| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk
www.kadhimmousawi.blogspot.com

 

 

 

                                                                             الثلاثاء 6/12/ 2011

 

زيارة بايدن الأخيرة نهاية الشر أم بدايته؟!

كاظم الموسوي

في كل تسلل وزيارة لنائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن إلى العراق، معلنة أو سرية، مفاجئة أو مبرمجة، مخططات وخرائط طريق لاستمرار الاحتلال الأمريكي والمصالح الامريكية والغربية وإعادة إنتاج الاحتلال الاستعماري. منذ كان بايدن عضو كونغرس والى تعيينه نائب الرئيس والمكلف بالملف العراقي في البيت الأبيض، وفي كل زيارة له، ( ثمان زيارات لحد الان)، هناك ما يدعم مشروعه الذي نشره باسمه وزميله، التهديد بتقسيم العراق وترتيب أوضاعه بما يتناسب مع النفوذ الصهيو أمريكي، في العراق والمنطقة طبعا. والزيارة الأخيرة (أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011) لم تخرج عن سابقاتها. بل أنها استمرار لها بأشكال اخرى. وكل ما يدور فيها يفضح برامج الادارة الامريكية، ويكشف سعيها في استبدال اسم الاحتلال والاستمرار بأساليب متوافقة مع المصالح الامريكية التي خطط احتلال العراق على أساسها، أو تنتهي إلى الأهداف المخطط لها أمريكيا.

خلال السنوات العجاف من الاحتلال تعرت الذرائع والأسباب والأهداف، رغم جهود الادارة الامريكية وحلفائها في تبرير غزوها لتخليص العالم من أسلحة الدمار الشامل، وقاعدة إرهابية لها علاقة بأحداث سبتمبر/ أيلول 2001 الامريكية. ولم تستطع رغم كل ما تملكه الادارة الامريكية وحلفاؤها من إمكانات إعلامية وعلاقات عامة وقدرات ترهيب وترغيب ان تقنع بذلك. واليوم تستمر بالمنهج ذاته من الخداع والأكاذيب. فما حمله بايدن يواصل سيرته. لقد فرض على الادارة الامريكية اختيار الانسحاب العسكري من العراق في التاريخ الذي اقر في معاهدة صوفا العسكرية، نهاية هذا العام 2011. ولكن الادارة الامريكية تناور دائما وتبرمج مخططاتها حسب ظروفها وما تعيشه داخليا وخارجيا من تحولات متنوعة. وتسعى إلى الالتفاف على المعلن من خطط واتفاقيات للانسحاب والهزيمة لكسب ما يعوض ويخدم مآربها.

حسب الأخبار المسربة عن زيارته الأخيرة قدم بايدن جدول أعمال، شاملا البحث في تطبيق بنود المعاهدة التي وقعت عام 2008، سواء في قسمها العسكري أو في المجالات السياسية والدبلوماسية والتعليم والتبادل الثقافي والتقنية وغيرها من المجالات الأخرى. ومن البديهي يشغل التعاون العسكري والأمني مع العراق خلال مرحلة ما بعد الانسحاب الأساس، طبيعته وأشكاله وأساليب تنفيذه وما يحفظ للإدارة الامريكية المهزومة من العراق خطوط الاستمرار رسميا وممارساتها المعروفة. لاسيما في رفع عدد المدربين الأميركيين إلى 1800 مع إعطائهم الحصانة، يضاف إليهم ثلاثة آلاف جندي لحماية المدربين والبعثات الدبلوماسية، ولكن من دون حصانة. وكذلك إبقاء 17 ألف موظف مدني في العراق للخدمة في السفارة، وفتح 16 قنصلية جديدة في باقي المحافظات العراقية بعد وجود قنصليتين في أربيل والبصرة. والأكثر خطورة في الجدول هو خطة تسليم الحكومة العراقية الأجواء العراقية إلى الولايات المتحدة بذريعة حمايتها، في ظل غياب سلاح جو عراقي قادر على أداء هذه المهمة. والنظر في المهمات والاتفاقيات المبرمة، والتي من ضمنها الاحتفال بيوم الوفاء رمزيا للتعبير عن جلاء آخر عسكري مقاتل ساهم في احتلال العراق والجرائم التي اقترفت في زمنه.

