|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 19/6/ 2012                                 د. كاظم الموسوي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حروب اوباما

كاظم الموسوي

صوّر الرئيس الامريكي باراك اوباما نفسه رائدا لشعارات التغيير التي رفعها في حملة الانتخابات الرئاسية الاولى وفاز بها في الدخول الى البيت الابيض، كأول رئيس ملون من الحزب الديمقراطي، ويكررها الان في حملته الرئاسية هذا العام. لكنه وكأي رئيس امريكي او منفذ سياسة امريكية يواصل النهج ذاته دون ادراك للمخاطر التي يحذر غيره منها وينسى نفسه وممارساته من اثارها. وفي أغلب محاولاته ينتقد سياسات سلفه جورج بوش الثاني والحروب التي شنها وأدت الى افلاس الخزينة الامريكية ونشوب الازمة الاقتصادية العالمية ومتناسيا ما قام به  واستكمل ما خططت له ادارة بوش الثاني. مؤكدا على استمرار منهج الادارات الامريكية بخططها ومشاريعها العدوانية. ومع ذلك يتجرأ هو ويعلن ان من يريد اعادة فترة بوش عليه انتخاب المرشح الجمهوري المنافس له في هذه الفترة الانتخابية وهو لم يتوقف سرا وعلنا من استمراره في خطط سلفه واعتباره في كثير من القضايا خير خلف لأسوأ سلف. سياسيا نجح اوباما في تمرير صورته تلك إلا ان الوقائع لا تقول بذلك تماما. وان الصورة الحقيقية له ولسابقه هي في استمرار منهج الادارات الامريكية في الهيمنة والحروب العدوانية، والشهادات على ذلك كثيرة او لا تحصى.

في منطقتنا العربية والإسلامية تتجسد سياسات اوباما العدوانية، معبرة عن امبريالية امريكية جديدة تتنافس مع غيرها في الهيمنة على المنطقة والسيطرة على ثرواتها والتحكم في حاضرها ومستقبلها، وواقع الحال يعبر عن نفسه. وتركز السياسات الاستراتيجية للإدارة الامريكية في منطقتنا على اولياتها في حماية القواعد العسكرية الاستراتيجية لها في البلدان التابعة او المحتلة، وعلى رأسها الكيان الاسرائيلي. ومن ثم تنظيم قواعدها الاخرى فيما يخدم تلك السياسات ويوفر لها كل التسهيلات والشروط التي تسير آلتها العسكرية والإعلامية وغيرها فيها.

مقابل ذلك تشن الادارة الامريكية حروبا مستمرة بلا هوادة لفرض تلك السياسات الاستراتيجية، ولعل وسائل الاعلام الامريكية غير مقصرة في كشف حلقات منها. مثلا اصدار كتاب باسم حروب اوباما، وتأكيد مسؤولين كبار في ادارته عن تلك الحروب ودور اوباما في اقرارها وإصدار الاوامر فيها. خصوصا الحرب الالكترونية، ولاسيما ضد ايران ومشروعها النووي السلمي الذي تقر به القوانين الدولية ومنظمة الطاقة الذرية الدولية التي تهيمن عليها اوساط امريكية ايضا. وكشف في الكتاب وغيره ان بوش كان قد باشر خطط الحرب الالكترونية وأطلق عليها تسمية "الالعاب الاولمبية" وواصل اوباما ذلك المشروع وتطوراته. وقد كشفت وسائل الاعلام التنافس بين الادارة الامريكية وقاعدتها العسكرية في شن تلك الحرب الالكترونية والوسائل الاخرى التي تمارسها ضد العلماء والمشاريع العلمية الايرانية وغيرها.

