| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كوهر يوحنان عوديش

gawher75@yahoo.com
gawher75@homail.com

 

 

 

                                                                                       الأحد 27/2/ 2011



بماذا تختلف باسكال وردة عن طارق عزيز حتى تعاتبه؟!

كوهر يوحنان عوديش

ما يتعرض له المسيحيين في العراق الجديد ليس بجديد لا على المسيحيين انفسهم ولا على العالم والدول الكبرى التي اغمضت عيونها عن المذابح والمظالم التي طالت ابناء هذه الطائفة مراعاة وحفاظاً على مصالحها الذاتية ( بل انها كانت شريكاً في بعض المذابح التي تعرض لها ابناء هذه الطائفة )، لكن بعد سقوط النظام العراقي السابق وما رافقه من تغيرات مهمة في العراق وفي الساحة الدولية برزت معاناة المسيحيين العراقيين بشكل لم يسبق له مثيل، وبدأت المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان وحقوق الاقليات والكثير من الدول الكبرى ورؤساء الكنيسة انفسهم على حد سواء بالمطالبة والعمل على حماية المسيحيين في العراق وضمان شيئاً من حقوقهم المهضومة، لكن رغم كل المحاولات لا زالت معاناة المسيحيين مستمرة وتتفاقم يوماً بعد يوم امام انظار حكومتنا الديمقراطية، التي لا تكف عن مناشدة الدول الاوروبية على عدم تشجيع المسيحيين على ترك البلاد عبر تقديم تسهيلات اللجوء اليهم، او عمل الحكومة وبعض اجهزتها الادارية على منع واعاقة نقل الموظف المسيحي من المناطق الملتهبة الى مناطق اكثر امانا ليحمي نفسه وعائلته من الاعتداء العلني والموت المحتوم، وكأن الموت المحتوم وبأبشع الصور ضمن حدود جمهورية العراق الديمقراطية هو مصير المسيحيين الاوحد في هذا العالم الواسع.

كل العراقيين، وبالاخص المثقفين والسياسيين المخضرمين!، يعرفون ان الحكومة العراقية بعد اسقاط النظام السابق شكلت ولا زالت تتشكل على اساس الطائفية والقومية وليس على اساس الكفاءة العلمية او الخبرة العملية او تنصيب الفرد المناسب في المكان المناسب، وهذا كان احد اهم الاسباب التي ادت الى تهميش الاقليات وابعادهم عن العملية السياسية، وان كانت بعض المناصب الهامشية انيطت بالاقليات صوريا لاضفاء صبغة الديمقراطية على الحكومة المشكلة الا انها لم تكن سوى مساومة على حقوق هذا الاقلية او تلك، لان المشاركين في الحكومة لم يكونوا ممثلين عن المسيحيين بل يمثلون انفسهم وحاشيتهم، لذلك نرى ان كل جريمة كانت تنفذ بحق المسيحيين كان المشاركون في الحكومة يتهربون من الاجوبة الصريحة ويعتبرون ما يحدث للمسيحيين جزء مما يحدث للشعب العراقي باكمله.

