| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل زومايا

kamelzozo@hotmail.de

 

 

 

الأثنين 11/1/ 2010


 

 من ضحايا احداث الموصل آذار 1959

كامل زومايا

قرأت نداء الاستاذ الدكتور جميل سيار من اجل توثيق احداث الموصل بعد نصف قرن وقرأت ايضا ما سطره الاستاذ حامد الحمداني من ذكريات وتحليله النقدي بكل شفافية وحيادية كبيرة ، ولأنصاف الحقيقة والضحايا معا، أتقدم بكتابة هذه الاسطر شهادة لما عاشته أمي في تلك الايام الصعبة في حياة شعبنا العراقي في مدينة الموصل .

تتحدث امي تريزة موشي من مواليد تللسقف 1932 ، بأننا في تلك الفترة كنا نسكن محلة الفيصلية ، وتتذكر جيدا صوت المذياع الهادر والمقزز ليعلن بين حين وآخر ( هنا الموصل )... الخوف والرعب طال كل الناس وبالضبط المكونات الاقل عددا والقوى الديمقراطية والشيوعية... تتذكر أمي جيدا، انها كانت تغلق الباب بالمزلاج وتدعمه بحاجات اخرى بسيقان الشجر خوفا من فتحه عنوة وخاصة بعدما اشتدت سواعد الانفصالين في تلك الايام حيث كانت عباراتهم الارهابية تكتب على ابواب الموصليين ومن تلك العبارات المكتوبة...
"لا بعد اليوم شيوعي"
"لا بعد اليوم مسيحي "
"جاي حليب خرة بالصليب" ( حاشا للمسيح له المجد )

هذه العبارات كانت منقوشة على بيبان الدور المشبوهة بانتمائها للحزب الشيوعي العراقي او انها تدين بالديانة المسيحية ، وكان ابي زومايا طوانة ( ابو يوسف ) احد انصار الحزب الشيوعي العراقي وقد نجى من محاولة اغتيال فاشلة في تلك الفترة، الا ان المجرمين استعاضوا بدلا عنه بأبنه الحدث الذي لم يتجاوز التاسعة من العمر (اسماعيل زومايا) بدهسه وقتله بسبق الاصرار من خلال شاحنة كبيرة (لوري) امام انظار أمي المسكينة المفجوعة بأبنها في ذلك الشارع غير المخصص لمرور للعربات بسبب حفريات البلدية انذاك ، ولكن كان المجرمون بالمرصاد لدارنا في ذلك اليوم الذي صادف يوم الاحد الأسود في حياة عائلتي حيث جن جنون أمي وهي تحتضن ابنها امام الدار وسط اندهاش المارة ،والمجرم امعانا لحقده الأعمى أخذ يطحن رأس الطفل ذاهبا وايابا بعجلاته الخلفية (الدبل) تماما على رأسه حيث فارق الحياة في لحظتها ...، وبالرغم من الفاجعة وتقديم شكوى للشرطة عن تلك الجريمة المروعة تم اخلاء سبيل المجرمين لتقيد القضية ضد مجهول (حتى الحق العام لم ينالوا جزاءه) وبعد تهديدات والدي المتكررة والوضع النفسي والاضطرابات الصحية التي عاشتها والدتي ومن جراء فقدان ابنها الثاني بعد البكر يوسف قرر أبي هجر مدينتنا الحبيبة الموصل قسرا الى بغداد وأكملنا المشوار في ما بعد ودفعنا ثمن الحرية فيما بعد في عهد الديكتاتورية الفاشية ولكن بصورة مختلفة  .

هذه احدى الجرائم التي نفذتها عصابات الانقلاب الفاشل ضد ابناء شعبنا في مدينتنا الموصل الحبيبة في آذار 1959 حسب ما كانت تقص والدتي لنا قصة احداث تلك الايام السوداء في حياة الموصل الحبيبة .

 

free web counter