ونشرت وسائل الاعلام الامريكية اخبارا وتفاصيل عن تلك السياسات الاستراتيجية التي تشن حروبا عدوانية على منطقتنا خصوصا، وقد اوردت "اقرار حكومة الولايات المتحدة بتطويرها اسلحة الكترونية، ولكنها لم تعترف قط باستخدامها. وكانت قد وردت انباء عن هجمات في وقت من الاوقات على اجهزة كومبيوتر شخصية يستخدمها اعضاء "القاعدة"، وعن هجمات يجري التفكير فيها على اجهزة الكومبيوتر التي تتحكم في انظمة الدفاع الجوي، بما فيها هجمات خلال الحرب الجوية بقيادة الناتو على ليبيا السنة الماضية. ولكن "الالعاب الاولمبية" كانت من نوع وتعقيد مختلفين تماماً. وتجرى الآن عملية مماثلة لمعرفة جذور سلاح الكتروني آخر يدعى "فليم" (اللهب) اكتشف اخيرا انه هاجم اجهزة كومبيوتر لمسؤولين ايرانيين ناسخا معلومات من تلك الاجهزة. ولكن يبدو ان شفرة الكومبيوتر عمرها خمس سنوات على الاقل، ويقول مسؤولون اميركيون انها لم تكن جزءاً من "الالعاب الاولمبية".

كان الرئيس اوباما، وفقا لمشاركين في الاجتماعات الكثيرة في قاعة الازمات بشأن "الالعاب الاولمبية"، مدركاً تماماً انه بكل هجوم يدفع الولايات المتحدة الى مجال جديد، بما يشبه الى حد كبير ما فعله اسلافه باول استخدام للأسلحة النووية في اربعينات القرن العشرين، والصواريخ العابرة للقارات في خمسينات القرن العشرين والطائرات من دون طيار في العقد الماضي. وقد حذر مرات متكررة من اي اقرار من اميركا بأنها تستخدم اسلحة اليكترونية – حتى في اشد الظروف حرصاً ومحدودية – يمكن ان يمكن بلداناً اخرى، وإرهابيين او قراصنة كومبيوتر ان يبرروا هجمات من جانبهم".

لا تختلف الحروب التي تستخدمها الولايات الأمريكية ضد الشعوب والبلدان تاريخيا، فهي تواصل الاستفادة من التطورات التقنية وتضعها في صلب خططها العدوانية. حيث بعد مضي أكثر من عشر سنوات على إطلاق "الحرب على الإرهاب" التي اعلنها بوش الابن، تستمر تلك الحروب بأدوات اخرى. ومنها "حرب الطائرات من غير طيار التي قتلت الآلاف من باكستان إلى الصومال، مرورا باليمن، وتشرف عليها وكالة المخابرات الأمريكية مباشرة. و"يعتبر قرار الولايات المتحدة بتصعيد غارات الطائرات من دون طيار في باكستان مجددا انعكاس لغضبها من الحكم بالسجن على العميل التابع للمخابرات الأمريكية الذي كان مشاركا في عملية اغتيال بن لادن".

تعكس عمليات حلف الناتو العسكرية وتهديداته للمنطقة سبيلا اخر لحروب اوباما، من خلال توسيع إطار نشاطه ضد ما يسميه بالتهديدات الجديدة!، التي تستخدم الآن كذريعة لتوسيع عدوانه، كالهجمات الالكترونية والقرصنة، و"الإرهاب" وانتشار الأسلحة البالستية والنووية، و"أمن الطاقة"، وتغير المناخ، والهجرة، ونقص المياه، وغيرها. وكما بات معروفا ان حلف الناتو يمارس فعليا السياسات الامريكية العدوانية، عبر ما يقوم به حاليا في منطقتنا خصوصا. حيث يعمل الحلف وبإشراف اجهزة الادارة الامريكية والرئيس اوباما نفسه على تشكيل آليات دول قمعية وعسكرتارية مزودة بكل وسائل الارهاب والتنكيل وارتكاب جرائم ضد الانسانية والابادة. يضاف لها مشروع الدرع الصاروخي كواحد من تلك الوسائل التي تستخدمها الادارة الامريكية، ووسائل الاعلام، مع انتشار للقواعد العسكرية في اركان المعمورة وخطط الانقلابات و"الثورة المضادة" في اكثر من بلد.

 

 

                                              

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter