| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل زومايا

kamelzozo@hotmail.de

 

 

 

الأثنين 7/1/ 2008

 

برخو مركايا ايضا مسيحي وعراقي
ضحية الزمن الغابر

كامل زومايا

اثنان لاتقع عليهم مسؤولية اعمالهم في حياتنا الفانية .. الطفل والمجنون . فالطفل قليل وعديم التجربة والفهم والوعي كما المجنون لا يعلم بشيء ما تجني تصرفاته عليه وعلى الاخرين ،وهناك نوعين من المجرمين مجرمون بحق الآخر بطلقة بجبين المختلف عنه أو بربطة عنق من حبل الأمن العامة أو الاستخبارات العسكرية حبل على اعواد المشانق التي كانت منتشرة في عموم العراق ابان الحكم الدكتاتوري ، او من يصنعون بكلامهم واقلامهم التي تكتب وتتحدث بين حضرة الدكتاتور وتكون كلماتهم هي الاكثر سوءا وشرا ليتكئ عليها المجرم ويشرعنها في التمادي بالقتل وعمل الفواحش، والجرم الغير المباشر هو الاسوء عندما يكون في فلك صاحب القرار حيث تترجم كل الجرائم بالدفاع عن الحزب والثورة بل يتم المزايدة بدماء الابرياء وبأسم الشعب والضحية هو ابن الشعب دائما ،فما تمادى قاتل او ديكتاتور في العالم الا وكانت زمر الطبالين ورافعين الشعارات والهتافات بالروح بالدم والقبل على الصدور ورفع صورهم في كل مكان بمناسبة وبدون مناسبة هم الذين يصنعون الدكتاتور فلعنة الله والشعب على جميع الانتهازيين في كل وقت ان كان في الماضي او في الحاضر والمستقبل (عبودية الفرد واللبيب من الاشارة يفهم) فبئس لتلك الصور التي ترفع على قامات شلة من الانتهازيين وبئس لأصحاب الصور الذين تنفتح اسرتهم لصورهم الكاريكاتورية التي تتراقص كدمى بين ايدي الراقصين والطبالين في مناسبة او بدون مناسبة ... نعم انها صناعة الدكتاتورية وصناعة الموت لذلك الجلاد الذي يغتال بأحلامه الدنيئة ضحيته وما برخو مركايا الا احد الشخوص لتلك الحقبة من تاريخنا فمن هو يا ترى برخو مركايا ؟

برخو مركايا
هو من تولد منتصف الخمسينات ومن سكنة محلة السنك في بغداد تعرض الدار الذي يسكنه والواقع خلف اسواق حسو اخوان (جمعية خيرالله الطلفاح سابقا) الى صاروخ ايراني أودى بحياة افراد عائلته ايام حرب ما يسمى بحرب المدن بين نظام الملالي ونظام الدكتاتور في الحرب العراقية ـ الايرانية ،وجراء هذه الصدمة هرب برخو من بغداد متوجها الى كوردستان العراق لكي لا يكون حطبا لحرب مشتعلة ليستكين بعدها في احدى المخيمات للاجئين العراقيين في ايران ....
برخو متحدث بارع ومتكلم يتقن اللغة الانكليزية والكوردية بطلاقة وايضا متحدث شجاع لايخاف في الحق من لومة لائم حتى وهو في ذلك المخيم الايراني كانت متمردا على الاوضاع المزرية التي يعيشها اللاجئين ، مما اثار حفيضة المخابرات الايرانية فتم اعتقاله بتهمة عميل وجاسوس لصالح النظام العراقي البائد ،لذا اودع برخو في سجن ايفين (زندان) وقد حكم عليه بالسجن المؤبد بعد تعرضه الى ابشع صنوف التعذيب ،بكل ما اوتي لهم من قوة مطبقين كلام الله في آدمية برخو (انما المؤمنيين اخوة رحما في ما بينهم واشداء على عدو الله ومن غير عدو الله على الارض سوى برخو مركايا) الذي لا يزن في احسن احواله عن 50 كغم وطوله الذي لايتجاوز 150ـ 160 سنتمتر.
بقى طول فترة الحرب العراقية الايرانية في سجنه قابع في زنزاته بتعذيب يومي مما افقده عقله واحدى فقرات عموده الفقري ، مما تسبب بعدم السيطره على افعاله فهو في احيانا كثيرة لايحتاج الى المرافق لقضاء حاجته (يعملها تحته كما الطفل في سنينه الاولى) وقد هجر الاستحمام منذ زمن بعيد لانه من ترف حياة الدنيا ، وكان في حديثه المبعثر لايجّمع كما يقولون جملة مفيدة بالرغم انه كان يتحدث عن اصول الماركسية وعلومها والفلسفة اللاهوتية واسرار الكنيسة السبعة وعن بيعة الغدير وفرحة الزهرة كل هذه المواضيع في آن واحد، بل يزيد عن ذلك انه يعيد كل حديثه باللغة الانكليزية ومن ثم العربية والكوردية حسب الاجواء لختمها في مسك الختام بالشتم على صدام واعوانه .. ايضا كانت له بحوث في تربية الطفل وهو في السجن الذي لم يرى طفلا في حياته ولكن في كل الاحوال هذا هو برخو مركايا ضحية التعذيب الاسلامي في ايران متناسين قول الله في كتابه الكريم (القرآن الكريم) في سورة التين والزيتون (... انى خلقنا الانسان بأحسن تقويم ....) نعم برخو "الذي خلقه الله على صورته فكان حسن " عُذب وتم تشويهه بأحسن واحدث اجهزة التعذيب الايرانية .

