| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

khabib@t-online.de

 

 

 

 

الجمعة 11/8/ 2006

 




حوار مع د. إلياس حلياني حول السلام والحرب!

 

كاظم حبيب

نشر السيد الدكتور إلياس حلياني, سوري الجنسية, مقالاً بعنوان "في خضم المعركة، في وسط الدمار والخراب، في زمن الحرب. نطالب بالسلام". قرأت المقال بعناية فوجدت أن فحواه لا تتجاوز فكرة يتيمة واحدة لا غير, وهي:
هناك من يريد لسوريا أن تخوض حرباً ضد إسرائيل لتحرير الجولان المحتلة منذ سنوات كثيرة. وأن هؤلاء الناس يريدون الإطاحة بالنظام السوري "الصامد".
ولكن, السؤال العادل هو: هل هناك من يريد أن يزج بسوريا في حرب مدمرة ضد إسرائيل بتحرير الجولان المحتل دون أن تكون قادرة سوريا على تحقيق هذا الهدف النبيل؟ لا أرى ذلك, فالغالبية العظمى من الناس, وهم عقلاء قطعاً, يريدون تحرير الجولان واستعادة سوريا لها عبر المفاوضات والأمم المتحدة والتضامن العربي, وليس عبر الحرب التي لا طائل لها, كما يؤكد الكاتب نفسه.
ولكن كثرة هائلة من الناس في العالم العربي وفي العالم تطرح السؤال العادل التالي على الحكام في سوريا وعلى كل السياسيين والأحزاب المتحالفة في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية الخائبة وعلى الدكتور إلياس حلياني ذاته: لِمَ تزج سوريا, ومعها حليفها المتطرفة إيران, بلبنان في حرب مدمرة لا طاقة لللبنان على تحمل عواقبها لتحرير الجولان ومزارع شبعا, في وقت لا تعترف للبنان حتى بعائدية مزارع شبعا للبنان, بدلاً من أن تخوض الصراع بنفسها, إن كانت تريد خوض الصراع العسكري ولِمَ تضحي بالإنسان اللبناني وبالأرض اللبنانية بدلاً من أن تمارس الكفاح بنفسها؟
هذا هو السؤال الذي كان على الدكتور السوري أن يجيب عنه بدلاً من الزوغان عنه وطرح المسألة وكأنها ملهاة, في حين أنها المأساة بعينها ما يعيشه الشعب اللبناني حالياً, إذا كانت سوريا لا تريد الحرب, إذ تخشى منها على سقوط نظامها, فلِمَ تزج بلبنان في مثل هذا الصراع والنزاع المسلح, رغم أن سقوط النظام السوري القائم سوف لن يتأسف عليه أحد, بل ستعم الفرحة ارجاء سوريا, بل حتى جمهرة واسعة جدا من البعثيين سيهللون لهذا السقوط, تماماً كماسقط النظام البعثي في العراق ولم يحزن عليه في ما عدا الجماعات الفاشية والمستبدين في العراق والعالم العربي.
لقد أعادت لبنان بناء مات دمرته الحرب وساعادت جزء من عافيتها التي تسببت بها عواقب الحرب الأخيرة وداوت الجراح التي اُثخنت بها من جراء الحرب الإسرائيلية والعدوان والاحتلال الإسرائيلي من جهة, ومن جراء وجود وممارسات القوات السورية في لبنان لسنوات طويلة من جهة ثانية. وحين أجبرت سوريا على الخروج من لبنان بعد كل الذي مارسته في لبنان وساهمت في تشويه الحياة السياسية والحياة الديمقراطية فيه, عمدت إلى الانتقام منه بزج لبنان في هذه الحرب التي كانت إسرائيل تنتظرها بفارغ الصبر لتصفية حسابات سابقة لها. إن النظام السوري مستعد بالتضحية بكل النظم العربية وبكل الشعوب العربية في سبيل أن يبقى النظام الدكتاتوري قائماًً, وهو أمر لم يعد خافياً على المجتمعات العربية, ولكن من المحزن حقاً أن من يتحدث بهذا الأمر محدود للغاية.
إن التحالف السوري الإيراني تحالف رجعي عدواني يمارس سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للبنان والعراق في آن واحد, وحيثما تمتد أصابع هذين النظامين تشتعل الحرائق ويرتفع الدخان ويختفي السلام. وليست هناك أفضل من هذه الحالة التي تساعد إسرائيل على توسيع مساحتها على جساب الأرض في فلسطين, وربما على إقامة مناطق آمنة تقتطع من اىلأراضي اللبنانية في جنوب لبنان.
لن يطالب أحد بدخول سوريا في حرب جديدة مع إسرائيل أيها السيد المدافع عن نظام بائس وخائب وعاجز عن تقديم الحلول العملية للمشكلات في سوريا, عن نظام يستثمر الظروف الصعبة الحالية ليجهز على حركة المجتمع المدني في سوريا والحركة الديمقراطية ليطيل من عمره بحجة وحدة الجبهة الداخلية. ولكن مهما طال عمر هذه النظم سيبقى قصيراً وستنتصر إرادة الشعب السوري بالرغم من سياساته الاستبدادية المناهضة لمصالح الشعوب.
