| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كمال يلدو

 

 

 

السبت 6/8/ 2011

 

مـاذا لو صــح الخبر !

كمال يلدو

نشــرت جريدة " الشرق الأوسط" في عددها 11935 والصادر يوم الثلاثاء 2 آب 2011 ، خبرا مفاده :" ان نظام ولي الفقيه قد طلب من المالكي تقديم 10 مليارات دولار لنظام بشار الاسد ، لدعمه في هذه المرحلة ، نقلا عن مصدر بارز في التحالف الوطني العراقي المؤتلف مع كتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي....." ، كما تضمن الخبر، نفـي عضو البرلمان من حزب الدعوة خالد الاسدي (*) صحة هذا الخبر جملة وتفصيىلا .

وأخذا بنفي عضو البرلمان الاسـدي ، فأن خبرا مثل هذا ســيجنب السياسة العراقية مطبات كثيرة اقلها، قولة القائلين بأن السياسة العراقية صارت تابعة لما تمليه عليها ايران وبشخص خامنئي ، وقائد فيلق القدس سليماني ، والذي يجري تداول اســمه كثيرا في اروقة السياسيين وتدخلاته الفظة في الشأن العراقي ، اضافة الى ما يصرح به قادة الجيش الامريكي منذ سنين من ان " سليماني" يشرف على تدريب وتسليح ميليشيات شيعية تستهدف القوات الامريكية ، لابل ان " مولن" قال ، ان اكثر من نصف ضحايا الجيش الامريكي سقط بأيدي هذه الميليشيات التي يشرف على عملها سليماني .وبالمعنى الآخر للكلمة ، فأن نفي هذا الخبر ، سيمنح السياسة العراقية نوعا من الاستقلالية تجاه ما يجري في الجارة سوريا على اقل تقدير .

لكن مـاذا لو صــح هذا الخبر :
اولا: انـه ســـيعني فيما يعنيه ، ان السياسة العراقية اضحت ودون لبس ، رهنا بالسياسة الايرانية وأستراتيجيتها في المنطقة ، وهذا ما سيجر العراق لاحقا الى حروب ودمار لايحمد عقباه ، والى عداء من بعض دول الجوار ، لايحتمله المشهد العراقي ، وأن العراق لاحقا سيصبح مستعمرة ايرانية تقودها حيث تكون مصالحها .
ثانيا: ان هذا الامر يعتبر خرقا فاضحا للعقوبات التي اطلقتها الولايات المتحدة والعديد من الدول الاوربية ضد نظام الاسد عقابا على اساليبه الدموية في قمع المتظاهرين .
ثالثا: ان هذا الامر يضع حكومة المالكي في موقع الشريك غير الموثوق به ، عندما يتعلق الامر بموقف عالمي او اقليمي تجاه أمر ما ، اضافة الى امكانية اعتبارتقديم هذا المبلغ عملية تبييض للأموال ، وتعامل مع بنوك ومؤسسات محظور التعامل معها ، على صعيد البنوك العالمية التي يرتبط العراق معها بأتفاقيات .
رابعا: ان هذا الامر يعتبر تنازلا فاضحا من النظام العراقي تجاه نظام بشار الاسد الذي ناصب الحكومات التي اعقبت زلزال 2003 العداء ، واحتضن ولا يزال معظم القيادات البعثية الصدامية ( المطلوبة عراقيا) ورعاها، وقدم لها التسهيلات في اقامة مؤتمراتها ، وغرف عملياتها، ناهيك عن اموال العراق التي هربها هؤلاء المسؤولون عشية سقوط الطاغية .
خامسا: ان هذا يعتبر تنازلا عن دماء آلاف العراقيين الذين سقطوا بأيدي الارهابيين الانتحاريين الذين قصدوا العراق عبر الاراضي السورية ، بعد ان اقيمت لهم معسكرات استقطاب وتدريب وبرعاية الجهات الامنية السورية.
سادسا: ان هذا الموقف يعتبر تنازلا لنظام يعمل ويخطط لتجفيف مياه نهر الفرات الواصلة للعراق ، عبر اقامة السدود ( الضرورية وغير الضرورية) في عملية صارت تكلف الاقتصاد والمواطن العراقي حياته ومستقلبه ، وممكن ان يحول نهر الفرات الى ارض جافة خلال العشرين سنة القادمة .
سـابعا: ان هذا الموقف يكشف حقيقة بعض الساسة العراقيين، الدائرين في فلك السياسة الايرانية العنصرية الطائفية. فهذا الموقف هو للحفاظ على حكم العلويين في سوريا ، في مواجهة الثورة الشعبية العارمة ، تماما كما انتخى بعض القادة الطائفيين في الدفاع عن المظاهرات في البحرين ، والتي بينت الاحداث بأن هذه المواقف لاتمت لمطالب الشعب البحريني بصلة ، بقدر ما هي ارادة الحكام في طهران بغية سيطرة القوى الشيعية على الوضع في البحرين وأقامة دولة شيعية على غرار ما جرى مع حزب الله في لبنان ، والميليشيات الشيعية في العراق .
ثامنا: ان هذا الموقف يعبر عن جهل متعمد لهؤلاء الساسة بتجربتهم مع حزب البعث العراقي ، والذي لا يختلف قيد شعرة عن نظيره السوري ، في القمع والقتل والمراوغة والديماغوجية .
تاســعا: ان هذا الموقف يعتبر ضـربة لأنتفاضة الشعب السوري، الثائر ضد طغمة حزب البعث وقواه الامنية وشــبيحته وآلة القتل اليومي التي تفتك بالمواطنين الداعين لآسقاطه ،وسوف تعني فيما تعنيه ( حقنة المورفين هذه) ، المزيد من الضحايا والآلام للشعب السوري ، فيما دول العالم تعرب عن استيائها وشجبها للنظام .
أخيرا: ان صــح هذا الخبر ، فأنه يكشـــف مدى البؤس الذي وصل لـه حال السياسيين في العراق ، والذين صاروا يراهنون على انظمة فاســـدة ، وطغم دموية لا تعرف طريقا للتعامل مع الجماهير سوى الارهاب والقتل ، تماما كما فعل صدام حسين ( ابان انتفاضة آذار 1991) مع المعارضين الذين يحكمون العراق اليوم ، وكأنهم نســوا أو تناســوا البعث وسياساته ، بوجهيها السوري والعراقي .

