| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كمال يلدو

 

 

 

الأحد 20/5/ 2012

 

ما كشفته دعوة قناة " الفيحاء" الغراء ؟ 

كمال يلدو 

اطلقت قناة  " الفيحاء" الغراء ، وعلى لسان رئيسها الدكتور محمد الطائي ، دعوة  يوم 28 نيسان 2012 ، تطالب فيها الجهات الرسمية العراقية، ببث وقائع المؤتمر الوطني المزمع عقده  علانية ، وبكل فصوله ، بغية وقوف الشعب العراقي، على جدية هذه الكتل والأحزاب  ، ولقطع الطريق امام اية اتفاقيات سرية بينها ،  ردا كما  يبدو على ما  حصل في مؤتمر (اربيل) ، وبخلاف ذلك ، فأنها اي القناة ، ستدعو الى اعتصامات ومظاهرات جماهيرية في يوم انعقااد المؤتمر ، وتطالب القنوات الأخرى بمقاطعته ، ومقاطعة المتحدثين بأسم المؤتمر  في البرامج الخبرية والتلفزيونية . 

ورغم عدم مرور شهر على هذه الدعوة ، فأن الزخم الذي اوجدته ، وردود الأفعال  فاقت كل التصورات ، من منظمات مجتمع مدني ، ورؤساء عشائر ، وشخصيات  من كل اركان المجتمع العراقي ، ادباء وفنانين ومثقفين ومن عامة الناس ، كما تنشره الفضائية في برامجها اليومية ، ناهيك عن تخصيص حلقات تلفزيونية تغطي الحدث  ، وكان للدعوة صدى جماهيريا كبيرا من خلال الأتصالات والردود . وأثمرت  عن صدور (مذكرة) بأسم الموقعين وجهت الى الرئاسات الثلاث ، والقوى الرئيسية المدعوة للأجتماع الوطني  المزمع عقده .            

ان متابعة بسيطة لبعض برامج "الفيحاء" الغراء ، وخاصة فيما يتعلق بدعوتها هذه، تكشـــف حجم  "التململ" ، و "انعدام الثقة" ، و "السخط" ، الذي يوليه عامة المواطنين  (والذين يتحدثون باللغة الصحيحة الخالية من المجاملات والتزلف)، للنخب السياسية التي يفترض انها تدير دفة البلاد نحو الخلاص من ازماته ، لا بل ان الكثير من التعليقات ، خاصة تلك التي ترتفع وتيرة نبراتها ، قد اســقطت آخر اوراق التوت ، التي يحتمي بها الساسة والمسؤولين في الحكومة العراقية ، ولم تعد كلمات اســئ استعمالها كثيرا ،  مثل (الوطنية) ، (الشراكة الوطنية) ، (حكومة الوحدة الوطنية) ، تنطلي عليهم ، بعد ان اكتشفوا ، نوعية الساسة الذين يتقاتلون على المناصب والوزارات ومراكز صنع القرار ، فيما أن محن المواطن في تزايد مستمر، ومعاناته تفوق معاناة اكثر دول العالم فقرا ، امام  تباهي المسؤولين بأنهم صادقوا على اكبر ميزانية في تأريخ العراق ، لا بل في تأريخ المنطقة . 

لقد كشفت ردود الفعل الجماهيرية عن حقائق كثيرة ، اكتفي بتناول بعضها :   

اولا: ان احدا  من بين الآلاف الذين استُطلِعت آرائهم، لم ينبرِ ليدافع عن الأتفاقيات السابقة ، او ليقول كلام مديح واحد بحق الحكومة او منجزاتها ، أو  ليفند دعوة الفيحاء للمطالبة  بعلنية  الجلسات  او بالتظاهر  في حالة عدم الموافقة ، لا بل ان  بعض النواب عرضوا موافقتهم (الخجولة) على الدعوة ، فيما السؤال القائم  يبقى : اين موقعكم وموقع كتلتكم وحزبكم  من موقف الشارع اليوم ؟                

ثانيا: ان الشارع العراقي يغلي من الداخل ، وليس ببعيد ان ينفجر ، ويمكن للمراقب ان يتلمس ذلك من طبيعة الردود عند المواطن ، الذي لم يذهب بعيداً حينما ينادي بالأعتصمات والمظاهرات ضد  .............!!

