| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عبدالخالق حسين

 

 

 

 

الخميس 22/12/ 2005

 

 

 

نتائج الانتخابات العراقية بين الرفض والقبول

 

د. عبدالخالق حسين

أعلن المسؤولون في المفوضية العليا للانتخابات العراقية عن القسم الأكبر من نتائج الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت يوم 15 من الشهر الجاري، ورغم عدم الإعلان عن هذه النتائج كاملة بعد، إلا إن هناك ردود أفعال متباينة حولها من قبل الجهات المتنافسه، تعتمد على فوز أو خسارة هذه الجهة أو تلك. مسبقاً، يجب أن نعترف أن ولادة الديمقراطية في أي مكان من العالم كانت دائماً وأبداً مصحوبة بآلام وعبر مخاض عسير. فممارسة شعب ما للديمقراطية لأول مرة أشبه بعملية ممارسة الوليد الجديد للمشي، فيبدأ بالحبي ومن ثم يشجع على الوقوف وبمساعدة الآخرين إلى أن يتمرن ويقوى وبالتالي يعتمد على نفسه ويسير على قدمين ثابتتين. وعندما نقول ذلك لا نريد الاستهانة بقدرات أي شعب، فمن المحتمل أن يسارع المتملقون والانتهازيون بالتزلف والتغني الزائف بعراقة شعبنا في الديمقراطية. يجب أن يعلم هؤلاء أن الشعوب كالأفراد، لا بد لها أن تمر في تطورها الحضاري بمراحل، تبدأ بالطفولة ومروراً بالمراهقة والصبا والشباب والكهولة والشيخوخة..الخ لذا يجب أن نكون صريحين، فشعبنا العراقي هذا لم يمارس الديمقراطية ولم يعرفها طوال تاريخه، فكيف لنا أن نطالبه بأن يمارسها بالشكل الأكمل كما تمارسها الشعوب الغربية الديمقراطية العريقة؟ فهكذا بدأت الديمقراطية عند الشعوب الديمقراطية بصعوبات وحتى بسفك دماء، إلى أن تمرنت عليها وتعلمت قوانينها حتى صارت جزءً من ثقافتها وأعرافها، فراحت تمارسها وتحترم نتائجها.
 لقد أفادت الأنباء أن ".. المفوضية العليا للانتخابات اعلنت الاثنين ان النتائج الأولية لفرز الأصوات في أكثر من نصف المحافظات العراقية، بما في ذلك بغداد، تظهر اداء قويا للائتلاف العراقي الموحد الشيعي الذي حصل حتى الآن على نحو 58 في المئة من الاصوات في محافظة بغداد وأن جبهة التوافق الوطني العراقي (السنية) جاءت في المرتبة الثانية في بغداد وحصلت على 19 في المئة من الاصوات بعد فرز 89 في المئة من 2.7 مليون صوت في المدينة. اما القائمة العلمانية التي تشارك فيها طوائف عدة ويتزعمها اياد علاوي رئيس الوزراء السابق، وهو شيعي، فقد حلت في المرتبة الثالثة وحازت على 14 في المئة من عدد الاصوات التي فرزت" (المصدر:bbcarabic.com، 20/12/2005).
 
 ومن هنا ثارت ثائرة الذين لم تأت النتائج وفق توقعاتهم أو تمنياتهم. فقد قال السيد عدنان الدليمي احد قادة جبهة التوافق الوطني العراقي "نحن نرفض النتائج التي اعلنتها المفوضية العليا للانتخابات" و"ان اعلان هذه النتائج لا يخدم مصالح العراق، ولا الأمن ولا الاستقرار في هذا البلد". ويضيف تقرير مراسل البي بي سي أن الدليمي تابع وسط هتافات انصاره: " اذا لم تتخذ المفوضية خطوات لاحلال العدل، فسنطالب بتنظيم انتخابات جديدة". اما طارق الهاشمي المسؤول في الحزب الاسلامي العراقي فقال " ان جبهة التوافق الوطني تطعن في هذه النتائج وتعتبرها مزورة" محذرا المعنيين بالشأن الانتخابي من "اللعب بالنار". (نفس المصدر). وهناك تصريحات نارية أخرى لا تقل حدة عن تصريحات الدليمي والهاشمي من ممثلي القوائم التي جاءت النتائج الأولية دون توقعاتها. فراح خلف العليان، أحد قادة تشكيلات الجبهة، ينذر بالويل والثبور وعظائم الأمور من اندلاع حرب أهلية تحرق المنطقة كلها، إذ قال: "انهم يريدوننا ان ننجر الى عملية عسكرية وحرب اهلية تشارك فيها إيران وانهم لا يعرفون ان وراءنا الامة العربية لكننا لا نريد ذلك ". (إيلاف 22/12/2005). فهذا الرجل مازال يستقوى بالقوى الخارجية وبا"الأمة العربية" لنصرته!!
 