تعاتب وزيرة الهجرة والمهجرين السابقة باسكال وردة في حوار لها مع جريدة النهار اللبنانية الصادرة في 19/2/ 2011 وزير خارجية النظام السابق طارق عزيز وتلومه حيث تقول ( ...... ان المسيحيين عانوا الكثير في ظل نظام البعث، وكان عزيز يسخر من حال هذه القرى ولا يكترث لامرها. )، من حق السيدة باسكال وسيدها ( ممثل المسيحيين الاوحد في البرلمان العراقي السيد يونادم كنا!!، فالسيد كنا في كل تصريحاته البهلوانية لا يعتبر اعضاء البرلمان المسيحيين من غير القوائم نوابا عن المسيحيين!!! ) ان يعتابوا ويلوموا من يشاءوا من الغير الذي لم ينصف ابناء طائفتهم او كبر من معاناتهم، خصوصا اذا كان هذا الغير من ابناء طائفتهم لكن منتمي الى حزب قومي اخر غير قوميته الاصلية ومتبوئا مركزا حكومياً يمنحه السلطة والصلاحيات لتمرير ما يرغب وتنفيذ ما يريد او يستطيع فعل ذلك بقليل من الجهد، لكن للعتاب والملامة اصول وحدود وخطوط حمر لا يجب تجاوزها، وهذا ما نسته السيدة باسكال او تناسته عند عتابها طارق عزيز او غيره من الاشخاص، فطارق عزيز كان منتميا لحزب قومي عربي شعاره واهدافه ونظامه الداخلي ومفهومه للسيادة ونهجه في طريقة الحكم معروف للجميع ( ولولا سلبيات هذا النظام الكثيرة لما كان الشعب العراقي او اغلبيته ضده )، وبكل بساطة يمكن ان نقول ان مغريات الراتب والمنصب عند طارق عزيز كانت تعميه عن النظر الى الامور القومية والدينية او تمنعه حتى من مجرد التفكير فيها، اما ماذا نقول عن الذين استوزروا واصبحوا اعضاءاً للبرلمان في زمن الديمقراطية الذي طالما بكينا له ؟!!! هل كانوا افضل منه؟ هل حققوا شيئاً للمسيحيين عجز هو ( طارق عزيز ) عن تحقيقه؟ الجواب لا، فلا الوزيرة المعاتبة ولا سيدها الذي عينها بمنصب وزيرة!! حققوا للمسيحيين العراقيين شيئاً يذكر كي يعاتبوا هذا او ذاك لتغافله قضية المسيحيين او عدم الاهتمام بهم، فهؤلاء عندما يتحدثون باسم المسيحيين العراقيين ككل!! يعرفون حق المعرفة قبل غيرهم من الناس ان هذه القضية هي السبيل الوحيد لارتقائهم المناصب والتمتع براتبهم الخيالي، وللحفاظ على هذه الامتيازات عليهم مسايرة ومجاملة من يمنحهم هذه الامتيازات سواء كان ذلك على حساب انتمائنا الديني او على حساب قضيتنا القومية وحقوقنا المهضومة، لذلك لم نر ان السيدة باسكال ( ومعها ايضاً السيد يونادم المستمر في الخدمة! ) في يوم ما من ايامها الذهبية عندما كانت وزيرة قد زارت عائلة مسيحية مشردة داخل الوطن او خارجه لتعاين وتتحسس عن قرب مدى المعاناة التي يعيشها ابناء قومها داخليا او خارجيا، ولم نسمع ان معالي الوزيرة تكرمت يوما بمبلغ ( 1% ) من راتبها لعائلة فقيرة مشردة تعيش على الحسنات !، بالاضافة الى هذا لم تتجرأ يوما ان تروي وتوضح للرأي العام العالمي حقيقة ما يجري للمسيحيين من ابادة منظمة علنية على يد ميليشيات تابعة للاحزاب الحاكمة في العراق مستخدمة سيارات الشرطة واجهزتها علانية ( كما حدث في مدينة الموصل وبعض المناطق في مدينة بغداد ) دون تحقيق او معاقبة المنفذين، وكأن المسيحيين ليسوا سوى عشب ضار يجب استئصاله من جذوره.

الاكيد في قضية المسيحيين ان امورهم ليست افضل ان لم تكن اسوأ مما كانت عليه في عهد النظام السابق، ومن ينكر ذلك بسبب الملايين التي يقبضها التي يريد الحفاظ على استمراريتها مهما كان الثمن عليه ان يعرف ويتيقن ان هذه الملايين مهما كانت كثيرة فانها لن تساوي لعنة مشرد فقير بالكاد يتدبر امره او لعنة يتيم مشرد سلبت طفولته وحرم من حضن ابويه.

همسة:-
اذا كان عذر طارق عزيز هو زمن الدكتاتورية الذي ابتلى به فماذا سيكون عذركم انتم يا من استوزرتم في زمن الديمقراطية؟
 

 

free web counter