| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كمال يلدو

 

 

 

الأحد 9/11/ 2008

 

فـي ضوء تصويت مجلس النواب على الفقرة (50) المعدلـة

مســرحية فكاهيـة تبكـي ولا تضحــك !

كمــال يـلـدو

لــم يبق احــد من الزعماء العراقيين الكبار الا وأدلى بدلوه حـول اشــكاليات الغاء الفقرة (50) من قانون انتخاب المجالس البلدية الاصـلي، وبين ليلة وضحاهـا امســى الكل حريصا على "النسيج العراقي" و " الفسيفســاء العراقية" و "اصحاب البلاد الاصليين" وراح البعض منهم يقول ان " العراق بـلا مســيحيين ليس عراقــا !!" هكــذا اذن . ما عليكـم الا ان تنامــوا ونحـن ســـنحفظ لكــم حقوقكم كاملة ، لا بـل ســنزيد عليها قليلا !

كــلا ايها الســادة الكرام ، لقد مضــى زمن التصريحات التي تباع بالكيلوات ، وابتدأ زمن الجـد . رغــم ان زمـن الفكاهـة والضحك على الذقون والانحناء امام العاصــفة مازال يخيـــم على معظـم فقرات المشــهد السياســي العراقي .

بوجوه لا يشــوبها اي قـدر من الشك خرج علينا السيد جلال الطالباني والسيد المالكي والسيد المشهداني وزعماء آخرون محاولين التنصـل من قضـية الغاء الفقرة (50) من القانون الاصلي ،(بالضبط كما غسـل بيلاطس يده من دم المسيح!) رغم انها لم تكن المادة المعنية اصـلا في فشـل التوافق حول القانون آنف الذكر ، وانما كانت قضية الفقرة (24) المتعلقة بكركوك . الكل صار وطنيا ، ومتســامحا ، في حديثهم للصحافة وشبكات الاعلام ، في لقاء المالكي مع البابا ومســؤولي الاتحاد الاوربي ، ومضـى ابعد من ذلك وقال " لا تمنحوهم اللجوء السياسي عندكم، نريدهم معنا في بناء الوطن !!( نعم) وحدث ما حدث بعدها في الموصل – انكم فعلا تريدوهم في العراق !! " وفي تصريحات المشهداني الذي خلق عندي التشوش وهو يتحدث بهذه النباهة والانسانية حتى اعتقدت انه من " الاقلية – اي اصحاب البلاد الاصليين – لولا انتباهي الى اســمه واستدركت الخطأ المطبعي ، فهو اذن من الاغلبية!! التي لا تحتاج الى نظام الكوتا ابدا " ، وفي لقاءات المسؤولين وعلى رأسـهم الرئيس بحضرة عمانؤيل دلي الثالث، باطريرك بابل على الكلدان في العالم ، وحتى في لقاء السيد البارزاني في واشنطن مع وفد الجالية العراقية ، واقسامه اليمين بأن يساعد في اعادة العمل بالفقرة (50) الملغية وذهب ابعد حينما فتح ابواب كردستان امام المسيحيين اذا ارادوا اختيارها بدلا من المناطق الدافئة او السـاخنة على حد وصف المسؤولين العراقيين .لقد صـور هؤلاء السياسيون الامـر وكأن خطأ ما قد حدث، او انها زلة لســان ممكن لا بل وجـب اصلاحها ، وان النواب اخذوا على حين غرة وجرى الغاء الفقرة او ان قوى من خارج مجرتنا الشــمســية قد اثرت على النواب وجرى التصويت بهذا الشــكل "هذه قراءتي لتصريحاتهم وردود افعالهم وتقاســيم وجوههم في الحديث عن الموضوع على الاقل "