تأتي هذه الطلبات الامريكية في ظروف عراقية وعربية وإسلامية ساخنة على مختلف الصعد.  وتحمل في طياتها التهديد في كل منها، حتى الاعتيادية منها في أشكال التعاون الثقافي أو الدبلوماسي. وفي أقوال زائر بغداد أو محاوريه محاولات مواربة لخطط ومساع تبيّت ضمنا استمرار النفوذ الأمريكي وتهديدات مخططاته العدوانية ومشاريع هيمنته العالمية. ورغم أنها محصورة شكلا في المعاهدة بين بغداد وواشنطن إلا ان كل زيارة لبايدن فيها ما يشمل المنطقة كلها. وطبيعة الوفد المرافق له تكشف صورا عن تلك المخططات العدوانية. وهنا ما يؤكد ان زيارات بايدن أو أية وفود أمريكية تحمل مخاطر فعلية على امن وسلم واستقرار المنطقة.

تصريحات بايدن في بغداد وتأكيداته على ان "قواتنا تغادر العراق ونحن نطلق مسارا جديدا معا ومحطة جديدة في هذه العلاقة، علاقة بين دولتين تتمتعان بالسيادة" تكشف نوايا واشنطن ومشاريعها بين بلدين "مستقلين"!.. وخلال افتتاح اجتماع لجنة التنسيق الأميركية العراقية العليا، والصور التلفزيونية التي بثت عن قيادة الاجتماع، أضاف أن "هذه الشراكة تشمل علاقة أمنية قوية تستند إلى ما تقررونه أنتم والى مقاربتكم لشكل هذه العلاقة". وتابع "سنواصل المحادثات مع حكومتنا حول أسس ترتيباتنا الأمنية، بما فيها التدريب والاستخبارات ومكافحة الإرهاب"!. وأشار إلى ان باراك اوباما ونوري المالكي "متفقان على ان سحب قواتنا لا يصب في مصلحة العراق فقط، بل أيضا في مصلحة الولايات المتحدة"، مضيفا انه "خلال شهر ستكون قواتنا قد انسحبت من العراق لكن شراكتنا الإستراتيجية ستتواصل". وفي ختام اجتماع اللجنة، قال بايدن إن العلاقة "الجديدة" بين الولايات المتحدة والعراق "ستكون أيضا في صالح المنطقة والعالم". ورأى ان "حجم مهمتنا المدنية في العراق" التي تشمل اكبر سفارة في العالم "يتناغم مع المتطلبات... والوعود التي تحدثنا عنها"، مشيراً إلى انه "سيتواجد لنا أيضا هنا خبراء في المجالات التي ناقشناها كلها". هذه الأقوال ملغومة أو ما تحويه بين سطورها، تشهد عليها تسمية الادارة الامريكية الاحتفال الذي أقيم في بغداد بـ"التذكير بتضحيات الجنود الأميركيين والعراقيين وانجازاتهم"، مستنكرين التسمية العراقية له، والتغطية على عمليات النهب والاستغلال لثروات العراق.

بينما غادر جو بايدن إلى الشمال، وإلى قواعد له في تركيا مودعا انسحاب القوات العسكرية الامريكية إلى ما وراء جنوب العراق، إلى قواعد لها في دول الخليج، حيث زارها رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، أطلقت تصريحات من كليهما، كل من مكانه، تزيد في صب الزيت على النيران الملتهبة في المنطقة، ومنها العراق طبعا. ولهذا أطلقت زيارة الشر، على الزيارة والتصريحات، في الشعارات واللافتات التي رفعتها تظاهرات عراقية، وأبرزها من التيار الصدري في مدن عدة، فهل زيارة بايدن الأخيرة نهاية للشر أم بدايته؟!.

 

 

 

free web counter