| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كمال يلدو

 

 

 

الأحد 24/7/ 2011

 

اتركــوا الكهرباء وأنتبهوا لما هـو آت !

كمال يلدو

قـد يتذكر بعض العراقيين كيف ان النظام البائد كان يتفنن في اختلاق الازمات ، خاصة تلك التي تتعلق بالمواد المعيشية للمواطن ، اذكر منها في عقد السبعينات وحتى اواسط الثمانينات ، ازمات الشـاي ، والطماطم ، والمعجون والبصل والبيض والبطاطا والدجـاج ....الخ ، وهذه اخـذت ســـنين من عملية تدويخ المواطن وأدخاله في فلك دائري مغلق لا يستطيع الانفكاك منه الا وهو متعب ومجهد وكارها للدنيا وما فيها ، حتى تحول العراقي الى اداة راكضة تبحث عن هذه المواد ، ووصل الامر الى التندر على هذه الظاهرة فيما عرف آنذاك ب " السرة" ، هكذا اريد للعراقيين ان يعيشـوا ويقضوا اوقاتهم فيما كان " الرفاق" في القيادة يخططون لما صار يعرف بأسوء مرحلة شهدها العراق في عصره الحديث ، عهد دكتاتورية وأرهاب صدام حسين والبعث .

اما في العهد الجديد ، عهد ما بعد انهيار الدكتاتورية والبعث ، ومجئ من كانوا في المعارضة مطاردين وملاحقين من قبل اجهزة الارهاب ، هؤلاء القادة الذين قدموا التعهدات للمواطن العراقي على اطباق من ذهب وفضة عشية تسلقهم لأدارة الدولة ، فيبدوا ان هؤلاء القادة ، وفي جميع الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ولليوم ، ماضون في ذات النهج الذي خطه لهم الاولون ، ولكن هذه المرة بدهاء اكبر ، اذ اضفوا عليه " آياتهم وأحاديثم " وما على الرعية الا الصبر خشــــية ان يثوروا فيعود اليهم البعث من جديد! اذ ما برحت الوزارات المتعاقبة ( اغلبها) تخط السير قدما في اهانة المواطن وأختزال فكره وأهتمامته وطموحاته في الحصول على " الكهرباء" أو " الخدمات " أو " التقاعد" ، مدخلينه في دوامة لا أول لها ولا آخر ، فيما سياسيونا مشـــغولين بتوزيع الوزارات والمناصب .

وقد اضحى جليا للمتابع بأن نهج المحاصصة الطائفية والعرقية الذي اتبع في عهد العراق الجديد والذي يجري تثبيت اركانه في قوانين الانتخابات والتشكيلات الوزارية والحكومية قد انتج " دويلات" صغيرة تابعة لهذا الحزب او ذاك . وراح كل وزير يقيل هؤلاء ويعين غيرهم ، ينزلون صور فلان ويعلون صور علتان وهكذا تســير الامور من شمال العراق الى جنوبه ولو بنســـب تختلف قليلا .
وتحت حجة تحريم حزب البعث وفكره الشوفيني تجري في العراق اليوم "حفلات " تطهير لم ترق الى ما قام به البعث اواسط السبعينات ، فهم يعملون مثلما عمل البعثيين في تغيير المناهج والكوادر التدريسية وفي تغيير المفاهيم وبالتالي خلق جيـــل جديد مشــوه من الناحية الوطنية والقومية والدينية ، جيل يبنى على اساس الثارات والانتقام ، بعيدا كل البعد عن قيم التسامح والعيش المشترك والولاء كل الولاء للعراق وليس لغيره ، ان كانت طائفة ام قومية ام دين .
هذه الامور تجري اليوم وأمام انظار المثقفين والحريصين على العراق ، وكأن المعركة التي افتتحتها القوى المسيطرة على العملية السياسية وتحســن ادارتها من جانب واحد . فأي نقد لسياسة الحكومة ، أو الوزير المعني انما تندرج ضمن عودة البعث ، وأي مظاهرة تقام او مقالة تكتب او مادة تلفزيونية تفضح هذه السياسات وتكشف الاعيبهم ، انما هي من بقايا النظام البائد ، وعلى هذا الطريق يؤخذ العراقيون من حيث لا يمكنهم الدفاع عن ابسط مقدراتهم او اعتقاداتهم او حتى حرية اختياراتهم .
ان ما بين الاسود والابيض منطقة رمادية كبيرة يريد البعض اختزالها ، بينما هي المحطة الأكثر اهمية في هذا الظرف من اجل طرح الافكار على تنوعاتها ، ومناقشتها من وجهة مصلحة الوطن والمواطن ، وان تفضح اســاليب التخوين التي " يفضل" البعض استعمالها والتفنن بها للإفلات من المحاسبة .

دعوة الى عدم الحديث في ازمة الكهرباء والماء والخدمات ، لأنها صارت مملة !!!!
وأن يجري لفت الانتباه الى الخطط الجارية في وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي ( على الاقل) من تغيير للمناهج ، وأحالة العديد من الكوادر التدريسيبة للتقاعد او الفصل من الخدمة أو ( المضايقة ) ، في خططهم لفصل الذكور عن الاناث ، في خططهم لفرض الحجاب على تلميذات الابتدائية أو في خططهم لغلق اقسام النحت والموسيقى والفنون من المعاهد وحتى من المهرجانات الثقافية التي تجري في العراق ...ادعوكم الى الانتباه لما تحيكه هذه العقليات من خطط تهدف الى تركيع المثقفين والقضاء على كل ما هو انساني في تراث العراق ، ادعوكم ان لا تقعوا فريسة ازمة البيض والدجاج ، فأن القادم ســـيكون اعظم من البيض والدجاج ، وهذا على الاقل ما علمته لنا تجربة نشــوء الدكتاتورية في العراق والتي تجد لها مناخا خصبا هذه الايام لتنمو من جديد بعدما دفعنا ثمنا غال للتخلص منها بنسختها الصدامية .
دعوة للتهـيؤ لما يمكن ان تنتجه العقليات المفكرة للقوى المتنفذة ، ومن اجل ان لا تكون حساباتنا متأخرة ....فبينما الكل مشغول بأزمة الكهرباء ....هناك في مكان ما ، وفي غرف مبردة تجري اعادة تشكيل القوانين من اجل ترسيخ بناء الدولة الدينية وعندها ربما لن تبق لنا اصابع نعضها اســــفا!
ومرة اخرى اعيد تكرار الســـؤال : هل ان ازمات العراق مفتعلة؟
أم ان القائمين على حلها فاشلون؟

 


تموز 2011

 


 

free web counter