مـاذا كانت النتيجــة ؟
1-
كان متوقعا ان يعاد العمل بالفقرة (50) الاصلية مع بعض التعديلات بأضافة الشــبك كما اقترح السيد "ديمستورا" ممثل الامين العام للأمم المتحدة . ولـم يجر ذلك
2- طرح الحزب الشيوعي العراقي مقترح ابقاء عدد ممثلي "الاقليات" -12- مع عدم احتســابهم على ملاك مجموع اعضاء المجالس البلدية والبالغ (450) كحـل وســط ، لكن هذا المقترح لم ينجح .(صوّت ممثلاه بالضد من امرار القرار بصيغته الجديدة)
3- المقترح الذي نجـح هـو ان يكون مجموع عدد ممثلي " الاقليات" في المحافظات الثلاث المعنية (6) ســتة موزعة على (مسيحي في مجلس البصرة، مسيحي وصابئي في مجلس بغداد، مسيحي وشبكي ويزيدي في مجلس الموصــل) والمفروض ان هذا المقترح جرى بعد كل الهيجان الاعلامي والاعتراضات من قبل ممثلي " الاقليات" والنواب والقوى العراقية التي تضامنت معهم والرأي العام المحلي والعالمي وخاصة بعد القتل وحرق البيوت وهجرة الآف العوائل من الموصــل ....تصــوروا ان يكون ممثل واحد للمسيحيين في كل من العاصمة بغداد ومحافظة نينوى بكل قصباتها وقراهـا وتجمعاتها المسيحية .
4- في الجلســة التي كانت مخصصة للتصويت على هذه الفقرة، حضرها ( 156 مندوبا من اصـل 275 مندوب ، وبتغيب اعضاء الكتلة الكردية وممثلي الكتل الكبيرة الاخرى) وكانت نتيجة التصويت ( 106 مع القرار و50 ضـد القرار ) وبالتالي صـار القرار نافــذا .
5- حينما ســئل قادة بعض الكتل الكبيرة حول طريقة امرار القرار وقلـة عدد النواب الذين حضـروا ، وتناقض تصريحاتهم مع نتيجة التصويت قال احدهم ( انا لا اجبر اعضاء كتلتي على التصويت على مادة معينة ، بل اترك الخيار لهـــم !! والله ديمقراطي للكشـــر ) فيما ذكـر احـد فطاحلة السياســة العراقية بأن " المسيحيين هم ابناء البلد الاصليين ولا يحتاجون الـى كوتـا !!" وطبعا لا يحتاجون الى نظام الكوتا ، فالنظام الديمقراطي كما يفهمه البعض يعني " ضمان حقوق الاغلبية وطـــز بالباقيين " اليس هذا ما جرى ويجري في معظم الاحيان ام هناك تفسيرا آخر لهذا الحدث ؟

وبتصوري ان الدرس المستخلص مما جرى هو درس بليغ ومهم، اولا للقوى القومية التي تعمل في صفوف ابناء " الاقليات" بأن توحـد خطابها وتتفق على ما هو مهم وتترك خلافاتها جانبا لأن المتربصين كثر وبأمكانهم ابتلاع حتى ال (6) اعضــاء الذين يهابهم البعض ويخشى ان يقلبوا الموازين السياسية في المجالس البلدية . ولابد من التذكير بأن الحقوق تؤخـذ ولا تمنح وامامكم عمل كثير وطريق طويل وثانيا، ان تتوجـه هذه القوى نحو حلفائها الطبيعيين ، من ديمقراطيين ويساريين وعلمانيين ومســتقلين ، فهــم بالحقيقة حجـر الاســاس لقيام النظام الديمقراطي التعددي المنشــود ، وبـدون هذه اللحمة ســتكون مســيرة العراق لا اقـل تعرجــا مـمـا يحدث الآن . نحـن بحاجــة الى تقوية صـمام الامان وتحديد اتجــاه البوصـلة حتى لا يضيع الخيط والعصــفور.
امـا لبعض الســاسـة العراقيين الذين تبختروا بتصريحاتهــم امام الرأي العام المحلي والعالمي حول حقوق "الاقليات" فأقول :

" قليلا من الحياء!" .



 

free web counter