يقول الدكتور حلياني ما يلي: الحرب لم تحسم أي شيء، الحرب لم تقدم إلا الويلات لكل شعوب المنطقة، لنجرب السلام، سلام الشجعان، لا الاستسلام. لدينا القدرة على ضرب تل أبيب، ولدينا القدرة على إشعال الحرائق في كل اسرائيل، ولكننا سئمنا كل هذا، وننشد السلام والعيش بأمان.
القسم الأول من حديثه سليم جداً, إذ أن الحرب لم ولن تقدم شيئاً لشعوبها, بل جلبت لها الويلات تلو الويلات والكثير من الاحتلال والموت والدمار, ولكن, لِمَ إذن يزج لبنان في هذه الحرب المشتعلة منذ ما يزيد عن شهر؟ لِمَ هذا الاعتداء الصارخ على شعب لبنان من النظام السوري, وليس من الشعب السوري المبتلى بنظام الاستتبداد والقسوة؟ لِمَ يتركوا شعب لبنان وحده بعد أن دفعوا به إلى الحرب؟ ثم يدعي الدكتور المحترم بأن لدى سوريا من الأسلحة ما هو قادر على إشعال الحرائق في كل إسرائيل! من يأخذ مثل هذا الكلام على محمل الجد يا أيها السيد المحترم, فإشعال الحرائق لا يعني الانتصار في الحرب أولاً, ولو كان لدى سوريا ما تتحدث به لتحقيق النصر, رما لأشعلت الحرب منذ زمن طويل واستعادت الأرض المنغتصبة من قبل إسرائيل منذ ما يزيد على عقدين ونيف من السنين.
إن التهديد لا يحمل معه سوى الضحك على ذقون الناس من نظام بائس وأتباع أكثر بؤساًُ وفاقة وضعف خيال.
لا نريدكم التدخل في شؤون لبنان أو الدخول في الحرب المشتعلة حالياً, فالنظام السوري ليس قادراً على تحملها وسيسقط تحت وطأتها وستكون السلطة في أيدي قوى الإسلام السياسي المتطرفة قطعاً, بل نريدكم أن تتخلوا عن التدخل في شؤون شعب لبنان, نريدكم أن تعترفوا باستقلال وسيادة لبنان على أرضه وتتركوا شعب لبنان لحاله فهو قادر على الدفاع عن نفسه, شريطة أن لا تعمدوا إلى زجه في حرب غير قادر على تحملها. وها نحن نرى كيف أن إسرائيل تمعن بضرباتها بالشعب اللبناني وتحتل المزيد من الأرلاض اللبنانية وأنتم تهددون بأنكم ستتدخلون في الحرب أن وصلت إسرائيل إلى حدودكم. لن تصل إلى حدودكم, لأنها هي الأخرى تريد أن تصفي حساباتها معكم ومع إيران على الأرض اللبنانية, وهي جريمة بشعة تمارسها إسرائيل في هذه الفترة وفي هذا العدوان الخبيث.
يقول المثل العربي: إذا كان الكلام من فضة, فالسكوت من ذهب. كم كان على الدكتور حلياني أن يسكت بدلاً من الصراخ بالسلام وهو يعرف تماماً ما جرى بين إيران وسوريا خلال الشهر الأخير قبل الحرب, سواء عبر الزيارات المتكررة لوزيرة خاريجة إيران والمسؤولين الإيرانيين إلى سوريا ولبنان, أم عبر التنسيق مع حزب الله في هذا الصدد وبعيد عن الحكومة والدولة اللبنانية.
إن العرب والعالم يعمل اليوم من أجل تحقيق عدة أهداف متزامنة وأساسية, وهي:
• إيقاف القتال فوراً والانسحاب الكامل من الأرض اللبنانية.
• نشر قوات الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة في الجنوب اللبناني لمنع نشوب معارك جديدة.
• معالجة المشكلات القائمة بين لبنان وإسرائيل وخاصة مزارع شبعا العائدة للبنان ومن حقه أن يحتفظ بها بعد الدماء الغزيرة الي هدرت باسمها.
• نزع سلاح حزب الله وتسليمه إلى الجيش اللبناني, وإنهاء حالة دولة حزب الله داخل الدولة اللبنانية.
• البدء بإعادة بناء لبنان بدعم دولي واسع وإعادة كل المهجرين إلى مناطق سكناهم.
• منع أي تدخل إيراني وسوري في الشؤون اللبنانية.
• اعتراف سوريا باستقلال وسيادة لبنان وإقامة علاقات دبلوماسية عادية معه وفق أسس العلاقات الدبلوماسية الدولية بين دولتين مستقلتين.
• الاعتراف للبنان بعائدية مزارع شبعا للدولة اللبنانية.
• المزيد من التضامن الشعبي والحكومي العربي والدولي مع شعب لبنان لوقف الحرب العدوانية من جانب إسرائيل وإعادة إعمار لبنان وعودة المهجرين إلى ديارهم.

آب/أغسطس 2006