كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

الأثنين 20/10/ 2008

امي شاهدة على جرائم الموصل " لا بعد اليوم مسيحي" كامل زومايا اليوم صباحا الاثنين 20/تشرين الاول /2008 عادت امي الى ارض الوطن بعد فراق اكثر من عشر سنوات من الغربة لتلامس ترابه الغالي ولتعانق ابنتها الوحيدة واختها الوحيدة من عائلتها الكبيرة. *** صلوات أمي امي كانت وما تزال محطات تاريخ ... تاريخ منكسر ومهزوم ومشوه ..تاريخا عادلا ودودا محبا رحيما لأعدائه ،منتصرا على رفاقه !! امي نخلة عراقية امي ذكريات القرن الماضي ... أمي.... ناقوس كنيسة تصلي مع جمع المؤمنين ... "أبانا الذي في السموات ، ليتقدس اسمك ،كما في السماء، كذلك على الأرض ، اعطنا خبزنا كفافنا اليوم ،اعطنا الأمان في أرض السلام ،واجعل سيوفهم سنابل البيادر ،كما اجعلنا دارا ودوارا لعراقنا العزيز، ايها السميع العزيز " *** أمي وجريمة الموصل النكراء أمي دون أمهات العالم لا تعرف ان تقص علينا قصص الف ليلة وليلة ولا عن تلك السعلوة والطنطل .. ولكن للامانة كانت وما زالت تجيد سرد حكايات رجال العراق طيبي الذكر "توما توماس" و"هرمز جكو" وكبرياء الشهيد "كوريال" احد أبناء قريتها من تللسقف و"شهداء تلكيف" من منتصف القرن الماضي ...، لتشد من سواعدنا ونحن صغار تارة وتارة اخرى لتبكي وتبكينا ،لننام مع احلامها امام مدفأة علاء الدين في ليالي البرد القارص عسى أن يأتي الذي طال انتظاره امي كانت تقص علينا جريمة الاوباش الجدد بأسمالهم يوم غدر الغادرين على اهالي الموصل في ذلك الربيع من عمر أمي وعراق الربيعين عام 1959 أمي كانت هناك عندما لوث المجرمون ابواب حارات الموصل بشعاراتهم القديمة الجديدة ... "لا بعد اليوم مسيحي" "لا بعد اليوم شيوعي" "جاي حليب (.....) بالصليب" شلت يداكم يا نكرة في زمن الكوليرا يوم يلعنكم الله والشعب ..في يوم ولادتكم .. ويوم غزوتكم...... ويوم تلبس نينوى ثوب عرسها الجديد رغما عن أنفكم هذه كانت شعاراتهم فما اشبه اليوم بالبارحة ... ********** هواية أمي امي وعذرا لكل امهات العالم ... امي كأمراة عراقية لم تميل او تمايلت للرياح الصفراء رغم المحن ،وكانت صلابتها اكثر من مئة رجل بعد غياب رفيق دربها ابو يوسف ( زومايا طوانه) حافظة اسراره بحب الانسان لاخيه الانسان بغض النظر عن العرق والدين "ها انا القيامة والحق الحق اقول لكم ....ان من آمن بي فسيحيا" أمي ليست كباقي امهات العالم لها هواية غريبة ،هوايتها التعرف على مواقع الدوائر الامنية ومعتقلاته في زمن المر .. أمي بصراحة أكثر ،هاوية من النوع الجيد لقراءة تاريخ العراق عبر ابواب سجونه واحدا واحدا بالرغم من عدم معرفتها بالقراءة والكتابة ... منقبة وباحثة في دهاليز عراق الحضارات عن مصير زوجها تارة وتارة اخرى عن ابنائها .... أمي ..أمي .... حال العراق أمي ولدت ووهبت الحياة لتعطي وتعطي....ولتحصد ... لوعة وتشرد ونزيف لاينقطع من دماء الابرياء أمي...أمي حال العراق أمي اليوم عادت أمي الى أرض الوطن محملة بكومة امراض ضغط الدم عمليات قلب المفتوح اشكالات في النظر ..الخ ********* موعد السفر يوم الذي حدد السفر لها الى الوطن ما عادت أمي قلقلة كما كانت حسب ما تدّعي هي طبعا، بأن صحتها اصبحت جيدة، وبأمكانها السفر عابرة القارات ،بالرغم من توصية الطبيب بمنعها من السفر .... همست بأذن رفيقتها خالة حنه (ام نوئيل) بأنها بصحة جيدة وانها لأول مرة تنام نوما عميقا هذه الايام !!!!! ... وكيف لا يا ست الحبايب فأنت على موعد مع الاهل وعراقنا العزيز . *** احرس أمي يا عراق الاعراق ،كم انت ظالم ومظلوم باهلك واحبائك يا عراق انت داءنا ودواءنا بقدر ما نبتعد عنك نلتصق بك اكثر ايها الوطن لي امنية ان تحرس امي .. اعرف انها امنية كبيرة *** أمي التي كانت تخبئ بين ثناياها جراحات ولفافات الوطن .. و منشورات تحلم باليوم القادم يا ترى هل سيتذكر ابناء العراق الجدد بما حمل شعرك الابيض من اسرار في ليله البارد الحزين...... احاول ان لا اشك بذلك ابدا