| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk
www.kadhimmousawi.blogspot.com

 

 

 

                                                                             الثلاثاء 8/11/ 2011

 

لمن تكدس الأسلحة في المنطقة؟!

كاظم الموسوي

تشير تقارير دولية ومختصة بتجارة الأسلحة العالمية بان العالم العربي ومحيطه الجغرافي اخذ في الفترة الأخيرة بتكديس أسلحة متنوعة، والتخطيط للمتطورة منها، وراجت فيها صفقات الأسلحة من مختلف البلدان المصدرة والمصنعة لها، وأرقام البيع والسمسرة في هذه التجارة عشرات أو مئات المليارات، ومعروف ان المجمعات الصناعية والمالية الغربية تتحكم بنوع ومكان الأسلحة. ففي العالم العربي تشترط على مشتريها، سواء برغبتهم أو بإكراه الحليف القوي والحامي للعروش، طريقة الاستخدام واتجاهات التنفيذ للأسلحة بكل صنوفها، واغلبها أخرجت من منظومات دفاع البلدان المنتجة لها إلى مخازن إعادة التطوير فيها أو التصدير للعالم الثالث وبالشروط المطلوبة، وهي كلها تخدم المصالح الغربية أكثر من مصالح البلدان المشترية والدافعة للمليارات أثمانا لها.

لا تكتفي الدول المصنعة للأسلحة، وبأنواعها المختلفة، بالتجارة فيها وعقد الصفقات المربحة والسمسرة وتصنيع الخدمات المصاحبة لها من التدريب وشراء الذمم والتهديد بالانقلابات وبرمجة استخدامها وتوجيهها للأهداف المرسومة أو المخططة لها، بل تضيف لها عقد أحلاف عسكرية مسلحة أيضا، وفرض اتفاقيات ومعاهدات أمنية، لتوفير تسهيلات وتجهيز معدات وتحويل تلك البلدان إلى مخازن أسلحة لها ومناطق جاهزة ومعدة لخدمة مخططات أوسع واكبر من حجم ومصالح تلك البلدان، حتى ولو كانت دولا ذات وزن سياسي واستراتيجي في المنطقة. تشهد على ذلك الحروب التي حصلت في العالم العربي، وبينه وبين جواره الجغرافي، أو ما يخطط له ان يحصل أيضا. وحيث لا توجد معايير عالمية لمراقبة التجارة الدولية بالأسلحة التقليدية، مثلا لحماية حقوق الإنسان، كما دعت منظمة العفو الدولية في تقرير لها مؤخرا تحت عنوان: أوقفوا تجارة الأسلحة اللامسؤولة. بأنه لا تزال معظم الحكومات تسمح بالتجارة اللامسؤولة بالأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات العسكرية والشرطية. و"تظهر أبحاث المنظمة ان أغلبية انتهاكات حقوق الإنسان ترتكب باستخدام أسلحة صغيرة وخفيفة وغيرها من المعدات العسكرية. وللمساعدة على وقف عمليات نقل الأسلحة اللامسؤولة على الصعيد العالمي، انضمت منظمة العفو الدولية إلى مؤسسة أوكسفام الدولية وشبكة التحرك الدولي بخصوص الأسلحة الصغيرة "إيانسا" لإطلاق "حملة الحد من الأسلحة". وتدعو حملة الحد من الأسلحة إلى وضع معاهدة عالمية لتجارة الأسلحة، من شأنها تحديد قواعد صارمة للعمليات الدولية لنقل الأسلحة، وإخضاع موردي الأسلحة وتجارها الذين لا يتحلون بروح المسؤولية إلى المساءلة. إن ثمة حاجة ماسة إلى وجود "قاعدة ذهبية" في معاهدة تجارة الأسلحة، تشترط على الحكومات وقف أية عملية لنقل الأسلحة إذا انطوت على خطر حقيقي بأن تلك الأسلحة يمكن أن تستخدم لارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

