| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk
www.kadhimmousawi.blogspot.com

 

 

 

                                                                             السبت 10/12/ 2011

 

يتكلمون بغير ألسنتهم..!

كاظم الموسوي

لا دهشة في قراءة المشهد السياسي العربي وجواره اليوم. لاسيما بعد محاصرة بلد عربي من طرف ما يسمى "جامعة" و "عربية". الأمور كلها باتت معروفة والمخفي فيها ليس الأعظم في كل الأحوال، رغم مخاطره وخطورته وتداعياته. في المشهد العام صور متعددة أيضا. الادارة الامريكية تلملم فلولها العسكرية منسحبة من العراق وتهرّب رؤساء مخابراتها من بيروت. فضحت وأركعت بالقوة وباللين. الخسائر المادية والبشرية لا تطاق مع ما تعانيه من أزمات حادة ومستفحلة في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والأخلاقية والأمنية. ومعلوم انها تستند إلى قواعد عسكرية إستراتيجية منتشرة في المنطقة والى حلفاء معتمدين لها ويمكنها استثمارهم بالإشارة وتوكيلهم بالمهمات المطلوبة. وهنا تتداخل الصورة مع العوامل الأخرى في المنطقة كلها.

مع ذلك الصور تحتاج إلى تركيز وتحليل. آلة الإعلام الحربي غير كافية للتضليل والتمويه. كشفت عورات كثيرة فيها. وأية صورة منها تكشف المستور والمخفي والمسكوت عنه، بل وتعري أزلامه بكل وضوح. صحيح لا خجل عندهم بعد دورهم ذاك ولكن لابد من إعادة القول فيهم. ظلت تلك الوسائل تنفث طيلة اشهر عن الانتفاضة الشعبية الوطنية في البحرين، مثلا، بأنها تحركات طائفية مدعومة من إيران. بذلت أموال ونافقت وجوه وتسابقت قنوات وفضائيات لتظهير الصورة. حتى أحزاب بعيدة عن البحرين وسياسات لا تتعلق بالحراك الشعبي والحركة الوطنية في البحرين وغيرها من البلدان، تداخلت وشنت هجومها مرسلة رسائلها إلى الادارة الامريكية مستعدة لها بتقديم ما ترغب به وتريده في المنطقة وعنوانها تسهيل الهجوم المؤجل على إيران. الأكاذيب لم تعد وحدها قادرة على التصديق بها واعتمادها وحدها في سياسات الهجوم. ولا تنطلي فبركات التزييف وقصص القرارات المعروفة المصدر والمنشأ. كلها تصب في الخندق نفسه. العداء للشعوب وتحركاتها المطلبية وازدواجية المعايير والمصالح والضمائر. ورغم كل الملاحظات على تقرير لجنة التقصي عن الحقائق (المدفوعة الأجر مسبقا!) ومسؤولها فانه قال ما لم يرغب به، لا من دفع له التكاليف ولا من أراد الاستماع إلى توصياته. ولكنه قال بوضوح ألا دخل لإيران في انتفاضة الشعب في البحرين. وان القمع الذي مورس كان حكوميا ورسميا وان تدخل ما يسمونه خداعا بدرع الجزيرة أضاف إلى العنف الرسمي شكلا خليجيا موسعا، وراؤه ما وراؤه، والمخطط فيه أعلن قبلا. الإضافات الرسمية لتوضيح ما ترغب الحكومة ان تخفيه في الإعلان. وزير خارجية البحرين أكد ان إيران تشن حربا على بلاده. وجاءه من يؤكد قوله، وزير خارجية المملكة الأكبر التي تقود سياسته. (الدولة الوحيدة في العالم التي تسمى باسم العائلة الحاكمة والتي يعرف تاريخها ومن نصبها وكيف وصلت إلى الحكم!) وزاد الأخير ان إيران ليست متدخلة في شؤون دول الخليج وحسب، بل اتهمها بالسعي لامتلاك سلاح نووي ما يشكل "تهديداً صريحاً لأمن واستقرار" المنطقة . وهنا بيت القصيد، المطلوب من كل وزراء خارجية دول الخليج التركيز عليه. مساندته بالقول والاشارة والتصويت في المنظمات الدولية التابعة للإدارة الامريكية أو للسفراء الأمريكيين.

من صور المشهد البارزة تحولات الحكومة التركية وتناقضاتها السياسية وتدخلاتها المكشوفة في الشأن العربي بكل صفاقة وإعلان صريح بتلقي الأوامر من الادارة الامريكية للقيام بهذه المهمة. كل تصريح رسمي تركي يتم بعد لقاء علني أو سري بأحد أركان الادارة الامريكية أو موظف في السفارة الامريكية في تركيا. ومن المؤسف إذا كان لابد من الأسف هنا تطابق كلمات في تصريحات مسؤولين أتراك ومسؤولين أمريكان أو صهاينة. وليس آخرها التطابق في التصريحات حول سوريا بين وزير الحرب الصهيوني باراك والرئيس التركي غول. كلاهما أكدا ان سوريا بلغت " نقطة اللا عودة". والتحذير أو التهديد بالحرب الأهلية فيها. وطبعا المناطحة في الخشية من الحرب وما تلحقه من مخاطر اخرى ليس في سوريا وحدها وإنما في المنطقة. هنا يكمن مثل هذا التطابق وربما التنسيق بين طرفين يشكلان خطرا فعليا على مستقبل المنطقة العربية. التصريحات التي تنشر عن أي مسؤول منهما خصوصا تشير إلى أبعاد كثيرة في المخططات والنوايا التي ترسم للمنطقة ومستقبلها. مخططات لا يمكن ان تكون بصالح شعوب المنطقة العربية. العلاقات بين الطرفين ابعد من تبادل أو تنسيق في التصريحات وتشابه في الكلمات. هنا يمكن القول ان المنطقة تعيش الان أكثر من محاولة للتفجر. هذه التصريحات ليست للهواء فقط. إنها تعني ما تعنيه. حيث ان اغلب المتكلمين فيها يتكلمون ليس بألسنتهم.

العقوبات والتحذيرات أول القطر من تلك المخططات العدوانية لإعادة إنتاج الاستعمار الجديد للمنطقة. هذه المرة بتقبل من اغلب حكام بلدان المنطقة واختياراتهم التي يعبرون عنها صراحة تحت مسميات متعددة للتغطية وحسب. من بينها التدخل العسكري أو الحماية أو الحظر الجوي وغيرها. حيث تصب كل هذه العناوين في تهيئة المنطقة للمشاريع الاستعمارية. يأتي البكاء فيها على أوضاع بلد معين إشارة إلى التواطؤ بكل معانيه. ولكل ذلك أكثر من سبب وسياسة. تاريخ الاستعمار حمل هذه الأسماء مستندا الى القاعدة الرئيسية فيها، التي ما زالت هي القاعدة المتجددة في التفرقة والسيادة والتفتيت والتقسيم.

من الان وحتى استكمال الانسحاب العسكري الأمريكي، الحربي، من العراق، نهاية هذا العام تتسابق جهود وضغوط للملمة الانكسار الأمريكي وتعويضه بالمال والنفط  العربي والمشاركة التركية في تاطير المنطقة وتامين القواعد العسكرية الإستراتيجية والمتنقلة في أرجاء المنطقة والعالم. وبالتأكيد سيذهب دم عربي غير قليل في أكثر من مكان. الأمر الذي يتطلب العمل من أجل درئه والتوقف عنده أساسا، قبل فوات الأوان...

 

 

free web counter