلام السمعية والبصرية ما يساعدني على تكوين رأي بشأن هذا الإنسان العراقي الذي يحتل موقعاً يعتبر عدواً مباشراً لكل الفاسدين والمفسدين في أرض العراق, وبالتالي يسعى هؤلاء جميعاً إلى مناهضته وإسقاطه, كما أنهم يتصيدون أحياناً غير قليلة في الماء العكر ويتربصون به وبهيئة النزاهة, ومن يعمل يمكن أن يرتكب خطأ ما سواء هو أو أحد أعضاء هيئة النزاهة.  

المهمة التي أنيطت بهذا الرجل ثقيلة جداً في ظل بلاد يسود فيها نظام متكامل من الفساد المالي والإداري منذ زمن البعث وصدام حسين ورهطه باعتبارهم أكثر الجماعات فساداً وإفساداً في العراق, وهم الذين كرسوا هذا الفساد كنظام معمول به ومفروض على المجتمع ومقبول منه على أساس "أخاك مجبر لا بطل".

زادت سلطة الاحتلال بقيادة بول بريمر, المستبد بأمره والفاسد إدارياً حتى النخاع, ويقال مالياً أيضاً, والشركات الأجنبية العاملة في العراق, وخاصة القادمة مع قوات الاحتلال من الولايات المتحدة, وخاصة تلك التي كان نائب رئيس الولايات المتحدة رئيساً لها فترة غير قصيرة (هالبيرتون) من تكريس الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة وفي المجتمع. واستكمل هذا النظام بالعمليات الإرهابية التي كانت ولا تزال توظف الملايين الكثيرة من الدولارات القادمة من وراء الحدود البعيدة والقريبة لممارسة نشاطها الإرهابي بشتى السبل مستخدمة قاعدة الجزرة والعصا, تماماً كما كانت تمارس من قبل سلطة صدام حسين ولا تزال تمارس من أيتامه من بعده في العراق.

المهمة الثقيلة التي أنيطت بهذا الإنسان يفترض أن ترتبط مباشرة بجهاز القضاء العراقي الذي يفترض أن يكون مستقلاً. كما يفترض أن يجد له سنداً في السلطة التشريعية لكي يستطيع تأدية مهماته. ويبدو أن الأمرين مفقودان في العراق, فلا القضاء العراقي يمتلك القدرة على ممارسة الدعم الكافي, ولا مجلس النواب الذي لا يمتلك الحصانة الكافية لممارسة ذلك, بل أن الوقائع تشير على أن قوى في مجلس النواب تحاول إبعاد هذه الشخصية عن هذا الموقع وإدانته بشتى السبل.

لا أملك أدلة ضد السيد راضي الراضي تساعدني على  اتهامه, وكل إنسان برئ حتى تثبت إدانته. ولكن السيد راضي الراضي امتلك حتى الآن الشجاعة والنزاهة وقدم ألف دليل ودليل على عدد كبير من الفاسدين والمفسدين في العراق, وما برح يطالب بمحاكمتهم علناً ولا يخشى في الأمر لومة لائم. طالب الرجل بتقديم وزراء سابقين إلى المحاكمة بعد أن استكملت ملفاتهم. وطالب برفع الحصانة عن وزراء حاليين لنفس الغرض, كما طرح ملفات عن عائلات قدمت تضحيات غالية في النضال ضد نظام صدام حسين, ولكنها بدأت تغتني دون وجه حق, كما يقال علناً وفي الصحف وأجهزة الإعلام, بالسحت الحرام وبإصدار قرارات منح دور وعقارات لها. كما أن البعض الكثير من أعضاء مجلس النواب مشمول بتلك المسائل! والإجراء الصحيح هو تدقيق تلك المعلومات والأخبار من جانب مجلس النواب ومجلس الوزراء وليس استجواب رئيس لجنة النزاهة, فهل توجد وراء هذه الضجة بعض الأهداف المعروفة لنا؟

يبدو لي أن هذا الاستجواب يهدف إلى تحقيق غايات ثلاث, وأتمنى أن أكون مخطئاً:

1.    إبعاد رئيس هيئة النزاهة عن رئاسة النزاهة لتوفير أرضية لتوجيه ضربة قاضية له وللنزاهة في العراق وتكريس نظام الفساد المالي والإداري السائد حالياً.

2.    شمول هذه الهيئة بالمحاصصة الطائفية أيضاً وعرقلة عملها وسحب وإتلاف كافة الملفات .

3.    اختيار شخص من قائمة الائتلاف العراقي الموحد على رأس هذه الهيئة بما يحقق أو يستجيب لإرادة قوى الائتلاف وينهي وجود ملفات غير قليلة في مجالات النفط في الجنوب والوزارات الطائفية وغيرها.

هناك الكثير من الأسئلة التي تواجه المجتمع العراقي, منها مثلاً: هل توجد في المجتمع العراقي في هذه المرحلة الحرجة والمعقدة والمتشابكة من تاريخ العراق قوة شعبية واعية قادرة على منع حصول هذه الغايات الثلاث على اقل تقدير؟ هل في مقدور المثقفين العراقيين والأحزاب الوطنية والديمقراطية التي ترفض الطائفية السياسية ومحاصصاتها المقيتة أن توقف رغبة وإرادة قائمة الائتلاف العراقي الموحد في مجلس النواب لتغيير رئيس هيئة النزاهة وتدمير حياته ومستقبله وسمعته؟

علينا أن نجرب ذلك بما نملك من قناعة بنزاهة الرجل لا لكي يقال بأننا قصرنا في الدفاع عن هذا الرجل النزيه, بل لكي لا يقال عنا أننا سكتنا عن الحق وعن هدر أموال الشعب, والجميع يعرف أن الساكت عن الحق شيطان أخرس, فهل نحن كذلك؟

12/6/2007