 هذه التصريحات وغيرها في رفض نتائج الانتخابات متوقعة في بلد مثل العراق الذي لم يمارس شعبه الديمقراطية الحقيقية طوال تاريخه كما ذكرنا أعلاه. فمن غير المتوقع أن يرحب المتنافس في الانتخابات بنتائجها ما لم تكن في صالحه، لأن هذا السياسي العراقي المتنافس، ومهما ادعى بالثقافة والدعوة للحضارة الغربية والديمقراطية والحداثة، فما زال في أعماقه يحمل قيمه البدوية التي تعتبر أية هزيمة له وحتى لو كانت عبر صناديق الاقتراع، هي هزيمة تمس شرفه وكرامته، لأنه يرى الأشياء الحديثة كالديمقراطية والانتخابات من خلال منظاره البدوي القديم، نوعاً من الغزوات القبلية يجب أن ينتصر فيها وإلا الثأر والانتقام.
 
 وهذا لا يعني أن الانتخابات قد جرت بمنتهى النزاهة والحرية والعدالة، إذ تحصل الانتهاكات وحتى في أعرق البلدان الديمقراطية ولو على درجات خفيفة غير مرئية، كما إننا نقول هذا ليس لإيجاد المعاذير لهذه الانتهاكات. فهناك شكاوى كثيرة من جهات تدعي الحيادية وعلى سبيل المثال لا الحصر ننقل بعضاً من هذه الاتهامات، حسب ما نقلته (شبكة عراقنا الإخبارية) عن تقارير خاصة لشبكة عين لمراقبة الانتخابات التي قامت بنشر 14000 مراقب في مختلف أنحاء العراق لمراقبة سير العملية الانتخابية. و قد سجلت الشبكة قائمة تجاوزات وخروقات أذكرها في نهاية هذه المداخلة. إضافة إلى قتل ثلاثة من مرشحي قائمة العراقية الوطنية التي يتزعمها الدكتور علاوي واحرق مقر حركة الوفاق والحزب الشيوعي العراقي في الناصرية وقتل عضوين عاملين في مقر الحزب الشيوعي في مدينة الثورة في بغداد. فهذه الأعمال وغيرها هي أعمال بربرية يمارسها العفالقة الجدد الذين وجدوا في الأحزاب والمليشيات الإسلامية مثل جيش المهدي، ملاذاً آمناً لهم لمواصلة جرائمهم بحق الشعب وأحزابه الوطنية. ونحن لا نستطيع أن نؤكد أو ننفي هذه الاتهامات، فهي معروضة على المفوضية العليا للانتخابات والتي من واجبها التحري فيها وبمنتهى الشفافية من أجل إحقاق الحق وحماية الديمقراطية وحماية سمعة المفوضية ذاتها من التهم الموجهة لعدد من أعضائها بالتحيز. هذه هي محنة الديمقراطية الوليدة في العراق.
 
 محاولة لتفسير الظاهرة:
 من المؤسف القول، أن الطائفية والعرقية، شئنا أم أبينا، هما السائدتان في عراق ما بعد صدام. وهذه الحالة المؤسفة هي نتيجة السياسة الطائفية والعرقية التي اتبعها النظام الفاشي في اضطهاد الشعب طوال 35 سنة من حكمه. فعندما يُظلم المواطن ويمارس بحقه أبشع أنواع التمييز والقهر بسبب انتمائه المذهبي والعرقي، فلا حول له سوى اللجوء إلى الدين والطائفة والعشيرة والقومية بحثاً عن الخلاص ومن أجل البقاء. لذلك وفي هذا الجو المشحون بالطائفية انتعشت الأحزاب الدينية والعرقية إثناء حكم البعث الفاشي وبعد سقوطه. أما الأحزاب العلمانية الديمقراطية فتعيش في حالة من الانحسار والاغتراب والعزلة. هذا هو الواقع المزري الذي ورثه الشعب من تركة النظام الفاشي. لذلك فعندما تحصل قائمة (جبهة التوافق الوطني العراقي) السنية على نحو 20% من أصوات محافظة بغداد وقائمة الإئتلاف الشيعي على 58%، يجب أن لا نستغرب، فهذه النسب تعكس نسب الانتماء الطائفي في سكان بغداد والتي تمثل خليطاً واقعياً لمكونات الشعب العرقي. لذلك فهذه الانتخابات هي أشبه بتعداد السكان لمعرفة النسب الانتماء العرقي والطائفي. فلماذا نستغرب من هذه النتائج ونعتبرها مزورة؟
 
