| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كوهر يوحنان عوديش

gawher75@yahoo.com
gawher75@homail.com

 

 

 

الأربعاء 1/9/ 2010



يحيا الكرسي .... يموت الوطن

كوهر يوحنان عوديش

تزخر ذاكرة الشعب العراقي بالكثير من المذابح ومسرحيات القتل الجماعي والتصفية الجسدية وعمليات الاعدام التي مورست بحق معارضي فكر ونهج الاحزاب والشخصيات الحاكمة في البلد، فمنذ نشوء الدولة العراقية والصراع على السلطة مستمر حيث يدفع الابرياء الثمن ويقلد الجلادون الاوسمة ويتمتع المتاجرين بارواح الشباب وثروات البلد بالمال والمنصب ويظل الشعب سابحا في معانته التي تعلو وتزيد كلما مر الزمن.

كان يمكن لنيسان 2003 ان يكون الحد الفاصل بين زمنين وبين تاريخين وبين نهجين للعراق شعبا ووطنا لو تعامل المسؤولين الجدد مع الواقع بقليل من النزاهة والشفافية، فالشعب الذي عانى ما عانى من عوز وحرمان وقتل وتهجير وخوف ورعب اضافة الى حربين مدمرتين استهلكتا منه الكثير كان ينتظر بفارغ صبر القليل من الراحة والامان والتمتع بالقليل من الخيرات التي تغرق وطنه، وبدلا من تطبيق الشعارات الرنانة التي كانت ترفع من قبل الاحزاب والشخصيات المعارضة بمناسبة ودون مناسبة والتعلم من الانظمة الغربية، التي كانت تقبل وترعى معارضي النظام السابق وحكام اليوم، في ادارة البلد والرقي به الى المستوى الذي يستحقه من التمدن والرفاهية انهال السادة الجدد على الوطن بسيوفهم كل يقتطع من جثته نصيبه ( خافوا ان لا تتكرر الفرصة ) وعاملوا الشعب معاملة العبيد والخدم حيث عليه شكرهم والادعاء لهم بطول العمر والصحة الدائمة على كل كيلو طحين او لتر بنزين او برميل نفط او ساعة كهرباء او كوب ماء شرب.

المنصب الحكومي الاول في الدولة، خصوصا في الدول الديمقراطية المتمدنة، ليس ملك خاص لمدى الحياة ولا يتناقل بالوصية ولا يتوارث بل هو مسؤولية تلقى على عاتق المؤهلين والسياسيين المخضرمين او من يحصل على ثقة الشعب، يمارس فيها صلاحياته الدستورية لمدة معينة من الزمن مع وجود رقابة ومحاسبة في حال المخالفة خلال هذه الفترة، وبعدها تنتقل السلطة سلميا وباسلوب حضاري مهذب الى الفائز الجديد ليقدم لشعبه الافضل حسب المستطاع، لذلك يعمل كل حزب فائز بالانتخابات او اية شخصية سياسية فائزة تقديم الافضل وتطبيق اكبر نسبة ممكنة من الوعود الانتخابية التي اطلقها خلال الفترة الدعائية لتمكينه من الفوز ثانية اذا ما سمح له الدستور بذلك، اما في عراقنا الديمقراطي الذي لا يكف مسؤوليه الكرام منذ اليوم الاول للاحتلال حتى يومنا هذا عن التشدق بالديمقراطية وصيانة حقوق الانسان وحفظ كرامته واحترام حريته والتعامل مع المواطن على اساس انتمائه الوطني وليس على انتمائه السياسي او الديني او المذهبي او القومي فالوضع مختلف تماما، لان الديمقراطية عندنا تعني الاغلبية تحكم والاقلية تخضع ومن يعارض اما يقتل او يهجر او يختفي في المعتقلات، والمسؤول ما ان تنعم مؤخرته بالكرسي المخصص له يبدأ بتصفية حساباته مع الخصوم ولملمة ما يمكن من اموال وعقارات الدولة دون محاسبة واذا اكتشف امره فدنيا الله امامه واسعة ليتمتع بما ادخره من عرق جبينه!.

التمسك بالمناصب ( هذا ما نراه ونلمسه في العراق الديمقراطي الجديد، حيث تثبت لنا الانتخابات الاخيرة ان المنصب اعلى من الوطن وان الديمقراطية المعلنة ليست سوى غطاء لحالة من التشتت والتقسيم والتستر على فكر عراقي قديم يحكم البلد منذ عقود كثيرة ) وتقسيمها على اساس قومي ومذهبي يمهد لدولة طائفية موزعة المناصب ومقررة اصلا حتى لو فاز الملاك بالانتخابات واستحق رئاسة الحكومة حسب نصوص الدستور ( ما دام الامر هكذا فلماذا تتعبون الشعب باوهام وبلاوي الانتخابات، وزعوا المناصب كما تتفقون وشكلوا حكومة صورية كل اربع سنوات ووفروا كل هذه الاموال للاعضاء الجدد! الذين يريدون حصتهم )، وهذا بدوره يؤدي الى الاستمرار نحو الاسوأ واذاقة الشعب المزيد من المرارة والالم.
 

free web counter