| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

khabib@t-online.de

 

 

 

 

الجمعة 10 /11/ 2006

 



لم يكن السلام الدائم والعادل أبداً رائد إسرائيل!

 

كاظم حبيب

تؤكد الجرائم المرتكبة حالياً من جانب حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة في غزة عموماً وفي بيت حانون على نحو خاص أن السلام الدائم والعادل مع الشعب الفلسطيني ودولته الوطنية المستقلة المرتقبة لم يكن أبداً رائد إسرائيل الفعلي أو نهجاً ثابتاً لها في علاقاتها مع منظمة التحرير الفلسطينية, بل كانت الحرب والتوسع على حساب المزيد من الأرض الفلسطينية والتهجير المتواصل للشعب الفلسطيني عن أرضه, بسبب الدمار الشامل والقتل المستمر لهم, هي السياسة التي مارستها وما تزال تمارسها جميع الحكومات الإسرائيلية دون استثناء. وكانت هذه السياسة التوسعية العدوانية المقترنة بالقتل العمد اليومي, الذي أصبح في نظر العالم وكأنه عمل اعتيادي يومي تؤديه القوات الإسرائيلية المحتلة بشكل روتيني, هي السبب وراء فشل الكثير من المبادرات السلمية التي تقدمت بها الدول العربية إلى الجانب الإسرائيلي والأمريكي, هذا الحليف الاستراتيجي غير النزيه في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني والصراع الإسرائيلي - العربي.
وإذ تصر إسرائيل على ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية يومياً باتجاه فرض الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني والرأي العام العالمي والمجتمع الدولي, وإذ تقتل المزيد من النساء والأطفال وكبار السن, وإذ تدمر البيوت وتمنع العيش الطبيعي لهم بعقوبات جماعية وبدون أسباب, تصر الولايات المتحدة الأمريكية بدورها على ممارسة سياسات غير عادلة ووحيدة الجانب لصالح إسرائيل, كما تمنع أي إدانة فعلية للعمليات الإجرامية ضد الإنسانية التي تمارسها إسرائيل في فلسطين المحتلة, في مجلس الأمن الدولي. وفي الوقت نفسه يواجه الشعب الفلسطيني سكوتاً ظالماً من جانب الغالبية العظمى من دول العالم وتشجيعاً مبطناً لإسرائيل في غيها الجاري حتى بلغ بها الأمر أن تمنح فاشياً وعصرياً قذراً ومفضوحاً ضمن أعضاء الحكومة الإسرائيلية التي هي بالأصل يمينية متطرفة ومناهضة للعرب والمسلمين.
إن إسرائيل ليست مسؤولة عما يحصل يومياً من عمليات مقاومة من جانب الشعب الفلسطيني حسب, بل هي مسؤولة أيضاً عن أي تطرف يحصل في نشاط بعض القوى السياسية والمسلحة الفلسطينية, كالعمليات الانتحارية, بسبب سياساتها العدوانية والمعادية لكل مبادرة سلمية لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أو حل النزاع الإسرائيلي - السوري والإسرائيلي - اللبناني. وهذه السياسة العدوانية هي التي تدفع بالمزيد من العرب إلى رفض إسرائيل وسياساتها في المنطقة وإلى تأييد الدول التي تسعى إلى امتلاك السلاح النووي, كما حصل في تأييد الكثير من العرب والمسلمين للدكتاتور المخلوع صدام حسين أو للدكتاتورية الإسلامية السائدة في إيران وللدكتاتور الجديد أحمدي نجاد. إن عدوانية سياسات إسرائيل ورفضها التوقف عن القتل المتواصل للناس الأبرياء وإصرارها على استمرار الاحتلال للأرض العربية في فلسطين والجولان ومزارع شبعة ستقودها جميعاً إلى المزيد من الصراع والنزاع مع العالم العربي والإسلامي, وستكون النتائج في المحصلة النهائية ليست لصالح إسرائيل.
إن الادعاء بالديمقراطية في إسرائيل كاذب كلية ومن يعتقد بذلك فهو خاطئ, إذ لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية والعرب في إسرائيل يعيشون باعتبارهم مواطنين من الدرجة الرابعة, لا يمكن أن تكون دولة ديمقراطية وهي تعتمد الدين أساساً في طبيعتها وكيانها وممارساتها الفعلية, لا يمكن أن تكون دولة ديمقراطية وهي تحتل أرضاً غير أرضها وتطرد يومياً المزيد من البشر حتى أصبحت تمتلك اليوم 78 % من أرض فلسطين السابقة, في حين لم يعد للفلسطينيين سوى 22 % من أرضهم, إضافة إلى وجود مستوطنات موزعة على ما تبقى لهم من فلسطين, كما التهم الجدار العنصري الفاصل الجديد بين فلسطين وإسرائيل الذي أقيم على الأرض الفلسطينية المزيد من الأرض الفلسطينية لصالح إسرائيل.
إن سياسة إسرائيل الراهنة لا تدعو إلى السلام ولا تريد السلام, بل تريد استمرار التوتر والصراع والنزاع والقتل اليومي بالفلسطينيين, تريد الحرب, تريد بإصرار أن يقذف الفلسطينيون المسلحون المزيد من صواريخ قسام البائسة على بعض القرى الإسرائيلية من أجل أن تستخدمها حجة لمزيد من القصف اليومي والقتل اليومي والانتزاع اليومي المتواصل للأرض الفلسطينية. إنها سياسة توسع مرسومة ومدروسة ومنسقة مع اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة مع جماعات في الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي, وهي سياسة رسمية للولايات المتحدة لا تخفيها إدارة بوش أبداً. ومثل هذه السياسة ستلحق المزيد من الأضرار على المدى اللاحق بإسرائيل وبالولايات المتحدة في المنطقة العربية والعالم في آن واحد, ولكنها ستجلب معها المزيد من الموت والخراب لمنطقة الشرق الأوسط أيضاً.
لو كانت إسرائيل تريد السلام لمارست عملياً سياسات أخرى تعرفها جيداً, إذ كان عليها أن تعود إلى حدود العام 1967 وأن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة على ما تبقى من الأرض الفلسطينية للفلسطينيين وأن تنسحب من مرتفعات الجولان ومزارع شبعة, وأن تكف كلية عن القتل المتعمد يومياً وتدمير البيوت السكنية على رؤوس أصحابها ...الخ. إن إسرائيل تشتري اليوم العداء العربي لها لكي تستمر في توتير العلاقات والصراع لتنتزع المزيد من الأرض. هذه هي سياسة إسرائيل, وهي سياسة أمريكية أيضاً, وخاصة ما مارسته إدارة بوش حتى الآن. وهي سياسة يفترض أن تدان من كل الناس الشرفاء في العالم وأن يعمل الجميع من أجل تغييرها لإقامة سلام عادل ودائم بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني وفي المنطقة بما يرضي جميع الأطراف. إذ أن سياسة إسرائيل ومنذ عقود تعبر عن استهانة كاملة بالرأي العام العالمي وبالمثل الإنسانية والقيم التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة ونقض لكل الالتزامات التي أخذتها على عاتقها حين أصبحت عضواً في الأمم المتحدة وتجاوزاً على كل القرارات الدولية الصادرة عن الهيئة العامة للأمم المتحدة وعن مجلس الأمن الدولي. إنها سياسة تثير الاشمئزاز لدى شعوب العالم.

9/11/2006
نشر في جريدة المدى البغدادية