 وعلى هذا الأساس، فلا يمكن لقائمة الإئتلاف الشيعية أن تحصل على أية نسبة من الأصوات في محافظة الأنبار السنية مثلاً، كما لا يمكن لأية قامة سنية أن تحصل على أية نسبة في المحافظات الشيعية مثل النجف وكربلاء. فهل هذا يحتاج إلى كثير من الذكاء والعناء لمعرفة الحقيقة وفي هذا الاصطفاف الطائفي؟ وهذا لا يعني أننا ندافع عن الطائفية أو نجد لها المبررات، والعياذ بالله. فأنا وغيري من الكتاب الليبراليين العلمانيين ندعو إلى نبذ الطائفية والعرقية والتصويت للقوائم العلمانية بغض النظر عن انتماءاتها العرقية والطائفية، ولكن الواقع شيء والتمني شيء آخر. وما دوري هنا إلا محاولة لتفسير تفشي الظاهرة الطائفية. فالأمور تسير ضد توجهاتنا ورغباتنا في هذه المرحلة. وهذا لا يعني أننا على خطأ والطائفيين والعنصريين على حق. بل أننا نعيش في مرحلة عصيبة لا بد لها أن تسود لفترة محددة إلى أن تستهلك وتحرق نفسها. إنها أشبه بالحريق الذي حصل قبل أيام في مستودع ضخم للوقود في مدينة همل هامستيد جنوب إنكلترا، فرأى خبراء الإطفاء عدم الجدوى من محاولة إطفائه فقرروا تركه إلى تحترق الوقود بالكامل، وهذا ما حصل، وهذا الذي سيحصل لهذا الحريق الطائفي المشئوم في العراق. لقد حذر العلامة الخالد علي الوردي في كتابه (مهزلة العقل البشري) أن الشيعة ونتيجة لتعرضهم إلى المظالم عبر قرون، عبارة عن بركان خامد تحت الرماد ينتظر الوقت المناسب لينفجر. وهاهو قد انفجر وليس بإمكان أحد من إخماده إلى أن ينتهي من تلقاء نفسه ويستهلك كل طاقته.
 
 إن تصاعد التيار الإسلامي والمد الطائفي في العراق ليس بالأمر الجديد. لقد عشنا بعد ثورة 14 تموز 1958 مرحلة المد اليساري، فكانت هتافات الجماهير تشق عنان السماء (حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي) وعم الهلع في كل مكان. واعتقد العالم أن العراق مقدم على حكم شيوعي لا محال. ومن ثم جاء لنا المد القومي العروبي الناصري في عهد الأخوين عارف، وبعده جاء المد القومي البعثي الذي قاد العراق والمنطقة إلى الدمار الشامل. والآن نعيش المد الإسلامي الطائفي، بشقيه السني والشيعي. وكما انتهت المدد والموجات السابقة كذلك ستنتهي هذه الموجة الإسلامية الطائفية ولن يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس. لذلك نعتقد أن هذا المد الإسلامي الطائفي لا يمكن تجنبه بمجرد توجيه الشتائم له ونقده والصراخ فيه بل سينتهي عندما يستنفد مقومات وجوده. فهو موجود لأسباب عاطفية غير عقلانية. وفي نهاية المطاف ستسود العقلانية لأنه لا يصح إلا الصحيح.
 ما العمل؟
 
 1- يجب على المسئولين السياسيين أن يدركوا أن الديمقراطية العراقية مازالت في مراحلها الأولية وأنها نبتة طرية قابلة للعطب ويجب عليهم ألا يقتلوها بدوافع المصالح الشخصية والفئوية كما فعلوا بعد ثورة 14 تموز 1958. عليهم أن يرتفعوا إلى مستوى المسئولية والحرص على مصلحة الشعب. فهذه فرصة ذهبية وربما سوف لن تأتي ثانية إذا خسروها، لإنقاذ الشعب من معاناته الطويلة، ويجب عليهم تجنب عرقلة المسيرة الديمقراطية. وهذا لا يعني أنه على المغبونين السكوت وعدم توجيه أي نقد للجهات التي تجاوزت على حقوق الآخرين ولكن في نفس الوقت نقول لهم يجب أن يدركوا ظروف المرحلة وعدم التمادي إلى حد إغراق السفينة العراقية. فإذا غرقت سيهلك الجميع وهذه فرصتهم لقيادة السفينة إلى بر الأمان. كما إن الانتخابات قد اعترف بصحتها مراقبون دوليون ولا يمكن إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.
 