لا أظن بأن الشعب السوري المنتفض ، وثواره الابطال ، سيغفرون يوما ، لكل من دافع أو مـوّل نظام القتلة في دمشــــق! فنظام الاســد آيل للزوال مهما طال الزمن وكبرت التضحيات ، والشعب هو الباقي ، فكيف ســـيجيبون على اسئلة السوريين يومها ؟
هل سيقولون انهم قدموا هذه الاموال لمحاربة اسرائيل وتحرير الجولان؟ ام لقتل الثورة السورية ؟

اني على يقين بأن هذه السياسة سترتد على اصحابها ، ان كانوا في قم او طهران او بغداد أو بيروت ، فالشعب السوري انتفض، وســوف لن تنقذ نظام البعث في سوريا لا الدولارات ولا الشبيحة ولا فيلق القدس ، فشعوب المنطقة اقسمت ان تجعل من هذا الربيع بطول ايام السنة ، وربما تكون هذه الاحداث فرصة ذهبية للحركة الوطنية العراقية ، في ان تعلن موقفها المتضامن مع انتفاضة الشعب السوري ، تماما كما تستوجب الاعراف النضالية في التضامن مع الشعوب المنتفضة من اجل انعتاقها ، وحتى تسقط كل اوراق التوت عن الحكام والحكومات الدكتاتورية ، من اجل قيام حكومات وطنية ديمقراطية تحترم الانسان وتطلعاته .


 

(*) خالد الاسدي: قيادي في حزب الدعوة تنظيم العراق ، من مواليد بغداد للعام 1974 ، دارت حوله شائعات بأن شهادته الصادرة من ايران مزورة ، لكن وبتدخل من السفارة العراقية في طهران وبالمراسلة مع الخارجية جرى معادلة شهادته لتكون مماثلة لخريج الثانوية – الفرع الادبي . يقول موقع حزب الدعوة بأن الاسدي حصل على ماجستير في العلوم الاسلامية ومحاضر في الحوزة العلمية . مؤخرا دخل البرلمان كبديل عن خضير الخزاعي الذي اصبح النائب الثالث لرئيس الجمهورية العراقية.

 


آب 2011

 


 

free web counter