ثالثا: بينت الوقائع ، حجم البون الشاسع بين المسؤول والمواطن ، وأيضاً بين الكتل  الحاكمة، التي تقتسم كعكعة العراق ( بالســر والعلن ) فيما معاناة المواطن لا نهاية منظورة لها. وأن هذه المواطن (على الأقل بعضهم) صار يتوعد السياسيين بالأنتخابات القادمة! خصوصاً وهو ينصت لمطالبة رئيس البرلمان بتخصيص اراضي سكنية لاعضاء البرلمان الحالي ، اضافة الى التقاعد المرتفع  والمخصصات والحماية والسيارة رباعية الدفع والجواز الدبلوماسي ، تماما كما يحصل في العالم المتحضر!!                                     

رابعا: كشفت الأزمة الحالية ، ان المشكلة بين السياسيين، هي في الجوهر تتلخص في الحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم، التي لا علاقة لها البتة بمستقبل العراق أو بحاجات المواطن العراقي ، فهذا المؤتمر المنتظر هو للمصالحة بين الكتل المتخاصمة ....بينما قضية المواطن العراقي وتلبية حاجاته، فقد ظلت غائبة في كل هذه الأجتماعات والأتفاقيات والأوراق التي قدمت أو الزيارات ، واللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية وو..

خامسـا: ان تبني فكرة بث وقائع المؤتمر بشكل علني، ستكشف حقيقة اللاعبين السياسيين ، وستفضح الكثير من المواقف والأجندات التي يعملون بها . كما ستميط اللثام عن حقيقة هؤلاء الساسة الذين يخرجون علينا مبتسمين في اجتماعاتهم السياسية دائما  .                            

ســادسا: كنت اتمنى ان اكون في غرف اجتماعات قادة الكتل وبرلمانييهم  وهم يستمعون الى آراء الناس بهم ، نفس الناس الذين انتخبوهم وأوصلوهم الى هذه المراكز ، وكنت سأسأل نفسي : هل تخجلون مما يقوله المواطن عنكم ...ام ماذا ؟                              

ربما سيكون من السابق لأوانه القول بنجاح او فشل هذا الأجتماع ، لكن المعطيات المتوفرة ، وأستنادا الى ارادة هذه الكتل والأحزاب تكشف حقيقة مرة ، وهي ان لا جدية في عقد هذا الأجتماع اساســا ، ناهيك عن فكرة بث(كامل) وقائعه علنية ، وأمام الملأ!! فهذه مغامرة لن يقدم عليها حتى اكثر العقلاء من بين ساستنا ، وأن فكرة الأعتصامات  والتظاهر ، ستواجه  مواجهة لن تكون سهلة ، وربما تكون هناك طبخة لمنعها من الأنطلاق اصلا ، بدعوى (الخوف) على المتظاهرين من الأعتداءات الأرهابية ، او من الخشية لأستغلال (البعث) لهذه التظاهرات وتجييرها لهم!! هذا ان لم يدعي المسؤولون ، بأن هناك بيانات  اصدرها حزب البعث المنحل تدعو الناس للتظاهر ضد حكومة الوحدة والشراكة الوطنية، وبالتالي فهي تستهدف مجمل منجزات العملية السياسية ....كذا !!

ان الأحداث تكشف دون لبس ، بأن طريق المحاصصة الطائفية والأثنية ، وسياسة الصفقات السرية  ، لن تدوم كثيرا ، وقريبا سينقلب السحر على الساحر ، وكما قال احد ضيوف برنامج " فضاء الحرية " ، فأن الكل متورط ، لأن الكل وقع على " وثيقة اربيل التأريخية " ، لكنهم اختلفوا في التطبيق !! اذن لا احد افضل من احد ، ولا داعي للمزايدات  .

اخيرا ...ان مشاكل العراق ليست في قضية عقد الأجتماع الوطني من عدمه  ، فهذه الأجتماعات تهدف لأخفاء تجاعيد العملية السياسية ، وطمس معالم سرقات وتجاوزات الكتل الحاكمة .                         

ومعاناة شعبنا تكمن في نوعية القادة والوزراء والبرلمانيين والساسة الذين يتحكمون بمصير اكثر من 30 مليون عراقي ، هؤلاء الذين اثبتت الأيام فشلهم الذريع في انقاذ سفينة الوطن ، لا بل ان  السفينة صارت تعاني من التعب والإجهاد الشديد ، والخشـــية من انها ستغرق بمن فيها ، اذا تعرضت للأمواج العاتية او الرياح العاصفة ، وما اكثرها!                                                                           

الحل يكمن الآن في اصدار قانون عصري للأحزاب ، وتعديل قانون الأنتخابات ، ثم الدعوة لأنتخابات مبكرة ، بأمل ان يكون الشعب العراقي قد استوعب دروســه من الأحزاب المهيمنة على العملية السياسية وأن يحسن الأدلاء بصوته لمن يضع العراق والعراقيين نصب اعينه وليس اي شئ آخر .


 


 

free web counter