| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كمال يلدو

 

 

 

الخميس 7/1/ 2010

 

أتمنى ان تكون "زلـّـة لســـان" غير مقصـودة!

كمال يلدو

فـي معرض نشــرة أخبار فضائية "الفيحاء" الغـراء ليوم الثلاثاء الخامس من كانون ثان 2010، عـرض مراسل القناة من محافظة النجف خبرا عـن قيام احـد مواطني المحـافظة (مشــــكورا) بتســليم المسـؤولين مجموعة كبيرة من الآثار التي عثر عليها مصادفة، وقـد ابلى المراسـل بلاءا حســنا في تقديمه الخبر وعـرضه للآثار ، الا ان شـــخصا – لم يذكر التقرير اســمه او مركزه – تحدث عن اللقى المسـّلمة ووصفها بأنها "آثار اســلامية وآثار ما قبل الاســـلام" ، وقـد اســتوقـفني هـذا الوصـف كثيرا ، لأني والحقيقة لم اســمع بـه من قبل ، خاصـة من ذوي الاختصاص او من المسؤولين الرســـميين .

فمن المعروف ان الآثار العراقية توصـف دائما بمراحلها التأريخية ، كأن نقول آثار سـومرية ، أكدية، بابلية ، آشــورية، بيزنطية ، رومانية ، ســلجوقية ، فارســية ،آثار من العصـر الأموي أو العصر العباســي وهكـذا ، اما اختزال كل هـذا التأريخ المجيــد بأنه "ما قبل الاسـلام او بعده" فأن هـذا يبعـث على الاســـتغراب .

فـلو كان (الشـخص) المتحدث عـارفا بتأريخ العراق، فقد كان المفروض فيـه ان يـذكر العبارة الوصـفية السـليـمة وضـمن ســـياق الآثار التأريخية، امــا اذا كان جـاهـلا بهـذا التأريــخ فـلا لــوم عليــه بالمـرة !
ان خشـــيتي تزداد من ان تغـدو هـذه الاوصـاف القاعدة العامة في التداول متجاهلة الصفة التأريخية والحضارية لآثـار وصلت درجـة شــهرتها لملايين البشــر ، وملايين اكثر تتوق لرؤيتها والتمتع بأخبارها ومعرفة درجــة التمدن والرقي التي وصـل اليها العراقيون القدماء ، بعلومهم وفنونهم وآدابهم ناهيك عن اكتشــافاتهم العبقـرية في اللغة وقوانين الفلك والرياضيات والتجارة والابحار وعشــرات غيرها.

ان هـذا الطرح يعيد الى الاذهان حادثة اســتقالة السيد (دوني جورج) مدير المتحف العراقي الســابق ومغادرته العراق في ليلة ظلماء ! بعد تلقيه تهديدات بالقتل من جهات مجهولة قيل في حينها لأنـه كان يولي اهتماما متميزا بحضـارة العراق القديمة ! وعسـى ان تكون هذه التهمة مفهومة للقارئ الكريم .

وهذا فعـلا يقودنا للتســاؤل عمـا يجري اليوم على صـعيد الاهتمام بحواضر العراق التأريخية وأهمال الســلطات الحكومية للعديد من المواقع الأثرية التي تركت مكشوفة وعرضة لعبث الســراق ومافيات الآثار ، بينما تذكر الاخبار معاناة المؤسـسـة المسؤلة عن الآثار من قلـة المخصصات المالية ، واختلال الوضع الامني ، وآثار الاحتلال بعد ســرقة معظم محتويات المتحف العراقي والمتاحف المحلية في عدد من المحافظات ، وتحويل مركز بابل الأثري الى ثكنة عســكرية امريكية ، هذا يجري بينما الجهات الرسـمية وغير الرســمية تولي اهتماما فائقا بالعتبات الدينية (رغم ان ذلك هو واجب اخلاقي وانســاني) لكن ليس من المفروض ان يكون على حســاب الحضارات العراقية التي ســـبقت مجئ الاسلام للعراق بأكثر من خمســـة آلاف ســــنة .

اعود مـرة اخرى لأتمنــى ان يكون الشــخص المعني قـد قال كـلامه ووصفه للآثار ســـهوا، لأن الخطأ ممكن تصليحـه ، امـا اذا كان هـذا نهجـا فنحـن امام مرحـلة صــعبة تتعلـق بأحترام وتقديـر تأريخ وحضــارة اجـدادنا ......العراقيين القدماء ابناء وادي الرافدين.

كـان من الطريف ان يلي نشــرة الاخبار هذه برنامج خاص قدمته الفيحاء ومراســلها في محافظة ذي قار عـن مهرجان الحبوبي الرابع الذي احتضنته مدينة الناصرية، مدينة الشعراء والفنانين، بمشــاركة من مبدعيها والعديد من مثقفي العراق في رحـلة استذكارية رائعة لأمجـاد اور وكلكامش وعشــتار وشـــبعاد وكل ما انجـــزه اجدادهـم (اجـدادنا) العظمـــاء .



 

الولايات المتحدة
كانون ثان 2010
 


 

free web counter