| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

khabib@t-online.de

 

 

 

 

الثلاثاء 12/9/ 2006

 


 

هل من جدوى لغلق مكاتب العربية في بغداد؟

 

كاظم حبيب

صدر قرار عن رئيس الحكومة العراقية يقضي بغلق مكاتب القناة الفضائية "العربية" في بغداد لمدة شهر كامل. وهو أمر غير اعتيادي مع قناة من طراز العربية المرئية والمسموعة في العراق والعالم العربي, إضافة إلى كافة العرب في الدول الأخرى. والقرار يستند على اتهامات ثقيلة لم يسع البيات إلى تأكيدها بأمثلة حسية أو واقعية, بل مجرد اتهامات. وينطوي القرار على تهديد بغلق مكاتبها تماماً في العراق إن مارست سياسة إعلامية طائفية ودعم العنف الجاري في العراق.
جاء هذا القرار مفاجئاً لكل مشاهدي قناة العربية, رغم أن المتحدث يشير إلى أنه قد سبق أن وجهت تحذير إلى القناة العربية بأن عليها أن تغير من أسلوب إعلامها عن العراق وإلا فسوف تتخذ الإجراءات الرادعة إن هي واصلت نشر ما يسيء إلى وحدة العراق أرضاً وشعباً.
إن هذا القرار المتعجل ينطوي على ثلاث نقاط مهمة هي في غير صالح الوزارة العراقية وأهمية سعيها لتحسين علاقاتها مع أجهزة الإعلام العربية والإقليمية والدولية, وهي:
1. فهو ينطوي على مخالفة صريحة وجدية لحرية الصحافة والنشر الإذاعي والتلفزيوني والإعلام عموماً, كما يجسد حالة ضيق الصدر وضيق الأفق في آن واحد في فهم مضمون حرية الصحافة والإعلام والنشر على الصعيد الإقليمي والعالمي والاستقلالية الضرورية التي يفترض أن يتمتع بها الإعلام.
2. إن الفضائية العربية قدمت برامج جيدة عن العراق, إضافة إلى استضافتها للكثير من العراقيين ومن مختلف الاتجاهات للحديث عن أوضاع العراق, كما تقدم برامج دعائية ضد الإرهاب في العراق. وهناك برنامج مسائي أسبوعي يقدم فيه مدير الندوة حواراً جدياً ومهماً مع السياسيين العراقيين, يتضمن الكثير من المعلومات القيمة, إضافة إلى أنه يوفر مساحة مهمة لممثلي الحكومة ف بالحديث عن أوضاع العراق الداخلية.
3. يفترض في الحكومة العراقية أن تواجه وتكافح السياسات الطائفية التي تمارسها بعض الأحزاب السياسية الإسلامية الشيعية منها والسنية في العراق, وأن تمنع وجود المليشيات المسلحة التابعة لها وسحب السلاح منها, إذ إنها من خلال ذلك تستطيع تحقيق التأثير الإيجابي الفعال في الواقع العراقي وتغيير وجهة الأخبار التي تبث نحو العالم, إذ ليس لأغلب الفضائيات من ذنب الفضائية في ما يصلها من أخبار وتنقلها بأمانة إلى المشاهدين.
لا يجوز للحكومة العراقية أن تطالب الفضائية العربية أن تكون صوتاً لها أو أن تردد قراراتها وسياساتها, فهي تعيد تنشر الأخبار الواردة إليها من العراق وما يجري في هذا البلد المستباح من الإرهابيين من جانب, ومن القوى الموغلة بالطائفية شيعية كانت أم سنية من جانب آخر, وعلى الحكومة العراقية أن تتحمل مسؤوليتها في تخليص المجتمع من هاتين المشكلتين لكي ينقطع وصول مثل تلك الأخبار السلبية إلى الفضائية العربية وغيرها.
وعلى الحكومة العراقة أن تجري مقارنة بين ما تقدمه قناة "الجزيرة" مثلاً وما تقدمه العربية, عندها تستطيع أن تميز الفارق الكبير بين وجهة وموضوعات وصياغة الأخبار والمعلومات عن الوضع في العراق بين القناتين, وعندها تستطيع تقدير أهمية إعادة النظر بقرارها بشأن قناة العربية.
لم أجد أي جدوى من غلق قناة العربية في بغداد, بل أجد فيها ضرراً بالغاً لا معنى له ولا مبرر حتى لو كانت هناك بعض الملاحظات لدى المسؤولين عل ى قناة العربية.
أتمنى على الحكومة العراقية أن تعيد النظر بقرارها ورفع الحظر عن نشاط العربية في العراق, إذ أنه ينسجم تماماً مع مضمون الدستور العراقي وما تضمنه من احترام لحرية الصحافة والإعلام والنشر.

نشر في جريدة المدى البغدادية