| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كوهر يوحنان عوديش

gawher75@yahoo.com
gawher75@homail.com

 

 

 

                                                                                       الخميس 20/12/ 2012



مصير مسيحيي العراق غير مرهون باعمار كنيسة

كوهر يوحنان عوديش

بعد ان اضيفت جريمة كنيسة سيدة النجاة الى سجل الجرائم البشعة التي طالت ارواح المسيحيين العراقيين واموالهم ورموزهم الدينية واماكن عباداتهم في زمن الحرية والديمقراطية، اعيد افتتاح هذه الكنيسة الجريحة يوم الجمعة المصادف 14 كانون الاول 2012 بعد ترميمها! بحضور حكومي وديني والقلة القليلة الباقية من ابناء هذه الطائفة في بغداد، وكأن افتتاحها ثانية سيبث الحياة في شهدائها ثانية ويمحو ذكراها الحزينة ويحول مأساتها العميقة الى عرس مسيحي ليس له مثيل من حيث الفرح والحضور.

لكي لا يلصقوا بي تهم لا تليق بي ويتهموني باستعمال منظار ليلي للرؤية في وضح النهار اعترف بانني فرحت كثيرا بهذا الخبر وسررت لحضور سيادة رئيس الوزراء لافتتاح هذه الكنيسة بعد ترميمها، عسى ان يبعث هذا الاجراء نسبة 1% من الامل في نفوس المسيحيين الباقين في بغداد خاصة والعراق عامة ويبث فيهم روح التفاؤل بالمستقبل لثنيهم عن الهجرة واشعارهم بانهم متساوون في الحقوق والواجبات مع بقية اطياف الشعب العراقي.

ما يدعونا للوقوف عنده وتأمله ودراسته وتحليله هو بالتأكيد ليس مبنى الكنيسة او كيف رممت؟ وكم من المبالغ صرفت عليها؟ فما الفائدة من ترميم هذه الكنيسة او بناء الاف اخرى مثلها اذا خلت من المؤمنين!!! واذا لم تجد من ابنائها سوى اشخاص معدودين ارغمتهم الظروف على البقاء والعيش تحت هكذا ظروف قاسية؟ ما يدعونا للوقوف عنده وتأمله هو جوهر الكلمات التي القيت والشخصيات التي حضرت والمجاملات والمداهنات التي حدثت في هذه المناسبة على حساب معاناة المسيحيين ومأساتهم.

ففي كلمة رئيس الوزراء اوضح سيادته وبكل صراحة انه طلب من الاتحاد الاوروبي الا يشجع على هجرة المسيحيين من العراق، واكد دعوته البابا بنديكتس السادس عشر بابا الفاتيكان الى اصدار بيان يطالب فيه المسيحيين بالبقاء في العراق حتى لا يخلو الشرق من ابناء هذه الديانة.

نعم اوافق السيد رئيس الوزراء واشكره مليون مرة في طلبه ودعوته لكن بالمقابل عليه ان يضمن على الاقل ارواح هؤلاء الذين تركوا وحيدين لمجابهة المصير المر والمؤلم الذي ينتظرهم في بلدهم حال بقائهم فيه، فلا اظن ان المسيحيين الذين تركوا البلد والتجاوا الى الدول الاخرى بحثا عن ملجأ امن قد هجروا العراق طوعا او انهم ذهبوا في سفرة ترفيهية، بل ان هؤلاء يا سيادة الرئيس هجروا قسرا ورحلوا غصبا عنهم، اما انظار الحكومة واجهزتها الامنية، تاركين ورائهم تعب العمر كله من اموال وممتلكات، فالكثير من هؤلاء المسيحيين الذين يطلب رئيس الوزراء عدم منحهم اللجوء او تشجيعهم على الهجرة قد تركوا بيوتهم كما هي دون ان يخرجوا منها حتى ابرة. لانقاذ ارواحهم فقط من سيوف الارهابيين وطلقات الميليشيات الحزبية وفتاوى المتشددين .... وغيرهم من الكارهين للانسانية وجمالها، فمن غير المتوقع ان يفرح المسيحيين بتركهم لبلد هم اصحابه الاصلاء وبناة حضارته، بل بالعكس يهربون منه والحسرات تأكل قلوبهم والدموع تملأ عيونهم والحزن يخيم على ملامحهم، فهل يعقل يا سيادة الرئيس ان تقوم بهذه المطالبة الان وفي مثل هذه الظروف!!!، ربما تكون هذه المطالبة وهذا التصريح نوعا من المجاملة الدولية وابراء ذمة الحكومة عن ما حدث ولا يزال يحدث للمسيحيين العراقيين من فظائع مخجلة وهذا حق شرعي بالنسبة لسيادتك كونك رئيسا للوزراء والشخص الاول في هرم السلطة ومسؤول عن امن وسلامة كل ابناء الشعب العراقي بكافة اطيافه واديانه وقومياته، لكن بالنسبة للمسيحيين يعتبر محاولة اخرى لسد كل المنافذ بوجوههم وارغامهم على انتظار الموت البطيء والمحتوم في بلد تحكمه شريعة الغاب.

وما يهيج الذكرى اكثر ويؤلم الجرح اكثر هو موقف البعض من رجال ديننا الكرام، ففي ختام الحفل منح غبطة البطريارك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان الكلي الطوبى درع كنيسة سيدة النجاة الى رئيس الوزراء نوري المالكي والمسؤولين الحكوميين الحاضرين والذين كان لهم دور مهم في اعادة اعمار الكنيسة، وهذا ايضا يعتبر تصرفا جميلا وواجبا ادبيا لكن في نفس الوقت اما كان الاجدر بسيادة البطريارك الطلب من رئيس الوزراء الكشف عن المجرمين والسعي لمعاقبتهم وفرض الحماية اللازمة لاماكن عبادة المسيحيين ليشعروا على الاقل بالامان عند ممارسة طقوسهم الدينية!!!، اما كان من المفترض ان يقوم سيادة البطريارك بمناقشة مصير القلة الباقية من ابناء رعيته والسبل الكفيلة بحماية ارواحهم وضمان مستقبلهم في بلد اصبحوا فيه على حافة الانقراض.

اما بالنسبة لتصريحات بعض اعضاء البرلمان الاتحادي من المسيحيين والوزير المسيحي الذين حضروا مراسيم الافتتاح، فان تصريحاتهم جاءت متوافقة ولم تكن بالمستوى الذي يطمح اليه ناخبيهم، فبدلا من مطالبة الحكومة العراقية بالعمل على معاقبة المجرمين والسعي جديا لطمئنة المسيحيين بان شأنهم شأن بقية مكونات الشعب العراقي دون تمييز او تفرقة، قام هؤلاء السادة كما هو ديدنهم دائما بشكر المسؤولين وادانة الارهاب!!! وكأن كل الدماء البريئة التي اريقت هدرا ( سواء كان هؤلاء الابرياء مسيحيين او مسلمين او يزيديين او صائبة...) لا تستحق حتى المطالبة بالبحث والتحري ومحاسبة الجاني الذي سيظل مجهولا ابدا!.

ترى متى يكف المنافقين عن المجاملات والمداهنات على حساب فجائعنا ويتجرأون على قول الحقيقة والمطالبة بها، مجرد تمني عسى ان يتحقق.

 

 

 

 

free web counter