عودة برخو الى العراق
بعد وقف الحرب العراقية ـ الايرانية عاد من ضمن العائدين الى وطنه العراق مع مجموعه من العائدين جماعة (103) الذين ذكرتهم في مقالة سابقة بعد العفو الصادر من "مجلس قيادة الثورة".
"مجلس قيادةالثورة" باعضائه يصدرون حكما جائرا كالعادة على المجموعة كلها بمن فيهم فاقد العقل والرشد برخو مركايا بالسجن المؤبد الذي رفض الحرب ومأساتها وكانت عائلته من ضحايا تلك الحرب المجنونة ...
برخو مركايا عاش سجنه لاعنا الدنيا والاخرة فأين يذهب ... هرب الى ايران فاذا هو في سجن ايفين بطهران الاسلامية .. عاد الى بغداد بعد قرار العفو يجد نفسه في قسم الاحكام الخاصة في سجن ابو غريب ....
كان يلعن سجانيه امام الملأ متحديا سوط المجرمين
بعد اطلاق سراحه في نهاية 1991 جال وصال في شوارع بغداد بملابسه الرثة والأسمال البالية ...
في يوم من الايام كان يبيع ملابسه الرثة (اللنكة) في سوق الدورة اقتربت منه احدى النساء اللواتي اكل الدهر منها ليقع حظها وتريد ان تشتري حاجتها من برخو لتسأله :
ـ بكم سعر البنطلون الي بين يديك ...أجابها :
ـ ب1500 دينار وكان المبلغ كبير لذلك البنطلون التعبان
حاولت وجاهدت المرأة الطيبة ان تفهمه بأن البنطلون الجديد قد يساوي هذا السعر ..... اجابها برخو بعالي صوته في ذلك السوق الصيفي  :
.... افرضي مثلا باجر حصل انقلاب على صدام حسين فبكم سوف تشترين البنطلون بعد الانقلاب ؟؟؟
هربت المرأة ومن كان في السوق عند سماعهم لكلام برخو خوفا من رجال الامن وعيونهم ...
برخو مركايا احد ضحايا النظام السابق وازلامه .. الذي لم يسلم حتى برخو المسكين فاقد الرشدية من جبروتهم وجرائمهم  .
برخو لن ننساك ابدا انت والاخرين ضحايا الدكتاتورية فلم تكن صلة قربى بيننا الا صلة الآدمية التي تجمعنا صورة الله على الارض  .
اين انت الان يا برخو ؟؟ ستظل في ذاكرتنا انت والاحبة الاخرين  .

همسة للاحبة...
بالرغم من كل المعاناة والاذى وخراب الوطن لمدة خمسة وثلاثين عاما لأعتى دكتاتورية شهدها العراق... اقول لست ابدا مع حكم الاعدام لأي انسان كائنا من يكون حتى لصدام حسين واعوانه المجرمين ولكن...
نعم والف نعم وسأدافع عن حقه من اجل المحاكمة العادلة التي لم تتوفر لنا في زمن طارق عزيز واعوانه ومحكمتهم الصورية لنا  .
نعم مع العقاب لمن أجرم بالفعل والمتهم برئ حتى تثبت ادانته  .
نعم لعراق يحترم حقوق الانسان وكرامته وصورته كبشر وهذا لايغير من اصل الموضوع بأن ينال المجرمين جزاءهم والا ما معنى احترام حقوق الانسان وكيف تصان كرامته اذا لايصونها قانون .

 

Counters