 2- كما نقول للذين ينذرون بالحرب الأهلية، مهلاً مهلاً، يا سادة، فإن أعمتكم مصالحكم الذاتية ونرجسيتكم المنتفخة فكروا بمستقبل أبنائكم. يجب أن تعرفوا أن هذه الصراعات الطائفية هي أمور طارئة مؤقتة وسوف تزول قريباً وسيأتي الربيع العراقي بثماره لجميع أبنائه دون استثناء أحد. لا تكونوا أنانيين إلى هذا الحد، بل تعلموا من تجاربكم الدامية السابقة. لقد دمرتم العراق بدوافع الطائفية والقومية العروبية، فقمتم بانقلابكم الأسود يوم 8 شباط 1963، وأغرقتم البلاد في بحار من الدماء وكل ما حصل بعد ذلك اليوم المشؤوم هو نتيجة لذلك الانقلاب الدموي الأسود، وقد دفعتم ودفع الشعب العراقي معكم ثمناً باهظاً من الكوارث.
 
 3- كما على الفائزين في هذه الانتخابات أن يعلموا جيداً، وكما قال السيد رئيس الجمهورية جلال طالباني: (ان العراق "لا يمكن ان يُحكم من خلال أكثرية تتجاهل الأقلية.. بل نريد حكومة يتمثل فيها الجميع سنة وشيعة، عربا وكردا وتركمانا". يجب على العراقيين أن يتعلموا بأن يتعايشوا معاً بجميع مكوناتهم بسلام. إن زمن التمييز العنصري والطائفي والامتيازات لفئة على حساب الفئات الأخرى قد ولى وإلى الأبد.
 
 
 * - شبكة عين لمراقبة الإنتخابات تفضح الاساليب القديمة الجديدة
 شبكة عراقنا الإخبارية - أصدرت شبكة عين لمراقبة الإنتخابات تقاريرها الخاصة بسير العملية الإنتخابية و يذكر أن الشبكة قامت بنشر 14000 مراقب في مختلف أنحاء العراق لمراقبة سير العملية الإنتخابية. و قد سجلت الشبكة تجاوزات و خروقات فيما يلي بعض منها:
 1ـ تجميع طلبة المدارس بحجة اجتماع وهمي واخذهم في سيارات لمقر احد الأحزاب الأسلامية ( في الكوت ) ثم الطلب منهم الحلف بالقرآن الكريم على التصويت لقائمة محددة.
 2ـ جمع افراد الشرطة وتهديدهم بالطرد اذا لم يصوتوا لقائمة محددة ( ديالى )
 3ـ اجبار الناخبين على التصويت لقائمة محددة من خلال اجبارهم على الحلف بالقرآن الكريم الذي تم وضعه في ابواب المحطات الأنتخابية ( النجف ، كربلاء ، الديوانية )
 3ـ استخدام الوعيد وان من لا يصوت لهذه القائمة فسوف يكون مصيره جهنم ( الكوت )
 4ـ استخدام سيارات الشرطة الحكومية للدعاية الأنتخابية لقائمة محددة ( السماوة )
 5ـ دفع رشى للناخبين سواء كانت مبالغ مالية او عينية مثل البطانيات والمدافئ ، ألم يلعن الرسول الكريم " ص " في حديث صحيح الراشي والمرتشي ؟
 6ـ تهديد الناخبين بالقتل في حالة تصويتهم للقائمة العراقية الوطنية ( الشعلة ، الشعب ، حي أور ) ، وتخويف الناس وترويعهم ومضايقتهم من خلال تجميع حشود مؤيدة لقائمة معينة ( في جميع محافظات الفرات الأوسط والجنوب )
 7ـ قتل المرشحين والناشطين في الحملة الأنتخابية للقائمة المنافسة.
 8ـ جمع رؤساء العشائر واجبارهم على الحلف بالقرآن الكريم على اجبار ابناء عشائرهم التصويت لقائمة محددة.
 9ـ تحذير رئيس قائمة في خطاب جماهيري من انه سيقف بقوة ضد تزوير الأنتخابات ، وهو توجيه علني منه لأتباعه بالتزوير ، وهو ما حصل فعلا
 10 ـ تجميع الغوغاء وتحريضهم على الهجوم واحراق مقرات الأحزاب المنافسة
 اليست هذه الاساليب كانت من الاساليب القديمة ؟
 
 للاطلاع يرجى فتح هذا الموقع http://www.iraqiein.org/