رغم ذلك تزداد صفقات بيع الأسلحة والمتاجرة فيها في العالم العربي، إذ تزداد سنويا أنواعها وأعدادها وكلفها ويظل السؤال الدائم عن فوائدها واستخداماتها المعلنة منها على الأقل. بينما لا يعرف غير استخدامها في القمع الداخلي والحروب البينية، وانتهاك حدود البلدان السيادية واستقلالها الوطني دون ان تكون لها ما يقابلها في خدمة مصالح الشعوب والبلدان التي تتكدس فيها. ويزيدها صناعة أخطار وهمية بديلا عن الأخطار الحقيقية والقضايا المركزية في العالم العربي. وهي الذرائع الدائمة والمتطورة مع الأسلحة وكمياتها واستخداماتها والقواعد العسكرية وصفقاتها ونوعية الأسلحة المخزنة فيها أو المتوفرة للاستخدام.

لمن تكدس الأسلحة؟ .. المتابع لما يحصل وما هو موجود في العالم العربي ومحيطه الجغرافي يتوصل إلى ان الغرب عموما يحاصر هذا العالم بما يكدسه من أسلحة وتهديدات مباشرة لأمن واستقرار وسيادة الشعوب فيه، والابتعاد عن مصادر الخطر الفعلية المتمثلة في القاعدة الإستراتيجية المغتصبة للأرض العربية وللقواعد العسكرية الأخرى المنتشرة في كل العالم العربي، مشرقه ومغربه، والعمولات الكبيرة التي تدفع على حساب المصالح الوطنية والقومية والأمن والسلام والاستقرار.  

إضافة إلى تجارة الأسلحة والقواعد العسكرية الداخلية تنصب قواعد عسكرية خارجية محيطة بالعالم العربي، لتشكل فيها عناصر ضغط وتهديد وتسويق من طرف آخر لتجارة الأسلحة واتفاقيات الدفاع المشترك وإغراءات الصفقات والحماية والأخطار الوهمية. مثلما حصل مؤخرا في تركيا التي وافقت على نصب نظام رادار أميركي لرصد الصواريخ، المحدد الأهداف والبرامج، إضافة إلى القواعد العسكرية الأخرى المعلنة، في الوقت الذي رفضته دول اخرى. حيث تعلن تركيا فيه انحيازها إلى المخططات الغربية بالضد من إعلاناتها التي تقدمت بها إلى العالم العربي وجواره. وقد رأى خبير دولي وباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، الدكتور جون إيف كامو، (جريدة الخبر الجزائرية 26/9/2011) بأن ''السياسة الخارجية التركية كانت ولا تزال قريبة من المحور الأمريكي وداعمة لتوجه واشنطن، موازاة مع السياسات المعتمدة في إطار حلف شمالي الأطلسي (ناتو)، ولكن هذا لا يستبعد ترك تركيا لهامش حركة في سياساتها''. وأوضح أن ''التغيرات السياسية في العالم العربي وعدم الاستقرار الذي ينجر عنه سيدعم أكثـر موقع تركيا في المنطقة، والشرط الأساسي كان هو تشديد اللهجة وإظهار نوع من التجاذب مع إسرائيل، وهذا لا يعني إحداث قطيعة ما''. ويشير الخبير الدولي في نفس السياق ''تشديد اللهجة ضد إسرائيل يجعل تركيا طرفا فاعلا يسمع له ويؤخذ له حساب، خاصة في أوساط الرأي العام العربي. أما بالنسبة لعلاقات تركيا مع إيران فإنها دائما تتسم بالتعقيد، ولكن يجب التأكيد على أن تركيا لن تغضب الغرب للاصطفاف والتحيز لإيران في أي أزمة قادمة''.

هل صارت تجارة الأسلحة أسلوبا آخر إضافيا للهيمنة والسيطرة الدولية؟. لمن تكدس الأسلحة في المنطقة وما هي الأخطار الفعلية فيها والى أين تتجه هذه الأسلحة وأهداف منتجيها ومشتريها أو دافعي أثمانها؟. أسئلة كثيرة وأخرى تحتاج كلها إلى أجوبة واضحة من الشعوب وقواها الوطنية ووضع الأمور في نصابها الحقيقي وإنقاذ الشعوب من الكوارث المخططة لها.

 

 

free web counter